قضايا وآراء

المتربصون بسورية غير راضين عن وقف الأعمال القتالية

| صياح عزام 

لا شك أن الاتفاق الثلاثي بين موسكو وطهران وأنقرة حول وقف إطلاق النار الشامل في سورية وبدء المحادثات في «أستانا»، يمتلك فرصة كبيرة للنجاح لم تتوافر لتفاهمات واتفاقات سياسية سابقة والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا؟
بداية، لأن الدول المُوقعة عليه والراعية والضامنة لبنوده، هي الأكثر تأثيراً في مُجريات الحرب الإرهابية في سورية وعليها، وهي قادرة على إلزام الأطراف المتقاتلة بالانصياع لبنود ومُندرجات الاتفاق، ومما يدل على ذلك أنه بعد الإعلان عن الاتفاق، التزم الجيش السوري وحلفاؤه بوقف إطلاق النار مع الاحتفاظ بحق الردّ على خرقه من الطرف الآخر «هذا طبعاً مع استثناء الاتفاق لكل من داعش وجبهة النصرة الإرهابيين من الاتفاق المذكور»، وبالمقابل، التزمت الفصائل المسلحة الموقعة على الاتفاق وهي الأكثر عديداً وعدّة- بذلك بشكل عام.. وهذا يعني، أن طريق التهدئة والحل السياسي بات مفتوحاً إلى حدّ ما، ولكن مع ذلك، هناك أفخاخ منصوبة وعراقيل تستهدف هذا الطريق ومنها على سبيل المثال:
أولاً- إن الجماعات المُوقعة على الاتفاق تُمثل الأغلبية والأكثرية بين الجماعات المسلحة، إلا أن هناك جماعات وفصائل أخرى، ما زالت خارج الاتفاق، حتى إن بعض الفصائل الموقعة مازال بعض الغموض يكتنف موقفها، ثم إن المشكلة الأكبر هي في كيفية إمكانية الجمع والتوفيق بين استمرار الحرب على الإرهاب «داعش والنصرة» مع وجود النصرة ضمن نطاق تمركز المناطق المشمولة بالتهدئة وخاصة في إدلب.
ثانياً- والعقبة الثانية، هي الدور المشبوه الذي تلعبه كل من السعودية وقطر ضد سورية، وخاصة أنهما غير مشمولتين بهذا الاتفاق الجديد، ولا في محادثات أستانا ولهذا ستعملان بشكل مباشر أو غير مباشر على تعطيل بنود الاتفاق.
ويمكن القول: إن دول الخليج والدول الغربية بشكل عام غير راضية عن الاتفاق لعدة أسباب، بينها: إن الاتفاق استند إلى قاعدة ضرورة محاربة الإرهاب، لأن ذلك يخلص المنطقة والعالم من شروره ويمهد الطريق للحل السياسي المأمول، بحيث يشترك الجميع: الجيش السوري وحلفاؤه، والفصائل المسلحة الموقعة على الاتفاق، في ذلك واعتبار هذه المشاركة المعيار الذي يحدد مَنْ الإرهابي ومن ضد الإرهاب، ومن هنا جاء انزعاج الغرب ودول الخليج من الاتفاق، ولجوء بعضهم إلى الدفاع عن جبهة النصرة، بل المطالبة بأن يشملها الاتفاق! أما السبب الآخر، فهو أن الاتفاق يوقف نزيف الدم السوري، ويخفف من معاناة السوريين من الإرهاب، وهذا ما لا تريده الدول الغربية والخليجية التي تستثمر في الإرهاب، والسبب الثالث: إن الاتفاق جاء بعد الانتصار الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه بتحرير مدينة حلب من قبضة الإرهاب الذي رسخ من دون شك موازين قوى جديدة على الأرض، وهذا لا يصب في مصلحة الغرب وحلفائه وعملائه على الساحة العربية.
أخيراً، لابد من الإشارة إلى ملاحظتين مهمتين تتصلان بالاتفاق:
الأولى: إن الموقف التركي المتمثل بالتنسيق مع روسيا وإيران، لم يكن ليحصل لولا توصل أردوغان إلى قناعة بفشل مشروعه التوسعي في شمال سورية بفضل صمود الدولة السورية، إلى جانب أنه مشغول حالياً، بتنفيذ التعديل الدستوري الذي أقره البرلمان والذي يجعل منه «الصدر الأعظم» المطلق الصلاحيات، إلى جانب انشغاله بالفوضى الأمنية، وما تعانيه تركيا من ركود اقتصادي وتراجع السياحة بسبب تورطه في سورية والعراق وغيرهما من الدول العربية.
الملاحظة الثانية، هي أن الموقف الأميركي من الاتفاق قد يمكن أن يوصف بـ«الغائب الحاضر» فواشنطن رحبت بالاتفاق ظاهراً، إلا أن موقفها النهائي لم يتضح بعد بشكل كامل، بانتظار أن يكشف ترامب عن مواقفه وخططه تجاه سورية والمنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن