قضايا وآراء

ما بعد تحرير حلب

| ميسون يوسف 

تحرير حلب… محطة مفصلية مهمة في مسار الحرب المفروضة على سورية ومرحلة جديدة دخلتها سورية والمنطقة والعالم يستحيل على رعاة الإرهاب تجاهل تاريخها الذي كتب ببنادق الحق السوري.
ففي حلب أشرقت شمس النصر فأنارت طريق الغد مع أمل التخلص الكامل من الإرهاب وارتسمت معالم الطريق إلى الحل الذي يخرج سورية من الأزمة… فكان انتصاراً تاريخياً صنع في حلب أنتجته إرادة وعمل محكم وحثيث مركب، نصر جاء في صورة وحجم تعدى ما تخوّف منه معسكر العدوان على سورية وفاق توقعات الأصدقاء.
لقد أدارت سورية بقيادة الرئيس الأسد وبالتعاون مع الحلفاء المواجهة العسكرية والسياسية بحزم ميداني وعفو رئاسي شكلا جناحا إنقاذ المدينة التي كسرت أغلال الإرهاب لتحلق في سماء الحرية والانتصار وتهدي للشعب السوري وللحلفاء ولأحرار العالم نصرا يليق بتضحيات الشهداء ودمهم وعرق الأبطال من رجال الميدان.
وفي حلب تلقى الإرهاب ضربة قاصمة فترنح وهوى… وتلاشت فلوله في شوارع المدينة وأحيائها التي لفظته وأخرجته ولم يجد إلا الباصات الخضر ملجأ يأوي إليه ليبتعد عن المكان الذي أسر سكانه واتخذهم دروعا بشرية ليحتمي بها ويخرج من البنيان الذي أفسد وظيفته ودمر هيكله ليحولها من بناء إنتاج وإعمار إلى خنادق قتل ودمار.
في حلب تلقى داعمو الإرهاب الضربة الموجعة فدخلوا في حالة من الهستيريا والجنون وفقدوا التوازن والوعي حتى باتت مواقفهم أقرب إلى الهلوسة منها إلى الموقف الدبلوماسي الموزون حتى إن البعض منهم تحدث بلغة سقطت وبكلمات جفت معانيها وفقدت كل أثر وباتت منفصلة كليا عن الواقع.
لقد ارتفع الصراخ والعويل في دوائر الغرب على وقع تهاوي مشاريع العدوان على سورية وسقوط مشروع الاستيلاء عليها وتبعه سقوط مشروع التقسيم سقوطاً رافقته سورية بفتح الأحضان لأبنائها من باب المصالحة فتسارعت الحركة عبره للولوج إلى كنف الوطن بعيداً عن جعجعة من أراد بسورية شرا وتشدق بحلول مبنية على إرهاب أرادوه أداة لتمرير إرهابهم السياسي بما يناسب أطماعهم الاستعمارية
وعلى الخطين ميدان يرسم فيه السلاح الطريق لإنهاء الإرهاب، ومصالحة يخط فيها نبض القلب الوطني الطريق لاستعادة الثقة بين أبناء الوطن، يرتسم طريق نهاية الأزمة السورية وتوجه الرسائل القاطعة لمن عرقلوا الحلول بأن سورية وبدعم من حلفاء صادقين تعرف كيف تدافع عن نفسها وتعرف كيف تخرج من أزمة صنعت لها.
لقد فتحت حلب بالنصر الذي صنعه معسكر الدفاع عن سورية فتحت الباب للبحث الجدي بحل سياسي وإذا كان إعلان موسكو أول الإرهاصات لهذا الحل، وإذا كان اجتماع الأستانا المقبل خطوة قد تكون مفيدة على طريق البحث عن حل، فإن الأهم في الأمر هو التحول في النظرة إلى الحل والانتقال من الجنون السياسي والغطرسة عند فريق العدوان إلى الإقرار ضمنا أو صراحة بأن لسورية قيادة لا يمكن لأحد أن يتجاوزها وأن فيها شعباً اختار هذه القيادة لا يمكن لأحد أن يملي عليه.
أما دي ميستورا الذي عطل بمراوغته وبناء على أوامر أميركية أعمال جنيف منذ ثمانية أشهر، فعليه وهو يتذكر جنيف الآن ويدعو إلى استئناف أعمال المحادثات السورية السورية أن يعلم أن الزمن تغير وما كان يصح قبل حلب لن يصح بعدها وللعاقل أن يفهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن