قضايا وآراء

مخاوف إسرائيل سياسة أميركية وأوروبية جديدة

| تحسين الحلبي 

يبدو أن تزايد المخاوف والقلق الإسرائيلي من الإنجازات التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه في الآونة الأخيرة في الحرب على المجموعات الإرهابية هو الذي دفع وزير الدفاع الإسرائيلي (ليبرمان) لدعوة الرئيس المنتخب ترامب إلى عدم تغيير السياسة الأميركية تجاه سورية وإيران، ففي الندوة السنوية التي يعقدها مركز أبحاث «سابان» الأميركي الإسرائيلي الذي يشبه مجموعة (ايباك) الإسرائيلية الأميركية لم يخف ليبرمان في كلمته في الندوة قلق الحكومة الإسرائيلية من احتمال قيام إدارة ترامب الرئيس المنتخب بإجراء تغيير يخفض أعباء الولايات المتحدة العسكرية والمالية في المنطقة، وقال ليبرمان: «إن إسرائيل تأمل أن تبقى الإدارة الأميركية على فعاليتها ضد سورية، فنحن نريد أميركا قوية وفاعلة في المنطقة».. وكان عدد من المسؤولين في إسرائيل قد شاركوا ليبرمان هذه المخاوف حين حذروا من أن تميل إدارة ترامب إلى الانعزال نسبياً عن التدخل المباشر في المنطقة. وبالمقابل يرى جوستين ريموندو رئيس تحرير المجلة الإلكترونية «انتي وور» أن الخوف لا يقتصر على إسرائيل من احتمالات متزايدة تدل على إمكانية حدوث تغيير في التعامل الأميركي مع مشاكل عديدة إقليمية ودولية، يقول ريموندو: «إن السياسيين في أميركا والعالم الغربي يشعرون بفزع من التغيرات المحتملة في أميركا وفرنسا وإيطاليا وهناك نهوض لسياسات قومية جديدة لا تهدد مصالح وامتيازات نخب المديرين بل تهدد أيضاً المقاييس التي نشأ عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية».. ويشير ريموندو إلى ما يمكن أن تحمله التحولات المرتقبة الأربعة وهي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفوز ترامب وما يعلن عنه من سياسة جديدة بالمقارنة مع سياسة أوباما، والمشهد السياسي في فرنسا وإيطاليا، فما يسمى باليسار الفرنسي يشهد حالة انقسام غير مسبوقة بعد صعود نجم «فرنسوا فييون» الذي أبدى عدم رضائه عن السياسة التقليدية المتبعة في فرنسا وعن «سياسة الاشتراكيين الدولية».
والملاحظ من تصريحات مرشحي اليمين السيدة «مارين لوبان» و«فييون» أن الاثنين يحملان توجهاً نحو تعزيز الدور القومي الفرنسي على حساب دور الاتحاد الأوروبي وهما معارضان لحملة الحلف الأطلسي ضد روسيا.
وفي إيطاليا تحاول حكومة «ماتيو رينزي» إجراء اصلاح في النظام السياسي واتخاذ القرار بطريقة تحول مجلس الشيوخ الإيطالي إلى مجلس استشاري من دون أي صلاحيات وتعزيز دور الحكومة المركزية على حساب الحكومات المحلية… وفي ساحة الأحزاب الإيطالية يدعو حزب «النجوم الخمس» الذي أسسه «فرانشيسكو غريللو» إلى تحصين إيطاليا القومية واتباع سياسة غير معادية لروسيا وعدم التعويل على مستقبل الاتحاد الأوروبي، وفي النمسا تزداد فرص حزب الحرية اليميني المعارض لفكرة الاتحاد الأوروبي في الفوز بمزيد من المقاعد ولا تختلف مواقف أحزاب صاعدة في بولندا وهنغاريا عن مواقف الأحزاب والحكومات التي بدأت تشكله بضرورة وجود اتحاد أوروبي… ويبدو أن سياسة إدارة أوباما في السنوات الأربع الماضية الهادفة إلى تحريص الدول الأوروبية ضد روسيا ونشر الصواريخ في عدد من دولها بدأت تفشل وتولد سياسة جديدة، فقد وجدت أحزاب كثيرة في الدول الأوروبية أن نهاية اللعبة الأميركية ضد روسيا في أوروبا والشرق الأوسط ستنتج فترة حرب باردة جديدة في أوروبا والعالم، ولا تدفع ثمنها في النهاية سوى أوروبا بالمقارنة مع الولايات المتحدة وربما ولدت هذه المخاوف التي ظهرت مؤشراتها في السنتين الماضيتين بعد صعود النجم الروسي على المسرح الدولي، اجتهادات وخيارات سياسية في عدد من الدول الأوروبية التي تسعى إلى تحقيق دور جديد بهامش مناورة سياسية واسعة تتجاوز قواعد اللعبة الأميركية ونظامها العالمي وهذا ما يزيد من مخاوف إسرائيل خصوصاً حين تتعدد أقطاب القوى الكبرى في العالم وهذا ما يخاف منه نتنياهو وليبيرمان اللذان يفضلان عالم القطب الواحد الأميركي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن