سورية

تراشق بين موسكو وإدارة أوباما بعد استبعادها عن محادثات موسكو.. وغزل روسي مع ترامب … لاعب الشطرنج الجيوسياسي الروسي يحضر «أحجاره ونقلاته» لمفاوضات الأستانة

| أنس وهيب الكردي – وكالات

يتحضر لاعب الشطرنج الجيوسياسي الروسي لإطلاق مبادرة بشأن تسوية الأزمة السورية والمكان عاصمة كازاخستان. هذه المبادرة ستتوضع على أسس مختلفة عن طاولة جنيف. وبدأ الزعيم الروسي، الذي أكد أحد كبار مساعديه أنه يتقن لعب «الشطرنج الجيوسياسي»، تحضير أحجاره ونقلاته مع قرب انطلاق العام 2017، الذي يقدم لروسيا وعوداً كبيرة. لاختيار الآستانة درة آسيا الوسطى، مؤشرات جيوسياسية على مدى الخارطة الآوراسية، وليس فقط بالنسبة لسورية.
وجاء الرد الأميركي على استبعاد روسيا لواشنطن عن طاولة موسكو، سريعاً بفرض عقوبات جديدة على شخصيات ومؤسسات روسية وسورية، وهو ما اعتبرته الدبلوماسية الروسية مساعدة للتنظيمات الإرهابية.
وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس مع أعضاء مجلس الأمن الروسي الدائمين «التسوية السورية مع الأخذ بعين الاعتبار انتهاء عملية القوات المسلحة السورية لتحرير حلب من المسلحين، إضافة إلى سير التحضير للقاء محتمل في إطار التسوية السورية في أستانا»، بحسب ما نقل موقع «روسيا اليوم» عن المساعد الصحفي للرئيس الروسي دميتري بيسكوف.
وجاء الاجتماع ضمن استعدادات بوتين لإطلاق مشروعه الخاص بالتسوية في سورية. وسبق للكرملين أن أكد قبل أيام أن الرئيس الروسي سيجري اتصالات هاتفية عدة تمهيداً لمفاوضات أستانة، التي سيسبقها التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في كامل الأراضي السورية. وابتدأ بوتين اتصالاته بالرئيس بشار الأسد، حيث هنأه بانتهاء عملية تحرير مدينة حلب، مشدداً على أن «المهمة الأساسية في الوقت الراهن هي التوصل إلى تسوية سياسية شاملة».
وفي مؤتمره الصحفي السنوي، أشاد بوتين بدور بلاده وإيران وتركيا وإرادة الرئيس الأسد الطيبة في حل أزمة حلب، داعياً مختلف الدول إلى دعم جهود هذه الأطراف من أجل تسوية الأزمة السورية وخص بالذكر كلاً من الأردن والسعودية ومصر والولايات المتحدة.
لكن روسيا لا تعول على إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بل على الرئيس المقبل دونالد ترامب. وأشار نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف إلى أن موسكو تعتبر ترامب شريكا أفضل في التفاوض حول سورية من أوباما، لافتاً إلى أن الأول لم يربط قط بين حل الأزمة السورية ورحيل الرئيس الأسد، وأضاف: إن هذا يعني أن «لديه مساحة أكبر للمناورة مقارنة بإدارة أوباما المنتهية ولايتها».
وذكر أن روسيا سترحب بتكثيف واشنطن لعملياتها لمكافحة الإرهاب في سورية. وأردف «لا ينبغي أن يكون هناك أي غيرة أو تنافس بهذا الصدد. يجب علينا جميعاً أن نفكر في ضرورة توحيد جهودنا».
وبالترافق مع هذا الموقف الملاطف للرئيس الأميركي المنتخب، وصلت رسالة تهنئة من الرئيس الروسي إلى ترامب بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح وحلول العام الجديد.
وقال ترامب: إنه تلقى «خطاباً لطيفاً للغاية» من بوتين. وسبق لترامب أن وصف ما وصله من أفكار من الرئيس الروسي بالصائبة، وأبدى الاستعداد لتطبيقها.
هذه الإشارات الحسنة بين بوتين وترامب جاءت وسط تراشق حاد بين الحكومة الروسية وإدارة أوباما، التي تعمل جهدها لنسف العلاقات الأميركية الروسية.
وعلقت وزارة الخارجية الروسية بشكل عنيف على فرض واشنطن عقوبات جديدة على سورية وروسيا. وقالت الوزارة في بيان، حسب الموقع الالكتروني لقناة «روسيا اليوم»: «يحاولون (الأميركيون) كذلك معاقبتنا لدعمنا حكومة سورية في كفاحها ضد الإرهاب، الذي يهدد ليس فقط هذه الدولة، بل كل العالم. ونحن نلاحظ منذ فترة بعيدة أن الإدارة الأميركية الحالية مستعدة في سبيل تغيير السلطة في دمشق لمساعدة أي قوة مدمرة وتخريبية بما في ذلك جبهة النصرة التي تعتبر إحدى فصائل تنظيم القاعدة التي ارتكبت أفظع عملية إرهابية في تاريخ الولايات المتحدة».
وأضافت الخارجية الروسية بلهجة تهكمية: «على ما يبدو تناسوا في البيت الأبيض أن التشريعات الأميركية تعتبر مساعدة الإرهاب من الجرائم الجنائية الخطيرة».
وبدوره، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن روسيا لن تسمح للولايات المتحدة بتقويض مصالحها في الشرق الأوسط عن طريق استخدام العقوبات.
ووصف العقوبات الأميركية على مصرف تيمب الروسي بـ«انتقام غير لائق من الإنجازات الروسية في سورية والنجاح الذي حققته السلطات السورية في مجال مكافحة الإرهاب في الفترة الأخيرة».
وأعلن ريابكوف أن السلطات الروسية ستدافع عن المصرف الروسي الذي تعرض لعقوبات أميركية موسعة بكل الوسائل المتوفرة. وأشار إلى أن القرار الأميركي يدل من جديد على جهل الإدارة الأميركية الراحلة للآليات التي تتميز بها السياسة الروسية في الاتجاه السوري والشرق الأوسط بشكل عام ويبين عجزها عن ابتداع أي شيء جديد غير اللجوء إلى الوسيلة الوحيدة التي تتقنها في السياسة الخارجية وهي العقوبات.
وأول أمس، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات جديدة ضد المصرف الروسي شملت توسيع العقوبات الفردية ضد كبار أعضاء إدارته لتشمل حتى الآن 10 أشخاص بمن في ذلك رئيس مجلس الإدارة ميخائيل غاغلويف. كما شملت العقوبات تجاه سورية وزراء الصناعة أحمد الحمو، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات علي الظريف، والمالية مأمون حمدان، والنقل علي حمود، والإعلام محمد رامز ترجمان، والنفط والثروة المعدنية علي غانم.
وأضاف البيان الصادر عن الخزانة الأميركية «تم إضافة 23 منظمة روسية إلى قائمة العقوبات، لأعمالها المناقضة لمصالح الأمن القومي الأميركي والسياسة الخارجية، من بينها شركة الموانئ والسكك الحديدية لشبه جزيرة القرم، ومعاهد البحوث الروسية وشركات أخرى».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن