سورية

بخلاف ما هو شائع ولأول مرة منذ أشهر…الحلبيون متمسكون بمدينتهم والعائدون أكثر من المغادرين

حلب- الوطن : 

أشارت الإحصاءات غير الرسمية والتقديرية التي حصلت عليها «الوطن» من شركات النقل التي تسير حافلاتها من حلب إلى باقي المحافظات السورية ذهاباً وإياباً إلى أن أعداد القادمين من الركاب إلى المدينة أكبر من أعداد مغادريها ولأول مرة منذ أشهر بخلاف التوقعات التي ذهبت إلى خلاف ذلك. وأشار صاحب إحدى شركات نقل الركاب إلى أن عدد المغادرين من حلب كان أقل بـ25 بالمئة من عدد العائدين إليها، في حين زادت النسبة إلى 30 بالمئة لدى شركة نقل أخرى تسير رحلاتها إلى حماة وحمص ودمشق والساحل السوري.
وكانت موجة نزوح كبيرة شهدتها حلب منذ نحو 3 أشهر إبان سلسلة من الأحداث افتعلتها مجموعات مسلحة بشن هجمات مكثفة نحو الأحياء الآمنة انطلاقاً من المدينة القديمة ولاسيما باتجاه حي الجديدة، وتكللت بإطلاق القذائف المتفجرة على تلك الأحياء وارتكبت مجزرة في حي السليمانية الذي روع سكانه حجم الدمار وأعداد الشهداء بقي مخطط بيانها في ارتفاع طوال الفترة الماضية، وخصوصاً في الأحياء المجاورة لحي بني زيد مثل مساكن السبيل إضافة إلى شارعي تشرين والنيل.
ذروة التهجير القسري لسكان حلب رافقت التصعيد والحرب النفسية إبان الإعلان عن تشكيل «غرفة عمليات فتح حلب» تيمناً بشقيقتها الإدلبية، وأصيب الأهالي بموجة ذعر خشية تكرار سيناريو إدلب في حلب مع كل موعد يضربه المسلحون لاختراق المدينة وكسر «الستاتيكو» الميداني الذي تم الحفاظ عليه لفترة طويلة.
«الوطن» استقصت آراء عينة عشوائية من السكان حول رغباتهم في مغادرة المدينة أو البقاء فيها، فالأكثرية شددت على التمسك بمدينتهم حتى آخر رمق، فبين أحمد.س (طالب ثالث ثانوي) من حي الموكامبو أنه كان ينوي ترك حلب مع أهله بعد انتهاء امتحاناته مباشرة إلا أن إخفاق تصعيد المسلحين الأخير باتجاه الأحياء الآمنة وصمود الجيش العربي السوري المبهر طمأنه مع كثير من أقربائه وأصدقائه الذين حذفوا فكرة السفر من أجندتهم.
وبعكس ما توقع كثيرون بأن أعداداً غفيرة من سكان المدينة ستغادر حلب فور انتهاء امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، حوّل الحلبيون وجهة سفرهم من باقي المحافظات إلى الشهباء أخيراً لقناعتهم بأن «فتح حلب» أصبحت من مخلفات الماضي، تشهد على ذلك حركة الأسواق المكتظة بالمتسوقين خلال الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك على الرغم من موجة التصعيد الذي سبقته واستهلته.
وأكد بائع بسطة في شارع النيل بأن حركة المغادرة مرتبطة بتساقط قذائف الهاون وأسطوانات «مدفع جهنم» التي تؤدي إلى قتل الأبرياء وتراجع الأشغال، ويمكن اعتبارها السبب الأول في تهجير السكان لكن أغلبيتهم صامدون واعتادوا على نسق حياة معين على الرغم من ذلك.
وأوضح أحد قاطني حي الفرقان أن كثيراً من السكان غادروا المدينة بسبب سوء الخدمات التي تفتقر المدينة إلى الأساسية منها مثل الكهرباء التي تنقطع لأيام باستمرار وليس هناك جدول تقنين شبه دائم لها، بالإضافة إلى المياه التي لا يمكن التأقلم مع شحها وارتفاع ثمن الصالح منها للشرب من المناهل المجانية العائدة لمجلس المدينة.
كما لعب انقطاع خدمة الإنترنت لنحو ثلاثة أشهر، من دون تصريح رسمي باقتراب أمل عودتها أو إيجاد حل بديل قريباً، دوراً كبيراً في هجرة الأهالي وخصوصاً ممن ترتبط أعمالهم بشكل مباشر بالشبكة العنكبوتية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن