قضايا وآراء

وداعاً لعهد أوباما غير المأسوف عليه

| د. قحطان السيوفي 

الملاحظ أن أميركا تختار الرؤساء الذين تكون شخصياتهم عكس أسلافهم

أوباما، حلّ محل بوش،. ترامب يخلف أوباما.

البعض يرى أن انتخاب باراك أوباما في عام 2008 كان انعطافا عن المسار الذي اتّخذته أميركا الغاضبة بعد أحداث 11/9. أوباما دعا في خطابه بجامعة القاهرة لحوار مفتوح مع العالم العربي والإسلامي، ولم ينفذ شيئاً منه… دونالد ترامب لديه وجهة نظر مختلفة… ومن المتوقع أن يعمل ترامب على إزالة إرث أوباما؛ من خلال إلغاء عدد من القوانين، وقد يُلغي برنامج أوباما الصحي، و يُعيد النظر باتفاقية التغير المناخي، والصفقة النووية مع إيران… هذا إلغاء لانجازات أوباما الأكثر وضوحاً… حروب بوش في العراق وأفغانستان كانت قد مزّقت مكانة أميركا في الشرق الأوسط وخارجه. وجعلت النظام العالمي بقيادة أميركا في حالة اللاتوازن.
التداعيات السلبية للأزمة الاقتصادية لعام 2008 أرخت بظلالها القاسية على الاقتصاد الأميركي لدرجة أن رئيس أركان الجيش الأميركي السابق قال إن تضخم الدين العام يهدد الأمن القومي الأميركي… الهيمنة الأميركية تراجعت، تولى أوباما المنصب في نقطة انعطاف في الشؤون الجيوسياسية. وفي الوقت الذي يستعد فيه للرحيل تبين أن أوباما غير قادرعلى إيقاف ذلك الانعطاف.
الدور العالمي الذي ورثه أوباما – وحاول، إلى حد ما، دعمه – أصبح في حالة يُرثى لها. النظام الدولي بقيادة الولايات المتحدة كما عرفناه على مدى 70 عاماً انتهى. الآن عاد عصر سياسات القوى العظمى. روسيا، بقيادة الرجل القوي بوتين، والصين بقيادة تشي جينبنيج، ستتعاملان مع أميركا الجريحة بقيادة ترامب.
جاء أوباما داعياٍ للأمل، ويُغادر مُحذّراً من الخوف وانتصار ترامب يعتبر رفضا مدويا للوضع الراهن.
في الولايات المتحدة95% من الأسر دخلها في عام 2016 أقل من دخلها في عام 2007، وفقا لبيانات معهد السياسات الاقتصادية في عام 2016، شهدنا ولادة «الطريق الرابع» – سياسة تركز على «السكان الأصليين»، والحمائية، وحنين ثقافي لَخصه ترامب بتعهده جعل أميركا عظيمة مرة أخرى، بالإضافة لخيبة الأمل على نطاق واسع من العولمة..
أوباما سيتذكره الأميركيون وغيرهم من شعوب العالم بمشاعر متضاربة.
بعض الأميركيين سيتذكرون أن الوظائف في أميركا زادت ، وارتفعت الأجور نسبياً وسيتذكرون خطته الصحية،…وسيتذكر الليبراليون الأميركيون، ، أنهم هم من انتخب أول رئيس أسود في تاريخ البلاد… بيد أن كثيرين في المقابل لن يشعروا بالأسف على رحيل باراك أوباما. بعض الأميركيين وغيرهم يعتقدون أن أوباما أول رئيس أميركي يكسر شوكة الولايات المتحدة كأعظم قوة في التاريخ أمام الحكومة الروسية، التي احتلت الكثير من المواقع التي تراجع الأميركيون فيها، وسيرتبط اسمه طويلاً بتسريب معلومات ويكيليكس. كان أوباما أضعف رئيس أميركي بعد الحرب العالمية الثانية، بالمقابل يتذكر العالم أن آفة الإرهاب الذي ساهمت أميركا وحلفاؤها الإقليميون في إيجاده، لم يكن أوباما جادا ً في مواجهته بل كان مساعدا على إطلاق تنظيم داعش الإرهابي ودعمه. نائب الرئيس الأميركي أوباما (جو بايدن) اعترف عام 2015 أن (كل أشكال الدعم المالي والعسكري الذي قدمتها أميركا… لم تولد سوى تنظيمات إرهابية تكفيرية جديدة).
وثيقة تسمى (تعليمات الدراسة الرئاسية ذات الرقم 11) نشرها موقع f a s (اتحاد العلماء الأميركيين) عام 2011 طلب فيها الرئيس أوباما العمل على تسليم الحكم في عدد من الدول العربية إلى إسلاميين، ونشر الفوضى في (مصر وتونس وسورية وليبيا) وتكليف أردوغان بدور رئيسي في تنفيذ هذه التوجيهات بمساعدة وتمويل من السعودية وقطر…وتؤكد تصريحات ترامب وبعض من فريق إدارته صحة ذلك… سيودع أوباما منصبه، وسيأتي ترامب وبيده قلم وممحاة. وبممحاته سيمحي الإرث الذي تركه أوباما، وبالقلم سيوقع كثيراً من الأوامر الرئاسية والقوانين التي من شأنها أن تجعل من إصلاحات أوباما الاقتصادية والاجتماعية أثراً بعد عين. بعد أيام سيغادر البيت الأبيض رئيس ليبرالي، ليس بقوة روزفلت ولا بدهاء كلينتون، في المقابل، سيدخل البيت الأبيض رئيس يقول إن الحلف الأطلسي عفا عليه الزمن…
سيودع الأميركيون والعالم عهد أوباما… الذي شهد المزيد من التردد، وعدم المصداقية ، ولم تفهم إدارة أوباما أبعاد التغيرات الدولية… وداعا لعهد غير مأسوف عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن