قضايا وآراء

نظام عالمي جديد يدفن نظام أوباما الأحادي القطب

| تحسين الحلبي 

حين تصبح حكومة أردوغان أمام مفترق طرق سياسي شائك وتتراجع علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي مقابل احتمالات الانفتاح نسبياً على موسكو وإبداء التجاوب مع بعض أفكارها فإن هذه المؤشرات من الطبيعي أن تنقل تأثيراتها في المنطقة بشكل عام وفي إيران وسورية وحلفائهما بشكل خاص.
وهذا على الأقل جزء مما يتطرق إليه (فيدريكو بيراتشيني) في المجلة الإلكترونية (مؤسسة الثقافة الإستراتيجية) في عنوان عريض: «الوضع الجيوسياسي والعولمة والنظام العالمي» حين يقول: إن «التحالف الصيني الروسي الإيراني أثبت أنه نجح في اتخاذ تدابير توقف إجراءات التدخل والغطرسة الأميركية وخصوصاً بعد التغيرات التي دعا الرئيس المنتخب ترامب إلى اتخاذها في السياسة الخارجية وأهدافها وأولوياتها».
ويتوقع (بيراتشيني) أن تشهد المنطقة والعالم قريباً قواعد نظام عالمي جديد يختلف عن النظام الذي تكتمل قواعده بعد الفشل الذي شهدته السياسة الخارجية الأميركية في عهد أوباما.
ويؤكد في تحليله فشل سياسة استخدام القوة العسكرية التي انتهجتها إدارة أوباما للسيطرة على دولة أو حكومة في الشرق الأوسط وهذا ما بدا واضحاً مما حدث في أوكرانيا ومما حدث في سورية.
إضافة إلى ما يراه (بيراتشيني) يلاحظ المراقبون أن التدخل العسكري الأميركي وكل من تحالف معه من دول المنطقة جلب للدول الحليفة لواشنطن خسارة متعددة المستويات والجوانب تفاقمت بسببها أزماتها في السياسة الداخلية والخارجية فهذا ما تعانيه الآن تركيا والمملكة السعودية والمملكة الأردنية وهي دول ستجد أن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب مقبلة على إجراء تغيير في أهدافها وأولوياتها من دون أن تتشاور معها.
ومن الناحية الأخرى لا يبدو أن هذه الدول لن تكون أمامها خيارات بديلة من التجاوب أو الاستجابة مع تغيير أميركي يطرأ تجاه سورية وإيران والعراق بعد فشل سياسة أوباما الخارجية… ويرجح بعض المحللين في الولايات المتحدة أن يجد الاتحاد الأوروبي نفسه منشغلاً في مرحلة استيعاب هذه التطورات بطريقة تجمد قدرته على التحرك بعد أن راهن على استمرار سياسة أوباما وفوز هيلاري كلينتون بانتخابات الرئاسة.
وفي ظل هذه التطورات يبدو من الواضح أن الرئيس بوتين لا يضيع أي ساعة من وقته لتحييد أكبر عدد من الخصوم أو الأعداء عن ساحة عمله السياسي والعسكري في المنطقة وخصوصاً بعد اختراقه لساحة أردوغان ومراهنته التي يحتمل الكثيرون نجاحها في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الرسائل التي بعث بها الرئيس الأميركي المنتخب «ترامب».
ويعول المتفائلون بانتقال العالم إلى بوابة نظام عالمي جديد يغلق بوابة «بوش أوباما» المتغطرسة الأحادية في المنطقة على الانتصار السوري في حلب والانتصار المقبل حتماً للعراق في الموصل، فمن خلال هذين الانتصارين على المجموعات الإرهابية من المقدر أن تتعزز علاقات التعاون والعمل المشترك بين طهران وبغداد ودمشق بشكل متصاعد بمشاركة تعاون وثيق روسي وصيني يدشن في ساحة الشرق الأوسط استقراراً قائماً على أهداف مشتركة لاستكمال تصفية أشكال الإرهاب التكفيري كافة من هذه المنطقة وعزل كل من يدعم خطاب الإرهابيين وأهدافهم، ولذلك تتوقع مجلة «مؤسسة الثقافة الإستراتيجية» أن تشهد الأيام المقبلة من عام 2017 تحولات في سياسات عدد من الدول الأوروبية تفرضها عوامل التكيف مع إطلالة قواعد عمل دولية جديدة من المقدر أن تجمع بين أهم القوى الكبرى في العالم لاستبعاد أي احتمال لحروب باردة كان أوباما يسعى إلى فرضها في السنوات الأربع الماضية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن