اقتصاد

بعد تأثرها باحتدام الصراعات وانخفاض أسعار النفط خلال 2016 … وصفة «النقد الدولي» لبلدان الشرق الأوسط: حماية المؤسسات وتلبية احتياجات المواطنين الأساسية واستخدام النقد والصرف لتعزيز الثقة

ظلت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه هذا العام اثنين من القضايا الاقتصادية والجغرافية- السياسية الأكثر إلحاحاً، وهما احتدام الصراعات في المنطقة والهبوط الحاد في أسعار النفط العالمية على مدار العامين الماضيين.
جاء ذلك في عرض تحليلي نفذه صندوق النقد الدولي للعام الجاري (2016)، نشره على موقع مدونة الصندوق «النافذة الاقتصادية»، مبيناً فيه أن اقتران هذين العاملين يؤدي إلى أثر عميق على آفاق النمو في المنطقة على المديين القصير والطويل.
وبحسب خبراء الصندوق، فهناك تحد كبير آخر أمام الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو التكاليف المترتبة على الصراعات واسعة النطاق، فقد تعرضت المنطقة لصراعات أكثر تواترا وحدة مما تعرض له أي جزء آخر في العالم، ما أسفر عن خسائر إنسانية جسيمة. وظهرت أطراف عنيفة لا تنتمي لدول لتصبح قوى سياسية وعسكرية مؤثرة وتحتل مساحات واسعة من الأراضي.
وتفرض هذه الصراعات تكاليف تفوق التصور. وبالنسبة للآفاق المتوقعة، بلغ إجمالي الناتج المحلي في سورية عام 2015 أقل من نصف مستواه السابق على الأزمة في 2010. وفقد اليمن 25-30% من إجمالي ناتجه المحلي في 2015، على حين أدى اشتعال العنف في ليبيا إلى هبوط إجمالي الناتج المحلي بنسبة 24%، على حين يتسبب الاعتماد على النفط في شدة تقلب نمو إجمالي الناتج المحلي.
وأشار عرض الصندوق، إلى أن الصراع الدائر تسبب أيضاً في تفاقم مستويات الفقر والبطالة المرتفعة بالفعل، ما بدد مكاسب التنمية السابقة. ولم تسلم البلدان المجاورة من التأثر أيضاً.
وللحد من الأثر الفوري للصراعات، اقترح الصندوق حماية المؤسسات وإعطاء أولوية لتلبية احتياجات المواطنين الأساسية بإفساح حيز في الميزانية لهذا الغرض. ويمكن استخدام سياسات النقد والصرف أيضاً للمساعدة في تعزيز الثقة.
وإضافة إلى ذلك، على المجتمع الدولي القيام بجهد أكبر من أجل دعم البلدان في دائرة الصراعات وجيرانها. إضافة إلى المساهمة في تكثيف المساعدات الإنسانية لتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من أعمال العنف، سواء في مناطق الصراع أم في البلدان التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين، مثل الأردن ولبنان. وتتمثل الأولوية الثانية –بحسب الصندوق- في المساعدة الإنمائية للمساهمة في إعادة بناء البنية التحتية، وتعزيز الصلابة الاقتصادية والاجتماعية في بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وعن تأثير انخفاض أسعار النفط، بين الصندوق أن أحد التطورات المستمرة في المنطقة هو التأثير الاقتصادي لانخفاض أسعار النفط. وبينما يشهد سعر النفط تحسناً في الوقت الراهن، فإن جهود التكيف ينبغي أن تستمر. فالبلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه بيئة مملوءة بتحديات استثنائية على مستوى السياسات. وقد أدى انخفاض هذه الأسعار إلى تراجع النمو، وتسجيل عجوزات خارجية كبيرة، وزيادة المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي. ومن المشجع أن جهود التكيف المالي متواصلة، ولكن الأمر يتطلب المزيد، وينبغي تنفيذ خطط تنويع النشاط الاقتصادي.
ومع استمرار النمو السكاني السريع في هذه البلدان، يتزايد شعور المواطنين بالإحباط نتيجة قلة الفرص الاقتصادية. ومن الممكن أن يتحقق النمو من خلال السياسات الرامية إلى رفع الإنتاجية وزيادة رأس المال المادي. ومن خلال سد الفجوة مع بلدان العالم النظيرة في مجالات الإصلاحات الهيكلية الحيوية التي ترتكز عليها محركات النمو، يمكن زيادة النمو الممكن في البلدان المصدرة للنفط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى بواقع نقطة مئوية واحدة، وفي دول مجل التعاون الخليجي بواقع 1.5 نقطة مئوية، ومضاعفة النمو في البلدان المصدرة والمستوردة للنفط ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان (MENAP) غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وكذلك في البلدان المستوردة للنفط في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى. وذكر عرض الصندوق أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتميز بالتعداد السكاني المتنامي من الشباب. فهناك 60% من السكان دون سن الثلاثين من العمر ما يجعل هذه المنطقة ثاني أكثر مناطق العالم شباباً بعد منطقة إفريقيا جنوب الصحراء. وتدخل حالياً هذه المجموعة الكبيرة من الشباب في مرحلة النضج ما يفتح للمنطقة نافذة ديمغرافية حيوية يمكن أن تحقق لها النمو الاقتصادي السريع، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى زيادة الإحباط والاضطرابات. ومن المتوقع خلال السنوات الخمس التالية أن يزداد تعداد السكان في سن العمل في المنطقة -باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي- بنحو 40 مليون نسمة، أو نحو 10%، حسب التقديرات المركزية من شعبة السكان في الأمم المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن