قضايا وآراء

أوباما يودع ساحة هزيمته بعملية هوليودية شمال شرق سورية

| تحسين الحلبي 

في 18 حزيران من العام الماضي كشف (لورانس سيلين) في مجلة (ذي أميريكان ريبورت) التقرير الأميركي أن سياسة أوباما وهيلاري كلينتون المتبعة منذ بداية أحداث الشرق الأوسط اتصفت «بالميل إلى دعم أي إسلاميين مهما كانوا لكن طريقتهما كان ينقصها الكفاءة»، وحين دعما الإسلاميين المتشددين كانا يدركان أن تنظيماً إسلامياً تكفيرياً مثل داعش لابد أن يظهر، وهذا ما حدث.
وكان موقع (اتحاد العلماء الأميركيين) fas قد نشر في عام 2011 وثيقة تحمل اسم: «تعليمات الدراسة الرئاسية رقم 11» يطلب فيها أوباما بتسليم سلطات الحكم بعدد من دول الشرق الأوسط للإسلاميين والمساعدة في إبعاد الرؤساء العرب (في مصر، تونس، سورية، ليبيا) عن السلطة، وأسند إلى أردوغان دوراً أساسياً في تحقيق هذه التوجيهات الرئاسية الأميركية بدعم سعودي قطري كبير.
ولذلك كانت إدارة أوباما تدرك كما اعترف (جوبايدن) نائب الرئيس الأميركي أوباما في عام 2015 أن كل أشكال الدعم المالي والعسكري الذي قدمته الخطة الأميركية لم يولد سوى تنظيمات إسلامية تكفيرية إرهابية جديدة إضافة إلى ما حصلت عليه حركة الإخوان المسلمين في مصر وتونس.
فتحولت ساحة الصراع التي أدارتها هيلاري كلينتون في بداية الأحداث إلى حرب بين حكومات وطنية ومجموعات إرهاب تكفيرية مثل داعش والنصرة والقاعدة وعشرات الأسماء التي تحمل الفكر والأهداف نفسها وخصوصاً في سورية. ولذلك يقول (لورانس سيلين) وهو عقيد متقاعد من الجيش الأميركي خدم في أفغانستان وفي العراق ثم تابع دراسته بعد تقاعده وحاز الدكتوراه وأصدر كتاباً بعنوان: «استعادة الجمهورية، مرافعة من أجل ثورة أميركية ثانية» وقال فيه إن إدارة أوباما وضعت خطة لتغيير الشرق الأوسط من خلال إبعاد جميع المناهضين لسياستها وإبعاد من أصبح (لا لزوم له) من حلفائها ما دام الإسلاميون سيحلون محله مثل مبارك وبن علي وكذلك القذافي الذي تقارب مع واشنطن ولندن وباريس في آخر سنوات وجوده فلم توفره هذه العواصم.
وكان من البديهي في ظل هذه التوجيهات الأميركية أن تقدم إدارة أوباما السلاح والدعم لمنظمة القاعدة ولداعش وللنصرة وهي أبرز المجموعات الإرهابية التكفيرية في المنطقة ومساعدتها على الامتداد إلى ليبيا واليمن ومصر وتونس وهي دول كانت صديقة وحليفة للولايات المتحدة.
وعلى غرار أفلام هوليوود الأميركية الشهيرة والمتقنة في الإخراج والتصوير قامت إدارة أوباما باغتيال زعيم القاعدة (أسامة بن لادن) في توقيت يهدف إلى دفع بعض قادة (منظمة القاعدة) الذين تراهن عليهم لاستغلال الفرصة، فلم يكن البرنامج الأميركي في شعار «الحرب على الإرهاب» يهدف إلى تصفية قواعد (القاعدة) وتطهيرها بل توسيع دائرتها للدخول إلى ساحة سورية وليبيا ومصر وتونس والمحافظة على وجودها في اليمن.
ويكشف (لورانس سيلين) في مقاله أن وكالة المخابرات العسكرية الأميركية (دي آي أي) DIA أرسلت تقريراً في آب 2012 لهيلاري كلينتون وبقية المختصين جرى الكشف عنه فقط في أيار 2015 جاء فيه أن «جميع الإسلاميين السلفيين والإخوان المسلمين ومنظمة القاعدة وما ينشأ عنها (نشأ عنها داعش) هي القوى الرئيسة التي تقود العمل العسكري في سورية وأن الغرب ودول الخليج وتركيا يدعمونها لتحقيق الغاية المطلوبة».
ويضيف (سيلين): «ويعرض تقرير المخابرات العسكرية الأميركية بالتفصيل الطرق التي يدعم فيها الغرب هذه المجموعات من أجل السيطرة على شرقي سورية قرب حدود العراق في الأنبار وحتى الموصل، وهذا ما تحقق حين أصبحت هذه المناطق من سورية إلى العراق تحت سيطرة داعش»، والسؤال الذي يطرح نفسه هو هل تخلت إدارة أوباما طوال تلك السنوات منذ عام 2012 وتعليمات المخابرات العسكرية الأميركية إلى هذه اللحظة عن هؤلاء الحلفاء من المجموعات التكفيرية الإرهابية؟
لقد ولدت المخابرات العسكرية في تلك المناطق مجموعات عسكرية أخرى نقلت لها ضباطاً أميركيين لتدريبها إضافة إلى انتشار داعش في الرقة وصولاً إلى الموصل، ويبدو أن تفضيل واشنطن الاهتمام بتلك المنطقة الواسعة ودعم كل المسلحين الذين يستهدفون فيها حكومة سورية وحكومة العراق منذ عام 2012 حمل أهدافاً أحبطتها سورية وحلفاؤها وخصوصاً بعد الانتصار الحاسم في حلب، ولكن أوباما ما زال لديه وقت يشبه الوقت المستقطع في ساحة اللعبة ففضل أن يودع الساحة بعملية أرسل لها مروحيات عسكرية إلى منطقة في شمال شرق سورية لكي يعلن لهذه المجموعات أنه رغم استهدافه لأحد مواقع داعش إلا أنهم سيظلون حلفاء يستحقون المراهنة عليهم من واشنطن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن