عربي ودولي

بعد الحليف الألماني…واشنطن تتجسس على فرنسا… وباريس تستدعي السفيرة الأميركية

تواجه واشنطن فضيحة تجسس جديدة من العيار الثقيل، فبعد ألمانيا ها هو «الصديق» الفرنسي يقع ضحية تجسس أخرى للولايات المتحدة. حيث استدعت الخارجية الفرنسية السفير الأميركي لدى باريس على خلفية وثائق مسربة حول تجسس الاستخبارات الأميركية على هواتف مسؤولين فرنسيين.
وأعلن قصر الإليزيه أن باريس تعتبر التجسس الأجنبي عليها أمرا مرفوضا ولن تتسامح مع أي أنشطة تهدد أمنها. جاء هذا في بيان صدر عن قصر الإليزيه في أعقاب اجتماع طارئ عقده أمس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع أعضاء مجلس الدفاع الفرنسي لتقييم وثائق تتحدث عن تجسس الولايات المتحدة على هواتف رؤساء فرنسيين.
هذا وقال مساعد الرئيس الفرنسي إن هدف الاجتماع هو تقييم طبيعة المعلومات التي نشرتها الصحف أول من أمس لاستخلاص النتائج.
وأعاد البيان إلى الأذهان أن السلطات الأميركية التزمت في أواخر عام 2013، بعد تسريبات صحفية سابقة عن التجسس الأميركي على مؤسسات حكومية فرنسية، بالتخلي عن عمليات التنصت الإلكتروني على حلفائها. من جهته حذر الرئيس الفرنسي أمس بأن بلاده «لن تسمح بأي أعمال تعرض أمنها للخطر» معتبراً «غير مقبول» قيام الولايات المتحدة بالتجسس على مدى سنوات على آخر ثلاثة رؤساء فرنسيين. واستدعى وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس السفيرة الأميركية في باريس جاين هارتلي، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.
غير أن المتحدث باسم الحكومة ستيفان لوفول صرح من جانبه أن «ما حصل غير مقبول لكنه لا يعني أننا سندخل في أزمة» فيما نددت المعارضة اليمينية بسلوك «خطير» منتقدة «خرق ميثاق الثقة» بين حليفين قديمين.
وفي اليمين طالب السناتور فرنسوا باروان وزير الاقتصاد السابق في عهد ساركوزي بـ«رد قوي من الرئيس» هولاند معتبرا أن «هذه القضية هي فضيحة ويجب طلب توضيحات».
وتساءل الحزب الاشتراكي الحاكم «كيف يمكن لبلد يضع الحريات الفردية فوق كل اعتبار أن ينتهكها؟».
ودعت رئيسة الجبهة الوطنية (يمين متطرف) مارين لوبن وأبرز وجوه اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون إلى وقف المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول اتفاقية التبادل الحر عبر ضفتي الأطلسي. وتحت عنوان «التجسس على الإليزيه»، بينت وثائق مسربة على موقع ويكيلكس، الثلاثاء، أن وكالة الأمن القومي الأميركي تجسست على الرؤساء الفرنسيين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وهولاند. وأكد موقع ويكيليكس أن الوثائق تثبت مراقبة الوكالة الأميركية لاتصالات هولاند الذي يشغل منصب الرئاسة الفرنسية منذ عام 2012 وحتى الوقت الراهن إضافة إلى وزراء في الحكومة الفرنسية والسفير الفرنسي في الولايات المتحدة. وأشار ويكيليكس إلى أن الوثائق تتضمن أرقام الهواتف المحمولة لعدد من المسؤولين في القصر الرئاسي الفرنسي بما في ذلك الهاتف المحمول المباشر للرئيس، كما تضمنت الوثائق ملخصات لمحادثات بين مسؤولي الحكومة الفرنسية بشأن الأزمة المالية الدولية وأزمة الديون اليونانية والعلاقات بين إدارة هولاند وحكومة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. وفي بيان صدر باللغتين الإنكليزية والفرنسية قال ويكيليكس، «بينما ركزت التسريبات الألمانية على استهداف المخابرات الأميركية كبار المسؤولين فإن ما نشر اليوم (أمس) يقدم صورة أشمل عن تجسس الولايات المتحدة على حلفائها».
وعلّق مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج على نشر وثائق الفضيحة الجديدة بالقول: «للشعب الفرنسي الحق في معرفة أن الحكومة التي انتخبها تعرضت لتجسس معاد من جانب حليف مفترض. نحن فخورون بالعمل مع رائدي المطبوعات الفرنسية Liberation وMediapart»، مضيفاً إنه بإمكان الفرنسيين انتظار إماطة اللثام عن أمور أكثر أهمية في المستقبل القريب. ونفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي نيد برايز أول من أمس أنباء تجسس استخبارات الولايات المتحدة على مكالمات الرئيس الفرنسي من دون الإشارة إلى التجسس على رؤساء فرنسا السابقين، قائلا في بيان بهذا الشأن «نحن لم نستهدف، ولن نستهدف وسائل اتصال الرئيس هولاند… نحن لا نجري مراقبة استخباراتية خارج الحدود عدا تلك المحدودة ذات العلاقة بمصالح الأمن القومي، وهذا يسري على المواطنين العاديين وزعماء العالم »، مضيفاً إن الأميركيين يعملون بشكل وثيق مع الفرنسيين في جميع القضايا الدولية التي تثير القلق، وأن فرنسا شريك هام للولايات المتحدة.
ونشرت هذه التسريبات بادئ الأمر في صحيفة «ليبراسيون» الفرنسية اليومية وموقع «ميديابارت» الإخباري اللذين أفادا بأن وكالة الأمن القومي الأميركي تجسست على الرؤساء على الأقل خلال الفترة بين عامي 2006 و2012.
وفضيحة التجسس على فرنسا، أعادت إلى الأذهان فضيحة تجسس الولايات المتحدة على حليفتها ألمانيا، والتي كُشف عنها عام 2013 عبر وثائق سربها العميل السابق لوكالة الأمن القومي إدوارد سنودن والتي كشفت قيام الاستخبارات الأميركية بنشاط واسع للتنصت الالكتروني بما في ذلك على مكالمات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعلى مؤسسات الدولة ومقرات الحكومة في ألمانيا.
(أ ف ب- روسيا اليوم – سانا – وكالات)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن