سورية

لافروف في حيرة من تراجع واشنطن عن مبادرة كيري بخصوص شرقي حلب.. والأخير ينفي المماطلة … اجتمـــاع جنيــــف في مهــــب الريــــــاح

| الوطن – وكالات

لم يكد الحبر يجف عن المقترحات التي قدمها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف بخصوص تسوية أزمة حلب، حتى تراجعت واشنطن عن تلك المقترحات، وهو ما فسره لافروف بأنه محاولة من داخل المؤسسات الأميركية للإساءة بشكل شخصي للوزير كيري. لكن الأخير نفى أي مماطلة من الجانب الأميركي.
وجاء سحب الدبلوماسية الأميركية مقترحاتها القاضية بانسحاب المسلحين الكامل مما تبقوا به من الأحياء الشرقية لمدينة حلب، قبل ساعات من انعقاد لقاء الخبراء الأميركيين والروس في جنيف لوضع اللمسات النهائية على الاتفاق. ويؤكد التراجع الأميركي، ما أعلنه الكرملين من أن روسيا لا ترفض العمل مع إدارة الرئيس باراك أوباما حول سورية، بانتظار تسلم دونالد ترامب مهامه في العشرين من الشهر المقبل.
وحملت موسكو المسؤولية عن استهداف المسلحين للمستشفى الميداني الروسي في حلب لرعاة المسلحين الأميركيين والفرنسيين والبريطانيين، ملمحةً إلى دور خارجي في هذا الاستهداف.
وكان من المفترض أن يناقش الخبراء الروس والأميركيون اليوم الأربعاء، بعد تأجيل ليوم واحد، مبادرة لإنهاء أزمة حلب، التي تتضمن «خروج جميع المسلحين» من شرقي حلب وفق مسارات معينة ومواعيد محددة، وإعلان وقف إطلاق النار هناك وإيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين. واشترطت موسكو اعتبار كل من يرفض الخروج بموجب العملية الروسية الأميركية «إرهابيين»، متوعدة بتقديم الدعم للجيش السوري لضربه. وأبدت الدبلوماسية الروسية تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع الأميركيين. لكن الآمال الروسية انهارت وتحولت إلى الحيرة.
وخلال مؤتمر صحفي مع الأمين العام لمجلس أوروبا توربيون ياغلاند في موسكو، أعلن لافروف «فشل» مبادرة كيري حول حلب، مؤكداً أن «اقتراح خروج المسلحين ليس مطروحاً حالياً لأن روسيا والولايات المتحدة لم تتوصلا إلى اتفاق بهذا الشأن». وعزا إخفاق مبادرة كيري لأن «واشنطن أبلغت موسكو سحب اقتراحاتها السابقة، وبعدم إمكانية بدء المشاورات بهذا الشأن.. (اليوم) الأربعاء». ومضى قائلاً: «الجانب الأميركي يتراجع للمرة الثانية منذ بداية أيلول الماضي عن التوصل إلى اتفاق حول تسوية الأوضاع في حلب»، لافتاً إلى إخفاق إقامة «حوار جدي» مع الولايات المتحدة بشأن حلب.
في المقابل، أكد وزير الخارجية الأميركي أن واشنطن لا تماطل الروس حيال البحث في تسوية أزمة حلب، ونفى رفض أميركا إجراء مباحثات مع الروس حول المدينة.
ولم يخف لافروف حيرته حيال عملية صنع القرار في واشنطن، وقال: «لا أفهم من يتخذ القرارات في واشنطن»، مشيراً إلى «أن هناك على ما يبدو قوى تسعى إلى الإساءة لشخصية جون كيري».
أمام هذا الموقف المحير، أعاد رئيس الدبلوماسية الروسية التشديد على موقف روسيا حيال أزمة حلب، متعهداً بالقضاء على «الإرهابيين الرافضين».
وبدا اجتماع الخبراء في جنيف في مهب الريح، على الرغم من أن الكرملين أكد حدوث اللقاء. وأعلن السكرتير الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف أن خبراء روسيا والولايات المتحدة سيناقشون الوضع السوري في جنيف.
من جهة أخرى، نفى بيسكوف أن تكون موسكو رافضة عقد اتفاق جديد حول حل الأزمة في سورية مع واشنطن قبل تسلم ترامب مقاليد السلطة. وبيّن أن «الأمر ليس بهذا الشكل فقد استغل الرئيسان الروسي والأميركي فرصتهما لتبادل الآراء بشكل مقتضب في ليما عاصمة بيرو حيث جرت فعاليات قمة ابيك الشهر الماضي وتناولا هناك الشؤون السورية واتفقا على مواصلة العمل»، مضيفاً: إنه في سياق رؤية الرئيسين يواصل لافروف وكيري دراسة مختلف الخيارات والاقتراحات وتبادل الآراء مستمر لكن الوضع يتطور بطريقة غير سهلة. وخلال الأيام الماضية، ذكرت تقارير إعلامية أميركية أن كيري يسعى إلى عقد اتفاق مع موسكو ينهي أزمة حلب الحالية، قبل وصول فريق ترامب إلى السلطة، وذلك بسبب مخاوف إدارة أوباما من احتمال تخلي الإدارة الجديدة عن دعم المعارضة السورية المسلحة نهائياً.
على خط موازٍ، رفض المتحدث باسم الرئاسة الروسية التعليق على سؤال بشأن اتهام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتزويد الإرهابيين بإحداثيات المشفى الروسي المتنقل في حلب، لكنه أكد أن القصف كان موجهاً وأن الإرهابيين كانوا على علم مسبق بإحداثيات موقع المشفى. وأعرب عن أسفه لردود الأفعال الدولية، ولا سيما الأميركية، التي وصفها بأنها ضعيفة، على هذه الجريمة. وأوضح أن روسيا سترحب بدور أكثر نشاطاً للشركاء الغربيين من أجل تسوية قضايا سورية الإنسانية.
وتطابقت تعليقات لافروف بخصوص المشفى مع تأكيدات بيسكوف، وقال: «نحن واثقون أنها عملية مخطط لها سابقاً من الذين يحاولون الحفاظ على مواقعهم وتغطية من يدعمهم في الخارج». وأعرب عن أسفه بأن «تتباهى الدول الغربية بحرصها على الوضع الإنساني في حلب في وقت تواصل دعمها للإرهابيين فيها».
وبدوره، أشار المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف في تصريح له إلى أن «مسؤولية قصف المشفى تقع على عاتق رعاة الإرهابيين في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمتعاطفين معهم»، مؤكداً أن «مسلحي المعارضة السورية» يتحملون أيضاً مسؤولية القصف وأن موسكو تعرف مصدر حصولهم على إحداثيات المشفى الروسي في حلب.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن كوناشينكوف قوله: إننا «كنا نأمل على الأقل باحترام اللجنة الدولية للصليب الأحمر لأنشطة أطبائنا في حلب وإدانتها ممارسات المسلحين الذين ينتمون إلى ما يسمى المعارضة ولكننا استلمنا من اللجنة تعليقات وقحة لا تتوافق مع الوضع الرفيع للمنظمة ولا تدل على موضوعية مسلكها بل على لا مبالاتها فقط إزاء مقتل الطبيبتين الروسيتين في حلب».
وكانت اللجنة أعلنت أن هذا «الحادث يدل على مجرد عجز جميع أطراف الصراع الدائر في حلب عن تنفيذ مسؤولياتها واحترام وحماية الأطباء والمرضى والمستشفيات» وفق وصفها.
وأرسلت روسيا الاتحادية فريق أطباء روسيا ومشافي متنقلة إلى سورية خلال الأيام القليلة الماضية للمساهمة مع المؤسسات الصحية السورية في تقديم الخدمات الطبية للأهالي في مدينة حلب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن