اقتصاد

«تشاتهام هاوس» واقتصاد سورية..فسّر الماء بعد الجهد بالماء!!

علي نزار الآغا : 

رغم توقف معظم المؤسسات الدولية ومنها صندوق النقد الدولي عن نشر أية بيانات اقتصادية عن سورية بعد العام 2010 بسبب عدم اليقين، يصدر معهد «تشاتهام هاوس» منذ أيام تقريراً اقتصادياً خاصاً عن الاقتصاد السوري خلال الحرب، أعاد فيها (الباحث) إنتاج بعض الإحصائيات التقديرية التي تداولتها بعض مراكز الدراسات غير الرسمية، والتي وصفها وزير الاقتصاد السوري همام جزائري بغير الدقيقة قائلاً: «الرقم الإحصائي المعتمد والمنهجية البحثية التي تم تبنيها أدت إلى نتائج مضللة في التحليل والتعليل».
الباحث الصحفي (دايفيد باتر) معدّ التقرير، استعرض عبر 33 صفحة بعض المؤشرات الاقتصادية التقديرية لسنوات الحرب، ورسمية لما قبلها، دون أن يقدم شيئاً جديداً ذا أهمية، لينطبق عليه المثل القائل «فسر الماء بعد الجهد بالماء»!
في الفقرة الأخيرة من التقرير، المعنونة بـ(الحقائق الحالية والسيناريوهات المحتملة) يعترف باتر صراحةً بتحسن بعض المؤشرات الاقتصادية في سورية، ومنها تراجع مستوى الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الصادرات. ذاكراً أن مؤشرات مثل التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية خفت، إلى جانب تعزيز الحكومة لمركزها المالي من خلال الوقف الفعال لدعم الوقود، خاصةً بالنسبة للمستهلكين.
إلا أن الملخص الصحفي المنشور على موقع المعهد الإلكتروني والذي نشرته عدة وسائل إعلامية، تجاهل هذه المعطيات، في تركيز مثير للريبة حول البيانات التقديرية المعاد إنتاجها، والمأخوذة من المركز السوري لبحوث الدراسات غير الرسمي، وتقديرات (الإسكوا) الداعمة للمركز وتقاريره.
لذا تعمد المعهد تسويق السوداوية الاقتصادية بطريقة غير مهنية رغم اعتراف الباحث ببعض الحقائق وليس التقديرات، فاكتفى الخبر المنشور على موقع المعهد الالكتروني والذي تداولته بعض الوسائل الإعلامية، بعرض بيانات تقديرية غير رسمية مثل تقلص الاقتصاد السوري بنسبة 51% منذ بدء الأزمة في عام 2011 مع خسارة كبيرة في قطاعَي الطاقة والتصنيع، وانحدار الزراعة بشكل خطير، وانخفاض تعداد السكان من 21 مليوناً إلى 17.5 مليون شخص بسبب الهجرة ووفاة أكثر من ربع مليون آخرين، بالإضافة إلى نزوح ثلث السكان داخل الأراضي السورية.
وذكر أيضاً أن الفترة الممتدة بين كانون الثاني 2012 وآذار 2015 شهدت تضخماً بنسبة 51%، وذلك بحسب تقارير الحكومة السورية، كما انخفضت قيمة العملة السورية إلى 80% منذ بدء الأزمة.
وبشكل خجول مرر الخبر سطراً عن استمرار الحكومة السورية بتأمين الخدمات الرئيسية مثل تحديد أسعار السلع وتأمين الكهرباء، مع الكثير من الإشارات السياسية التي تكشف عن سيناريوهات متمناة أكثر منها وقائع عن مستقبل سورية.
وللأمانة العلمية قد تكون بعض الأرقام التقديرية قريبة من الواقع المعاش، إلا أن هذا يجب أن يأتي في سياق الحديث عن الأسباب، ومنها الدمار والتخريب الذي طال البنى التحتية، والإجراءات الاقتصادية الجائرة من طرف واحد (العقوبات الاقتصادية) وواقع الجغرافيا اليوم في ظل انتشار الإرهاب برعاية دولية. لكن هذا ما لا يمكن للقارئ تلقفه خلال 33 صفحة تتحدث عن أربع سنوات حرب من عمر الاقتصاد السوري.. وللحديث بقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن