قضايا وآراء

التحالف الأميركي- السعودي مع القاعدة وداعش سيفرض وحدة سورية عراقية في مجابهته

تحسين الحلبي : 

 

بدأت الدلائل على التعاون والدعم اللذين تقدمهما الدول المحلية الحليفة للولايات المتحدة للمجموعات الإرهابية وخصوصاً «منظمة القاعدة» و«داعش» و«النصرة» تزداد بشكل فاضح وشبه علني في الأشهر الماضية، فقد كشف «غاريت بورتر» أحد أهم الصحفيين الأميركيين الذين يحققون في أوضاع الحروب في 25 أيار الماضي أن مصدراً من العائلة المالكة السعودية اعترف له بوجود دعم مالي وبالسلاح تقدمه السلطة السعودية لهذه المنظمات الثلاث وبمعرفة الإدارة الأميركية، وفي 11 حزيران الجاري كشف «بورتر» أن واشنطن لم تطلب من السعودية وقطر إيقاف هذا الدعم.. وإذا انتقلنا إلى تحليل بسيط لقواعد المصالح الأميركية المتبعة فسوف نستنتج أن واشنطن لن يكون من مصلحتها إنهاء وجود هذه المنظمات الثلاث «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» لأنها منظمات تشن حرباً في كل ساعة ضد سورية وإيران والقوى العراقية التي ترفض الوجود الأميركي وضد المقاومة اللبنانية باسم «الحروب الطائفية» التي أصبح شعارها عند القاعدة وداعش «شن المذابح ضد كل من يخالف الوهابية في المنطقة» ويبدو أن الحرب السعودية على اليمن عززت الصورة العلنية لهذه الحرب من ناحية مثلما عززت التحالف السعودي القطري مع مجموعات «القاعدة» و«داعش» في اليمن.
فقد انضمت هذه المجموعات الإرهابية داخل اليمن إلى دعم الغارات السعودية بشن عمليات تفجير وحصلت على الأسلحة السعودية من أجل السيطرة على مناطق في اليمن «حضرموت»- وأصبحت الأنباء تتحدث علناً عن أن سلاح الجو السعودي يقصف كل منطقة يحررها انصار الله والجيش اليمني في اليمن من مجموعات القاعدة بينما لا يقصف هذا السلاح السعودي المناطق التي تسيطر فيها مجموعات القاعدة، ورغم هذه الحقائق المكشوفة يومياً بدأت وزارة الخارجية الأميركية توجه اتهاماً لإيران بدعم المجموعات العراقية الشعبية التي انضمت إلى الجيش العراقي في الحرب ضد داعش واعتبرت الخارجية الأميركية هذا الدعم بمثابة «دعم للإرهاب» على غرار دعم إيران للمقاومة الفلسطينية، ولذلك لن يكون من المستبعد أن تهيئ الإدارة الأميركية الرأي العام الأميركي للقبول بحوار ومفاوضات يجريها أوباما مع منظمة القاعدة وداعش والنصرة فينقلها إلى ساحة الحليف العلني هذه المرة، وكان أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة الأميركية داخل الحزب الديمقراطي السناتور «شافيه» قد طالب علناً بإجراء مفاوضات مع «القاعدة» و«داعش» ووعد بإجراء هذه المفاوضات إذا فاز بالرئاسة.
ومع ذلك يمكن الاعتقاد أن واشنطن تجري مفاوضات سرية في هذه الظروف مع قادة من مجموعات القاعدة والنصرة في اليمن والعراق وسورية للتمهيد لهذه المفاوضات، وهذا سيعني أن واشنطن وحلفاءها الداعمين لداعش والقاعدة سيتحكمون بقواعد اللعبة مع داعش وقد يعلنون وقف الحرب ضدها لتوجهها بشكل علني ضد المناهضين للهيمنة الأميركية.. ولا شك أن تحشيد مجموعات القاعدة وداعش في سورية والعراق واليمن وعدم انتقال عمليات هذه المجموعات إلى مناطق الدول المتحالفة مع واشنطن يثبت هذا الاعتقاد المنطقي الذي تزداد الدلائل عليه.. وأمام هذه الحقيقة سيصبح من غير المعقول ألا تحتشد كقوة واحدة جميع الأطراف التي تستهدفها القاعدة وداعش والنصرة، فالمطلوب الآن إعطاء هذا الاستنتاج ما يستوجبه من تنسيق ووحدة داخل ساحة مجابهة داعش في العراق وسورية واليمن وخصوصاً أن واشنطن لا تجد من مصلحتها تصفية داعش والقاعدة من العراق، فقد انسحب الجيش الأميركي قبل ثلاثة أعوام من العراق وخلف وراءه مجموعات القاعدة وسمح لحلفائه بتقديم الدعم المالي والعسكري لها، وفرض الجيش الأميركي بقاء أكثر من ثلاثة آلاف من قواته باسم الحماية الدبلوماسية لمنشآته وسفارته، وها هو يحاول إعادة فرض شروطه على العراق بطريقة جديدة.. ويبدو أن متابعة ظروف مجابهة مجموعات داعش والقاعدة في العراق وسورية ستفرض بشكل منطقي وحتمي حقيقة واضحة وهي أن بقاء داعش في سورية لن ينهي وجوده من العراق وبقاء داعش في العراق لن ينهي وجوده من سورية فالمعركة واحدة في سيرها وفي تحقيقها للنتائج المطلوبة للأهداف السورية العراقية المشتركة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن