سورية

أنقرة تتحدث عن «أزمة ثقة» مع واشنطن .. رد تركي على «الشرط» الأميركي: قصف مواقع «للوحدات» قرب رميلان

| أنس وهيب الكردي

فاقت التطورات والأحداث الأخيرة في الشمال السوري، ما أكدته تركيا عن وجود أزمة مع الولايات المتحدة؛ فبعد يوم من كشف «التحالف الدولي» الذي تقوده واشنطن عن تنفيذ طائراته طلعات من دون قصف فوق مدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي الأسبوع الماضي، دعماً لهجوم المليشيات المنضوية تحت لواء عملية «درع الفرات» التركية على مسلحي داعش في المدينة، اشترط مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» عدم تعرض تركيا لمسلحي «وحدات حماية الشعب» الكردية مقابل استئناف طيران التحالف عملياته دعماً لـ»درع الفرات».
لكن الرد التركي على «الشرط»الأميركي جاء سلبياً ومباشراً، إذ أقدمت طائرات هليكوبتر تركية على قصف مواقع لـ»الوحدات» في منطقة الجوادية بريف الحسكة، وذلك على حين وقعت اشتباكات بين مسلحي «حماية الشعب» وجنود أتراك اقتحموا الحدود السورية عند القحطانية.
واللافت أن القصف التركي استهدف منطقة قريبة جداً من مطار رميلان، الذي تستخدمه القوات الأميركية في عملياتها ضد داعش في سورية والعراق.
وبدا أن تركيا تستقوي على حليفتها في «التحالف الدولي» وحلف شمال الأطلسي «الناتو» بتنسيقها العسكري مع روسيا، غير المعروف التفاصيل بالنسبة لواشنطن، وهو الذي أطلق يدي القوات التركية لضرب تنظيم داعش في مدينة الباب و«الوحدات» في منبج وشرق سورية، في الوقت نفسه.
وبدا أن أزمة منبج كبرى مدن الريف الحلبي في طريقها لتصدر المشهد مرة جديدة، بعد قبول واشنطن تأكيدات أنقرة حول عدم انسحاب جميع عناصر «حماية الشعب» من المدينة إلى شرق نهر الفرات، وهو ما نسف مصداقية إعلان «الوحدات» انسحابها من منبج مرتين خلال الأشهر الأربع الماضية!
ولم يخف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عدم ثقة حكومته بالإدارة الأميركية الحالية. وقال خلال مؤتمر صحفي بمقر وكالة أنباء «الأناضول» التركية: «الولايات المتحدة شريك مهم بالنسبة لنا، ولدينا تعاون معها في كل المجالات، لكن هناك حقيقة واقعة الآن وهي أننا نعاني من أزمة ثقة معها».
وكشف جاويش أوغلو عن إبلاغ الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال اتصال هاتفي بينهما أول من أمس، «مشاطرة واشنطن أنقرة رأيها حول وجوب انسحاب عناصر (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) «بيدا» من مدينة منبج بريف حلب الشرقي إلى شرق نهر الفرات». ولم يك هذا الاتصال الهاتفي يتم، حتى كان المتحدث باسم «البنتاغون» بيتر كوك يؤكد أن «التحالف الدولي» نفذ طلعات جوية دعماً للقوات التركية بطلب من تركيا قرب مدينة الباب، لكنه أوضح أن الطائرات لم تنفذ ضربات جوية.
وأضاف كوك، حسب وكالة «رويترز» للأنباء: إن الطلعات كانت «استعراضاً واضحاً للقوة». ومضى موضحاً «ما أتفهمه أنه في الأسبوع الماضي كان هناك طلب للدعم الجوي عندما تعرضت القوات التركية لإطلاق نار… نفذ التحالف طلعات جوية في ذلك الوقت». وشدد على أن الولايات المتحدة تقدم، في بعض الحالات، مساعدة إلى تركيا لكونها عضواً مهماً في التحالف ضد داعش.
وقال مسؤول عسكري أميركي طلب عدم نشر اسمه إن الطلعات الجوية نُفذت يوم الخميس.
وبرر كوك اكتفاء التحالف بتنفيذ طلعات جوية فوق الباب من دون تنفيذ غارات، بالإشارة إلى الحاجة لتكثيف الضغوط على داعش في أكبر عدد ممكن من الجبهات، وذلك «بأكثر الطرق الممكنة كفاءة وفاعلية»، بينما بدا أنه إشارة إلى ضرورة توزيع موارد التحالف بشكل مناسب خصوصاً في ظل حملة «غضب الفرات»، التي أطلقتها «قوات سورية الديمقراطية» قبل شهرين لطرد مسلحي داعش من محافظة الرقة.
لكن مسؤولاً في «البنتاغون» أوضح أن بلاده عرضت تقديم الدعم للعمليات التركية في مدينة الباب «لكن بشروط».
ورد المسؤول الذي رفض الكشف عن هويته على سؤال لوكالة «الأناضول» حول إذا ما كانت لدى واشنطن شروط مقابل تقديم هذا الدعم، بالقول: إن بلاده «تطالب بعدم التعرض لـ(حزب العمال الكردستاني) «بي كي كي» وحزب الاتحاد الديمقراطي مقابل تقديم الدعم الأميركي». وكان أردوغان طالب «التحالف الدولي» بتقديم دعم للقوات التركية المشاركة في الهجوم على الباب.
وبدا أن واشنطن ممتعضة من التنسيق التركي – الروسي العسكري في عملية الباب، خصوصاً أن أنقرة لم تبلغها بتفاصيل هذا التنسيق. وامتنع المتحدث باسم «البنتاغون» عن التعليق على موضوع التعاون بين روسيا وتركيا في محاربة داعش في سورية، لعدم معرفته تفاصيل هذا التعاون.
وقال كوك: «لست على دراية بتفاصيل التعاون الروسي التركي في محاربة داعش»، لكنه ألمح إلى أن بلاده على علم بالتنسيق، إذ قال: «نحافظ على التنسيق مع تركيا حول المسائل الرئيسية للتفاعل بين قواتنا المشاركة (في محاربة داعش)، بما في ذلك، على الأرض، ونعلم ما يحدث».
وجاءت المفاجأة عندما أعلنت «حماية الشعب» في بيان رسمي عن قصف حوامات الجيش التركي مواقع في محيط قرية تل علو بريف بلدة الجوادية بمنطقة اليعربية شرقي محافظة الحسكة.
ولفت البيان إلى حصول اشتباكات بين جنود الجيش التركي ومسلحي الوحدات في المنطقة الحدودية من ناحية القحطانية أثناء تصدي هؤلاء للجنود المقتحمين للأراضي السورية.
وكشف نشطاء معارضون، أن المواقع التي قصفتها الحوامات التركية هي مراكز لمسلحي الوحدات ومستودعات ومعسكرات تدريب في محيط قرى القاسمية، الظاهرية، وقلعة الهادي، إضافة إلى المنطقة المحصورة بين طاحونة تل علو، و«قلعة الهادي» وقرية «تل مشحن» جنوب ناحية الجوادية بمنطقة المالكية.
وأشار النشطاء، حسب موقع «زمان الوصل» الإلكتروني المعارض، إلى أن المناطق المستهدفة قريبة جداً من المطار الذي تستخدمه أميركا في منطقة رميلان، والذي تحط فيه طائرات الشحن المحملة بالدعم العسكري لـ«وحدات الحماية».
وكان طلال سلو الناطق باسم «قوات سورية الديمقراطية»، التي تشكل الوحدات عمودها الفقري، طالب واشنطن الشهر الماضي بإرسال صواريخ مضادة للطائرات المحمولة على الكتف إلى عناصر «الديمقراطية»، وذلك بعد توقيع الرئيس أوباما قانوناً يجيز توريد هذه المنظومات إلى المعارضة السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن