سورية

رد روسي ساخر على كارتر.. وتأكيد على عدم فعالية عمليات تحالف واشنطن ضد داعش … غيراسيموف: تحرير ريف دمشق قريب.. وشويغو يأمل في انضمام قوات وطائرات دول أخرى إلى روسيا في مكافحة الإرهاب

| الوطن – وكالات

رد كبار القادة العسكريين الروس على وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، الذي قلل إلى الصفر، أهمية الدور الروسي في مكافحة تنظيم داعش. وقدم هؤلاء القادة جردة حساب عن إنجازات الحملة الروسية في سورية، في مقابل ما حققه «التحالف الدولي» ضد تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس هيئة الأركان الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن قوات بلاده الجوية نفذت مهمتها الرئيسية في سورية كما حددها الرئيس فلاديمير بوتين. وأوضح أن تنفيذ هذه المهمة تطلب من القوات الروسية بذل كافة الجهود، والاستفادة من كافة الإمكانات، وتركيز مجموعة كبيرة من القوات (في سورية)، بالإضافة إلى مجموعة سفن من ضمنها حاملة طائرات، وإرسال قوات جوية إضافية ووحدات من الشرطة العسكرية، لافتاً في هذا الصدد إلى أن الأوضاع كانت «صعبة للغاية»، وأن الجانب الروسي كان في «حاجة ماسة» إلى دعم من جانب «التحالف الدولي» والذي تقوده واشنطن، لكنه لم يتلق هذا الدعم.
وأشار شويغو إلى أن القوات الروسية في سورية علقت أواخر العام الماضي كافة العمليات القتالية في البلاد، باستثناء توجيه الضربات إلى مسلحي تنظمي داعش و«جبهة النصرة» («جبهة فتح الشام» حالياً). وأكد أن عملية محاربة الإرهاب بسورية «مستمرة»، معرباً عن أمله في انضمام طيران وقوات تابعة لدول أخرى لهذه الجهود، من دون أن يحدد دولة بعينها.
ومن جهة أخرى، ذكّر وزير الدفاع الروسي بأن جهود بلاده وشركائها (إيران وتركيا) سمحت بالتوصل إلى اتفاق على عقد لقاء في عاصمة كازاخستان أستانا، من أجل تسوية الأزمة السورية وإطلاق عملية سياسية للتفاوض حول وقف إطلاق النار.
وقبل يومين، قلل كارتر من أهمية مساهمة روسيا في الحرب ضد الإرهاب، واعتبر أن «الوجود الروسي في سورية يصعد الحرب».
وعلق شويغو على هذه التصريحات ساخراً، وقال: «يمكنني أن أوافق مع هذا التقييم، على الرغم من كونه غير دقيق، لو لم يخطئ نظيري (كارتر) لدى ذكر اسم الدولة المذنبة»، واستطرد موضحاً: إن نتائج عمل «التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة، «لا تساوي الصفر فحسب، بل تعتبر سلبية».
بدوره، اعتبر رئيس هيئة الأركان الروسية، أن «التحالف الدولي» لم يحقق أي نتائج ملموسة خلال عملياته المستمرة منذ عامين ونصف، ضد داعش.
وكشف أن التحالف استهدف مواقع الإرهابيين أثناء هذه الفترة، بقرابة ستة آلاف وخمسمئة ضربة، على حين تجاوز عدد الضربات الروسية منذ انطلاق العملية الجوية في سورية أواخر أيلول من عام 2015، 71 ألف ضربة، نفذتها الطائرات الروسية خلال أكثر من 19 ألف طلعة قتالية.
واستطرد غيراسيموف قائلاً: «إنهم (الدول الأعضاء في التحالف) لم يحققوا أي نتائج تذكر. مع ذلك تم تسجيل سقوط خسائر كبيرة في صفوف المدنيين والقوات الحكومية السورية».
وأعاد إلى الأذهان الضربة الأميركية على مواقع الجيش العربي السوري في مدينة دير الزور أواسط شهر أيلول الماضي، مذكراً بأن مسلحي داعش في ريف المدينة شنوا هجوماً على تلك المواقع مباشرة بعد وقوع الضربة الأميركية.
وأضاف: إن من الحوادث المؤسفة الأخيرة من هذا القبيل، كانت ضربة وجهتها قاذفة «بي 52» أميركية أواخر الشهر الماضي، لمدينة سرمدا في ريف إدلب، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 مدنياً. وأشار إلى أن الضربة وقعت بعد إعلان وقف إطلاق النار في سورية وأن سرمدا انضمت إليه، كاشفاً أن الجانب الأميركي لم يبلغ الروس بها.
وبدورها، ردت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على انتقادات وجهها كارتر. وعلى صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، كتبت أمس: «زعم كارتر في تصريحات له (قبل يومين)، أن مساهمة روسيا في محاربة داعش تساوي الصفر عملياً»، وتابعت: «في اليوم التالي، جاءت تصريحات لمدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه» جون برينان، قال فيها: «لو عرفنا آنذاك ما يمكن أن يقوم به داعش، بما في ذلك نمو التنظيم المتسارع في العراق ثم في سورية، هل كنا واصلنا السير في الاتجاه نفسه أم لا؟ على الأرجح، لا. من الصعب أن نقيم الموضوع، لكن لو عرفنا، لكان التاريخ تطور بشكل مختلف».
وعلقت زاخاروفا على هذا التباين في مواقف «البنتاغون» و«سي. آي. إيه»، بالقول: «حسب منطق العسكريين الأميركيين، تعد روسيا مذنبة لأنها لا تصلح الأخطاء الأميركية». وتابعت: هذه التصريحات الأخيرة، قد تدل على كون كبار المسؤولين في إدارة الرئيس باراك أوباما لا يتحادثون ولا يتعاملون مع بعضهم البعض، أو يمكن اعتبار تلك التصريحات ببساطة «سخافة كارثية». وأضافت: «لكن هذين الأمرين لا يستثنيان بعضهما البعض».
وبالعودة إلى رئيس هيئة الأركان الروسية، فقد اعتبر أن العملية الروسية سمحت بتحقيق نقلة نوعية في مجال محاربة الإرهابيين المنتشرين على الأراضي السورية، وأشار إلى القضاء على تشكيلات كبيرة للإرهابيين في ريفي حماة وحمص، وتطهير ريف اللاذقية من الإرهابيين، وإلى إعادة فتح الطريق الرئيسي الذي يربط دمشق بشمالي البلاد، وتحرير مدينتي حلب والقريتين، اللتين تتمتعان بـ«أهمية إستراتيجية»، وشدد على أن تطهير ريف دمشق من الإرهاب يوشك أن ينتهي.
وأكد غيراسيموف أن العملية الروسية أدت إلى تحرير أكثر من 12 ألف كيلو متر مربع من مساحة سورية من الإرهابيين، تضم 499 مدينة وبلدة. وشدد على أن القوات الجوية الفضائية الروسية لا توجه أي ضربات إلا بعد التأكد من صحة إحداثيات الأهداف من مصادر عدة، بما في ذلك بيانات وسائل الاستطلاع الفضائية ونتائج الاستطلاع بوساطة الطائرات بلا طيار. وذكر أن من الأهداف الرئيسية للغارات الروسية تدمير قواعد تدريب الإرهابيين وورشهم لإنتاج الذخيرة، وكذلك منشآت داعش النفطية. وكشف عن تدمير ما يربو على 200 من هذه المنشآت، واستهداف 174 ورشة لتكرير النفط و111 قافلة لناقلات النفط، ما أدى إلى الإخلال بمنظومة التزود بالوقود للإرهابيين، وقطع مصدر العائدات الرئيسي عنهم.
وذكر الجنرال الروسي أن مركز حميميم المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة في سورية، ضمن تسوية قضايا إنسانية عديدة، بما في ذلك المساهمة في تأمين خروج أكثر من 136 ألف مدني من مدينة حلب، ونقل 28.5 ألف شخص، بينهم مسلحون وأفراد عائلاتهم من حلب إلى ريف إدلب. وأشار إلى أن أفراد فريق الهندسة الروسي المنتشر في حلب، تمكنوا من تأمين مساحة تتجاوز 1500 هكتار وإزالة ما يربو على 23 ألف لغم وعبوة ناسفة. وبحسب الجنرال الروسي، أرسلت روسيا مساعدات إنسانية يتجاوز وزنها 1100 طن إلى المواطنين السوريين.
كما تحدث عن مساهمات المركز في مجال التسوية السياسية ووقف إطلاق النار، والتي شملت تمكين أكثر من 110 آلاف نازح من العودة إلى منازلهم، وإلقاء 9 آلاف مسلح السلاح وتوقفوا عن القتال. وكشف أن عدد المدن والبلدات التي انضمت للهدنة في سورية وصل إلى 1097، يقطن فيها قرابة 3 ملايين شخص.
وأكد غيراسيموف أنه بعد تحقيق هذه المهمات، تعمل روسيا على تقليص مجموعة قواتها في سورية على مراحل، بموازاة الجهود الرامية للحفاظ على نظام الهدنة ومواصلة القضاء على مسلحي داعش والنصرة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن