قضايا وآراء

العولمة والإرهاب واتجاهات الاقتصاد العالمي… مع فوز ترامب

| د. قحطان السيوفي 

ثمة شبه إجماع على أن انتخاب الرئيس الأميركي ترامب، كان، كأسباب ونتائج، مؤثراً وقوياً في اتجاهات الاقتصاد الأميركي والدولي في ظل العولمة والإرهاب.
ترى هل سيعيد ترامب رسم خريطة التجارة العالمية والحمائية؟ رغم الهزة السلبية نسبيا في الأسواق العالمية ؛ عند إعلان فوز ترامب، فإن الأسواق سرعان ما استعادت توازنها، ولوحظ أن أسهم المصارف الكبرى زادت بما يتراوح بين 5 و7 %.
البعض يرى أن ترامب سيُركز بشكل رئيسي على الاقتصاد الأميركي، وستشهد ولايته درجة أعلى من الحمائية الاقتصادية، ما قد يؤدي لحرب عملات ونزاعات تجارية قوية، وسيؤثر ذلك في نمو الاقتصاد الدولي.
يقول (داني رودريك) أستاذ الاقتصاد السياسي في جامعة هارفارد: تُرى هل كان الاقتصاديون المؤيدون للعولمة مسؤولين جزئيا عن الفوز المذهل الذي حققه دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية؟ وذكر في كتابه (هل تجاوزت العولمة الحدود؟) أن الإفراط في العولمة في غياب استجابة حكومية من شأنه أن يفضي إلى تعميق الانقسامات المجتمعية. البروفيسور (جيفري بارتون) أستاذ الاقتصاد الدولي والاستشاري في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يرى أن هناك عدداً من الآليات ستنعكس بها سياسة ترامب على الاقتصاد الدولي، لافتا إلى أن من ضمن الآليات غير المباشرة طبيعة السياسات التي سيتبعها لإصلاح الاقتصاد الأميركي، حيث يتم الانتقال من الاقتصاد الاقتصادي إلى الاقتصاد السياسي… كما أن انتعاش الاقتصاد الأميركي أو تراجعه سيؤثر في الاقتصاد الدولي…. بالمقابل فإن الواقع الاقتصادي قد يفرض نفسه، إذ يلاحظ أن أول التصريحات الاقتصادية التي صدرت عن ترامب في أعقاب فوزه ولقائه الرئيس باراك أوباما، تصب في مصلحة المصارف الكبرى، حيث تعهد بالتخلص من عديد من القيود التي تحد من حريات المصارف، التي تم تبنيها خلال مواجهة الأزمة المالية لعام 2008، إذ إن جوهر سياسته هو مزيد من المنافسة، ما سينعكس على الاقتصاد الدولي، وهناك وجهة نظر أكثر تفاؤلا بشأن مستقبل الاقتصاد العالمي ( تشارل هوجهارت) المختص الاستشاري الاقتصاد العالمي في ظل حكم ترامب، يرى أن النمو سيرتفع إلى حدود 4 %، فأولا هناك مناخ تفاؤلي بين كبار رجال الأعمال في العالم بشأن الانعكاسات الإيجابية لسياسة ترامب الاقتصادية على قطاع الأعمال… بالمقابل الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للصين، ولا نعتقد أن الصين يمكن أن تدخل في مواجهة مع الولايات المتحدة. أما (دان هيلار) الباحث في منظمة التجارة العالمية، فله رأي آخر يقول «أعتقد أن العالم لم يكن قريبا من اندلاع حرب تجارية بمقدار ما هو عليه الآن بسبب وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة، فتعهد ترامب بفرض رسوم جمركية مرتفعة على الصادرات الصينية، والضغط على الشركات الأميركية للانسحاب من الأسواق الصينية، لا يمكن إلا أن تواجهه بكين بسياسات مماثلة، وإذا أدركنا أن حجم التبادل التجاري بين بكين وواشنطن بلغ 250 مليار دولار سنويا، أي ربع التجارة الدولية في مجال الصادرات، فعلينا أن نتخيل حجم الاضطراب الذي يمكن أن يحدثه الخلل في العلاقة بين الأصدقاء والأعداء.
خلال حملته الانتخابية، كان الرئيس الأميركي المنتخب، ترامب، من أشد منتقدي منظمة التجارة العالمية واتفاقات التجارة الحرة الإقليمية التي وقعتها الولايات المتحدة، واصفا الأولى بـ«الكارثة» والثانية بـ«المؤذية» للاقتصاد الأميركي.
أخيراً، إن التداعيات السياسية في الولايات المتحدة، وأوروبا تركت انعكاسات سلبية على الاقتصادات الغربية؛ ضعفاً وتراجعاً وتباطؤاً في النمو الاقتصادي، ومزيداً من البطالة في ظل العولمة، إضافة إلى الإرهاب وعدم الاستقرار… ناهيك عن تحالف الدول الغربية مع حكومات شرق أوسطية داعمة وممولة للإرهاب، ما أدى إلى ردود فعل شعبية سلبية ضد الطبقة السياسية الحاكمة ونتائج مُزلزلة في صناديق الاقتراع في الغرب وجاءت بترامب رئيساً للولايات المتحدة، كما أطاحت مسبقاً بالرئيس الفرنسي هولاند. ومن المتوقع أن الرئيس ترامب، بعد توليه السلطة، يمكن أن يكون أكثر واقعية ما دامت الولايات المتحدة غير قادرة على القيادة أو الهيمنة على الاقتصاد العالمي، وهي عملياً بحاجة إلى بقية العالم في زمن تطل فيه النزعات القومية، والحمائية برأسها إيذاناً بالبدء التدريجي لأفول نجم العولمة… إضافة إلى خطر الإرهاب، الذي لم تكن إدارة أوباما جادة في محاربته، ما أدى إلى نشر المزيد من الخوف في المجتمعات الغربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن