ثقافة وفن

المعرض وطني ويحمل رسالة إنسانية سامية … الفنانة القبرصية جانان جان لـ«الوطن»: فن الرولييف والأبرو مصدر رزق لجرحى الجيش السوري

| سوسن صيداوي

كان اللقاء الأول في عام 1995 وحين وطئت قدمها ثرى الشام لأول مرة، لفّها شعور من الروعة والفرح والسعادة بمكان تراه لأول مرة في حياتها، وبالنسبة لنا نحن السكان المحليين الأمر ليس بغريب، فمن منا لا يعشق أو يذوب قلبه عند لقاء شامنا ليلاً وهي متلألئة بأضواء فتّانة. من أصابها الهوى الدمشقي هي الفنانة القبرصية جانان جان، جاءت إلى دمشق وبقيت فيها نحو عشرين عاماً، واليوم تقف معها رافضة مغادرتها حتى تشهد فرحها وانتصارها من جديد، وربما بعد، فهي تقول بأنها ستبقى مساكنة دمشق حتى يومها الأخير من العمر.
برعاية وزارة الثقافة والهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، أقيم المعرض الفني الأول للفنانة القبرصية بعنوان: «رولييف» في دار الأسد للثقافة والفنون في دمشق، والذي عرضت خلاله لوحات للرسم على القصدير وأخرى باستخدام فن الأبرو- الرسم على الماء- والزخرفة. ويستمر المعرض حتّى الـ29 من الشهر الحالي.

سيرة ذاتية

الفنانة القبرصية جانان جان من مواليد 1960، درست المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في قبرص، ثم التحقت بجامعة معمار سنان للفنون الجميلة باسطنبول في قسم الديكور الداخلي وعملت في نفس المجال، تعلمت فن الأبرو_الرسم على الماء_على يد الأستاذ فؤاد بأشار والأستاذة هولياء ايلتر، والفنانة لا تزال مقيمة في سورية من عام 1995، وتعلمت اللغة العربية في جامعة دمشق قسم الآداب وفي معهد اللغة العربية، كما اجتهدت على نفسها أكثر وتعلمت الرسم في مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية في عام 2013.
جانان جان.. معرضي سوري وطني

حمل المعرض اسم «رولييف- النحت البارز»، وكانت استخدمت الفنانة القصدير لأنه خفيف الوزن وسهل التّشكيل، وحب الفنانة لسورية الحضارة واضح في موضوعات لوحاتها التي جسدت الحضارة السورية مثل السيف الدمشقي، تمثال صلاح الدين الأيوبي، الجامع الأموي، نواعير حماة، دير معلولا، إضافة إلى الوردة الدمشقية والصوفية والرقصة المولوية والخط العربي.
عن المعرض واللوحات والألوان تحدثت الفنانة جانان جان «أنا قبرصية الأصل، وأمر طبيعي أن أحبّ سورية بما أننا جيران جغرافياً، ولكنني أحبها بشكل خاص لتاريخها وحضارتها وثقافتها وطبيعتها، وبخصوص مواضيع المعرض فهي سورية تماماً لأنّها تحمل رسالة حب وسلام من قبرص إلى سورية، وعن الرولييف فهو فن قديم أصله مصري، وقررت بأن تكون المادة بين يدي معدنية، وبالتالي النحاس ورقي والفضة ورقية والقصدير ورقي لأنه سهل التشكيل الفني، واشتغلت عليه فن «الأبرو» وهو الرسم على الماء، والتراب الذي استخدمته هو تراب حقيقي وسوري المصدر ولا يوجد فيه أي مواد كيمياوية، ومعرضي «الرولييف» هو وطنيّ ويحمل رسالة إنسانية سامية، وخاصة بعد السنوات الست من الحرب على سورية وما خلّفته من جرحى في صفوف الجيش العربي السوري، وبالعودة للهدف من المعرض فهو مساعدة الجرحى من خلال الرسومات وفن الرولييف والأبرو، بتعليمهم هذا الفن كي يتخذوه مصدر عمل أولاً ومن ثم مصدر رزق، وسنبدأ في هذا المشروع بعد انتهاء المعرض، فالمعرض ليس بهدف شخصي لي حتى لو كنت قبرصية، فسورية وطني الثاني، وعندما تكون سورية بخير فكل ما يجاورها من دول تكون بخير، وبالنسبة لي سورية هي جنة الأرض ولم أستطع مغادرتها وسأبقى فيها حتى موتي.. فأنا أعشق الشام.

جانسيت قازان.. رأيي منحاز للفنانة
المعرفة الشخصية بالفنانة أعطت عمقاً بآراء الحضور في المعرض ومن بين الحضور كانت عضو مجلس الشعب جانسيت قازان التي اعتبرت نفسها منحازة للفنانة جان وخاصة أنها تابعت الأعمال منذ إنجازها «أنا رأيي منحاز لأن الفنانة تمتلك حساً فنياً عالياً، وهي فنانة بالأبرو والرولييف وبالكروشيه والأشغال اليدوية، ولهذا المعرض خصوصية لأنها تكرس أموراً رأتها في الحرب ولكنها تقدمها بحس مرهف يبعث الأمل والفرح من خلال الألوان التي اختارتها، وهي مُحبّة لسورية لدرجة العشق والأمر واضح في المواضيع، وأعرف بأنها تعمل على هذا المعرض منذ عام وأظن بأن المعارض القادمة ستكون أجمل وأفضل».

أيسر الميداني.. تقنية العمل مختلفة
من بين الحضور في المعرض كانت الدكتورة أيسر الميداني التي لاحظت تنوع الموضوعات وجمال فكرها الروحاني الذي لمسها معتبرة «في اللوحات إبداع تقني مختلف من خلال العمل على النحاس فهو نافر في حين يكون عادة العمل هو حفر على المعادن، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى التلوين على المعادن فهو أمر نادر، والناحية الثالثة المواضيع التي جسدتها الفنانة جميلة جداً والأمر واضح لأنها تحب المرأة، إلهة الحب والجمال، فعشتار هي رمز من رموز سورية الكبيرة، واللوحات تمثل فكراً روحانياً قوياً يلمس الناظر بطريقة مباشرة وتدخل إلى قلبه بسرعة، هذا إضافة إلى رمزيتها لأن الفنانة من قبرص وهو بلد مجاور لسورية وحليف في صراعنا ضد الأتراك في هذه الفترة العصيبة التي تمر علينا».

عارف الطويل.. سوريتي في اللوحات
الفنان يتصف بحسه المرهف ورؤيته واستدراكه لأمور لا يلحظها الآخر، ومن بين الحضور كان الفنان عارف الطويل الذي قال: «رأيت تاريخي وتراثي وسوريتي في المعرض على الرغم من أن من قامت به هي فنانة غير سورية، ولكن سورية حاضرة فيها وفي أعمالها بشكل واضح، وهذا أمر يؤكد أن سورية، دائما، هي بلد حضاري ويحتضن كل المبدعين وكل الفنانين والأدباء، فسورية لا تخص السوريين وحدهم بل تخص كل العالم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن