سورية

تعقيدات أمام وقف إطلاق النار قد تؤدي لاستمرار «اللعبة القذرة» حول سورية … مجلس الأمن يدعم المشروع الروسي.. ومحادثات أستانا «مباشرة»

| الوطن – وكالات

ينطلق العام 2017، وسط أمل وتفاؤل بأن يكون عام الحل والتوصل إلى تسوية، تنهي مأساة وطن وشعب، تواصلت أكثر من خمس سنوات. ونقل ضامنو اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة انطلاقاً من الساعة صفر يوم الخميس الماضي، مجمل الوثائق التي تم التوصل إليها إلى مجلس الأمن الدولي الذي أصدر قراراً بالإجماع يدعم الخطة الروسية التركية من أجل وقف لإطلاق النار ومفاوضات سورية لكن من دون المصادقة على تفاصيلها. وذلك من أجل تأمين الدعم الأممي لما يمكن أن نطلق عليه من الآن فصاعداً عملية الأستانا.
أمام هذه العملية التي هي في طور التبلور كبيرة، تعقيدات وعقبات تهدد بنسفها، على رأسها اختبار التزام المسلحين بها، وبالأخص ميليشيا «حركة أحرار الشام الإسلامية»، التي لم توقع على وثيقة وقف إطلاق النار أسوة ببقية الميليشيات المسلحة في العاصمة التركية أنقرة، على الرغم من أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت أن الحركة من الميليشيات التي وقعت الوثيقة. يضاف إلى ذلك، كيفية التعامل مع المناطق المختلطة، والتي تتداخل فيها عناصر الميليشيات الموقعة على وثيقة وقف إطلاق النار، مع المجموعات التي لم توقع، إضافة إلى «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) والتي استثناها وقف إطلاق النار المعلن من قبل الجيش السوري. علاوة على ذلك، فإن الميليشيات المسلحة التي وقعت وثيقة أنقرة، لا تنتشر على مجمل الأراضي السورية، بل ينحصر وجودها في الشمال السوري والوسط، في حين تنتشر ميليشيات أخرى في الجنوب (درعا والقنيطرة)، تعتبر أكثر قرباً من الأردن والولايات المتحدة والسعودية منها إلى تركيا.
وإلى صعوبة توقع ردود فعل الأطراف الدولية والإقليمية المستبعدة عن العملية مثل (الولايات المتحدة – فرنسا – قطر – السعودية)، تفرض الاشتراطات التركية تعقيدات إضافية على لوحة معقدة بطبيعتها. وترفض أنقرة مشاركة «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب» ضمن محادثات أستانا، تماماً كما رفضت مشاركتهما في مفاوضات جنيف. كما يطالب المسؤولون الأتراك بانسحاب حزب اللـه اللبناني وبقية المجموعات العراقية المتحالفة مع الجيش العربي السوري من سورية، في تعد على السيادة السورية.
وفي موسكو، واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاته المكثفة تحضيراً لعملية الأستانا. وجاء في بيان صدر عن الكرملين، أن بوتين اتصل بنظيره الإيراني حسن روحاني حيث أشاد «بأهمية التوصل إلى الاتفاقات الخاصة بوقف الأعمال القتالية في سورية وإطلاق العملية التفاوضية في أستانا». واتفق الرئيسان، حسب البيان الذي نقله موقع قناة «روسيا اليوم» الإلكترونية، على مواصلة التنسيق الوثيق للجهود التي تبذلها موسكو وطهران بهدف التسوية النهائية للأزمة السورية.
في نيويورك، عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مشاورات مغلقة للمرة الثانية خلال يومين بشأن مشروع قرار تقدمت به موسكو، ويتضمن الإشادة بجهود روسيا وتركيا في تسهيل التوصل إلى وقف إطلاق النار الأخير في سورية. ويؤكد المشروع، حسب موقع «ترك برس»، الالكتروني أن «الحل المستدام للأزمة الحالية في سورية هو من خلال عملية سياسية بقيادة سورية، تستند إلى بيان جنيف. وسلمت روسيا وتركيا الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي الجمعة الوثائق الخاصة بوقف إطلاق النار وإطلاق المحادثات السورية السورية في الأستانا.
ومساء أمس أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بالإجماع يدعم اتفاق الخطة الروسية التركية من أجل وقف لإطلاق النار ومفاوضات سورية لكن من دون المصادقة على تفاصيلها وفق وكالة أ.ف.ب للأنباء.
ونص القرار الذي تم تبنيه إثر مشاورات مغلقة على أن المجلس «يرحب ويدعم» جهود السلام التي تبذلها موسكو وأنقرة «ويأخد علماً» بالاتفاق الذي توصلنا إليه في 29 كانون الأول/ديسمبر وفق أ.ف.ب.
وفي وقت سابق، أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن موسكو بصدد إضافة تعديلات على مشروع القرار آخذة بعين الاعتبار توصيات أعضاء المجلس. وأشار إلى ترحيب بلاده بمشاركة الجميع في مفاوضات أستانا «المباشرة والجدية» بين الأطراف السورية، وخص بالذكر مصر، السعودية، قطر والكويت، مبيناً أن موسكو تعول على أن تؤدي إدارة الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب دور «المشارك المهم» في عملية التمهيد لمحادثات أستانا، مشيراً إلى أن إيران ستشارك في التمهيد لهذه المحادثات.
واشترطت وزارة الخارجية الكازاخية لاستضافة المحادثات السورية السورية «الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار»، واصفةً التوقيع على الاتفاق بـ«نقطة انطلاق نحو حل الأزمة السورية».
وبدا أن الاتفاق قائم على أرضية هشة، وهو ما دل عليه تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، «أهمية تمسك جميع فصائل المعارضة السورية بشروط وقف إطلاق النار»، في إشارة إلى تهرب «الأحرار» من التوقيع على وثيقة أنقرة الخاصة بوقف إطلاق النار في اللحظات الأخيرة. وبررت الحركة موقفها بوجود تحفظات منعتها من التوقيع على الوثيقة.
ودفع موقف «الأحرار» السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف إلى القول بأن «اللعبة القذرة حول سورية، لم تنته بعد». وأضاف في تغريدة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، حسب وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء: «تحت تأثير القوى والدول المعادية لعملية السلام في سورية، عارضت مجموعة (أحرار الشام) الهدنة».
لكن وزير الدفاع التركي فكري إشيق اتهم بعض البلدان بالقيام بأعمال خلف الستار من شأنها التسبب بانهيار وقف إطلاق النار، كما نبه جاويش أوغلو إلى وجود دول ومجموعات تسعى لانتهاك الاتفاق، بغية تأزيم الوضع في سورية. وشدد على أن بلاده لم تكن من الجهات التي تؤيد الحل العسكري في سورية، وإنما الحل السياسي. وأردف «نحن وضعنا رؤية للحل في سورية تحت قيادة رئيسنا رجب طيب أردوغان، وفي هذا الإطار تباحث رئيسنا هاتفياً مع نظيره الروسي 10 مرات خلال 10 أيام، وكذلك تباحثت أنا مع لافروف». وتابع «في 3 أيام تباحثت مع وزير الخارجية الإيراني محمود جواد ظريف أكثر من 20 مرة هاتفياً حول الملف السوري، في سبيل إيجاد حل سياسي».
وسبق لجاويش أوغلو أن شدد على ضرورة مغادرة جميع المقاتلين الأجانب سورية، وأضاف «يتعين على حزب اللـه العودة إلى لبنان»، كما شدد على ضرورة استبعاد «حزب الاتحاد الديمقراطي» من محادثات أستانا. وبدا الاتفاق ضعيفاً فيما يتعلق في جنوب سورية، خصوصاً أن لعمان وواشنطن نفوذاً قوياً على الميليشيات المنتشرة هناك والتي لم توقع وثيقة أنقرة. هذا الأمر دفع رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إلى الاتصال بنظيره الأردني هاني الملقي والبحث معه في مسألة وقف إطلاق النار المبرم برعاية روسية تركية، وضمان التزام كافة الأطراف به.
ونقل «ترك برس» عن مصادر دبلوماسية تركية، أن الملقي أعرب عن أمله «بأن يؤدي وقف إطلاق النار في سورية، إلى انطلاق عملية سياسية تؤدي بالنهاية إلى عودة اللاجئين لديارهم بأمن وسلام».
في المواقف الدولية، أكدت مفوضة الاتحاد الأوروبي السامية للسياسة الخارجية، فيديريكا موغيريني، أن وقف إطلاق النار في سورية قد يفتح، في حال تنفيذه بشكل كامل، الوصول الإنساني من دون عراقيل إلى الناس المحتاجين في جميع أنحاء البلاد، والأكثر من ذلك، قد يتيح، حال نجاحه، تجديد المحادثات بين الأطراف السورية برعاية الأمم المتحدة، في الإطار الذي سيحدده مجلس الأمن الدولي». وشددت على أن «النقطة الأكثر أهمية هي تطبيقه الكامل من قبل جميع أطراف الأزمة».
كما رحبت بالاجتماع المعلن في أستانا، في حال كونه شاملاً وهادفا إلى التحضير لاستئناف مثمر وذي معنى للمحادثات السورية في جنيف برعاية الأمم المتحدة».
وبدوره، أكد وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتير شتاينماير، أن التوصل لاتفاق الهدنة في سورية أمر يبعث على الأمل، لكن مدى استقرارها سيتبين خلال الأيام القريبة.
من جهة أخرى، أخرى أكدت «الهيئة العليا للمفاوضات» والائتلاف المعارضان التعامل الإيجابي مع وقف النار. وشددا على أن موقفهما من الجهود الرامية إلى عقد محادثات أستانا يرتكز على ألا تكون بديلاً عن جنيف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن