سورية

في جلسة «أستنة» الافتتاحية… رئيس الوفد الحكومي الرسمي يدعو إلى تثبيت وقف الأعمال القتالية لمدة زمنية محددة.. ورئيس الوفد الروسي يؤكد أن الاجتماع فرصة حقيقية لتحريك العملية السياسية … واشنطن تتمسك بـ«الحل السياسي».. والأمم المتحدة تدعو إلى إنشاء آلية مراقبة لتطبيق وقف إطلاق النار

| أستانا – الوطن

دعا رئيس الوفد الحكومي الرسمي إلى اجتماع أستنة مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، إلى «تثبيت وقف الأعمال القتالية لمدة زمنية محددة» يتم خلالها الفصل بين التنظيمات الموقعة على اتفاق وقف الأعمال القتالية وتنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين والتنظيمات المرتبطة بهما.
وعلى حين شددت كازاخستان على ضرورة استغلال هذه الفرصة لتحقيق خرق في الأزمة في سورية، واعتبر رئيس الوفد الروسي ألكسندر لافرينتيف أن الاجتماع يشكل «فرصة حقيقية لإعطاء دفعة لتحريك العملية السياسية في سورية»، شدد رئيس الوفد الإيراني حسين جابري أنصاري على أنه «يجب تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار»، محذراً من أنه «دون ذلك لن يكون هناك أمل»، على حين أكد السفير الأميركي في كازاخستان جورج كرول، أن بلاده «متمسكة بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية»، في وقت دعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى «إنشاء آلية مراقبة وتطبيق لوقف إطلاق النار على الأرض».
الوفد الحكومي الرسمي
وفي بيان له خلال الجلسة الافتتاحية، استهله بـ«توجيه جزيل الشكر لرئيس وحكومة وشعب جمهورية كازاخستان الصديقة على استضافتنا في بلادكم»، اعتبر الجعفري أن أستنة تستضيف هذا الاجتماع السوري السوري ترجمة لدبلوماسية الوساطة والانفتاح الكازاخية وثمرة لجهود مشتركة بذلتها عدة أطراف ولا سيما الأصدقاء روسيا الاتحادية وجمهورية إيران الإسلامية بهدف تثبيت قرار وقف الأعمال القتالية على كامل أرجاء سورية باستثناء المناطق التي فيها تنظيمات داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المسلحة الأخرى التي رفضت الانضمام إلى اتفاق وقف الأعمال القتالية وحضور هذا اللقاء، وكذلك بهدف التوصل إلى زرع بذور الثقة بإمكانية العمل معاً كسوريين لمواجهة الحرب الإرهابية المفروضة على سورية».
وأشار إلى هذا الاجتماع يأتي ثمرة لجهود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبعد مرور سنوات من عمر الحرب على سورية التي يطلق عليها من باب التبسيط اسم «الأزمة السورية».
وأضاف: «ومع أن هذا الاجتماع هو.. ويجب أن يكون سورياً سورياً بامتياز.. لمناقشة كيفية الخروج بقرار وطني جامع ينهي حالة الشذوذ الخطرة السائدة إلا أن تقييماً موضوعياً لأبعاد هذه الحرب لدى الباحثين والمحللين السياسيين يوضح بجلاء أنه من المجافي للحقيقة والمجحف للواقع أن يصر البعض على اعتبار ما يجري في سورية من حرب إرهابية دولية هو عبارة عن «أزمة بين السوريين» أو «حرب أهلية».
وأكد الجعفري أنه «تم استجلاب قطعان الإرهابيين التكفيريين من زوايا الأرض الأربع وتجميعهم وتدريبهم وتسليحهم وتمويلهم ونقلهم عبر حدودنا مع دول الجوار ثم دفعهم لسفك دماء السوريين وتبرير إرهابهم الجاهلي هذا بأنه معارضة سورية معتدلة معدلة وراثياً وفق أجندة معدة مسبقاً كل ذلك ينصف المشهد ويضفي المصداقية على أن كثيراً مما جرى في البلاد مصدره قوى خارجية وأجندات تدخلية ومشروعات شيطانية لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بطموحات وآمال الشعب السوري».
وأضاف: إن «الدليل على صحة ما نقول هو ما أدلى به مؤخراً وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أن توسع داعش في سورية قبل تدخل روسيا ومساعدتها لدمشق في قتال التنظيم كان سيجبر الدولة السورية على التفاوض مع واشنطن وهذا يؤكد بصريح العبارة قيام الإدارة الأميركية الراحلة وحلفائها الإقليميين والدوليين باستخدام الإرهاب كسلاح سياسي لتدمير دول مستقلة بغرض فرض هيمنتها عليها وتحقيق أهدافها».
وأكد الجعفري، أن الحكومة السورية لم تدخر جهداً منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية لإيجاد تسوية وقد أثبتت ذلك مراراً وتكراراً، موضحاً أنه واستمراراً لهذا النهج وانطلاقاً من حرصها على وقف سفك الدم السوري وعلى إعادة الأمن والاستقرار وتنفيذ إرادة الشعب السوري فقد انخرطت بشكل فعال مع الشريكين الروسي والإيراني للبناء على تحرير مدينة حلب من الإرهاب للتوصل إلى اتفاق وقف الأعمال القتالية».
وأضاف: إن «ما تأمله الجمهورية العربية السورية من هذا الاجتماع هو تثبيت وقف الأعمال القتالية لمدة زمنية محددة يتم خلالها الفصل بين التنظيمات الموقعة والراغبة في التوجه إلى مصالحة وطنية والاشتراك في العملية السياسية من جهة وتنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين والتنظيمات المرتبطة بهما على أمل أن تتضافر جهودنا جميعاً في محاربة الإرهاب تلبية لمطالب شعبنا الأمر الذي يتطلب لإنجاحه إغلاق الحدود السورية التركية لتجفيف منابع الإرهاب وبذلك نكون قد مهدنا الطريق نحو حل سياسي للحرب بمشاركة أوسع طيف من السوريين».
وتابع: «من هنا نحن مدعوون جميعاً للعمل معاً لتحصين الوطن من وباء الخيانة لمصلحة قوى خارجية تروم بكل السوريين الشر والعداء ومن العمالة لأجندات تخريبية تدميرية إرهابية فالسوريون قادرون لوحدهم على تجاوز خلافاتهم وبناء جسور حوار مثمر يعيد الوطن واقفاً على قدميه بشموخ وعزة فالسلام قبل أن يولد في المؤتمرات لا بد أن يولد في عقولنا وقلوبنا وكلما ازداد عدد المؤمنين بيننا بذلك اقتربنا من تعزيز مسار المصالحة والمصارحة الوطنية».
وأشار الجعفري إلى أن القوى والتيارات السياسية الوطنية السورية «حكومة ومعارضات» وكذلك قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بتطورات الوضع في سورية إضافة إلى اجتماعات الحوار السوري/السوري واللقاءات التشاورية اجمعت على احترام سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها أرضاً وشعباً وعدم جواز التنازل عن أي جزء منها ورفض أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية بصورة مباشرة أو غير مباشرة بحيث يقرر السوريون وحدهم مستقبل بلادهم عبر الوسائل الديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع وامتلاكهم الحق الحصري في اختيار شكل نظامهم السياسي.
وأوضح: إن «سورية التي نحب هي وطن التنوع بكل أشكاله وصوره.. وطن يؤمن السوريون فيه بأسس وثوابت دولتهم المستقلة الديمقراطية العلمانية التي تقوم على التعددية السياسية وسيادة القانون واستقلال القضاء والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وحماية الوحدة الوطنية والحريات العامة وضمان التنوع الثقافي والاجتماعي لكل مكونات المجتمع السوري والحفاظ على استمرارية عمل مؤسسات الدولة ومرافقها كافة والارتقاء بأدائها وحماية البنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة».
وأكد الجعفري أن «شعبنا يقدس الحياة ويعظم السلام والأمان ويرفض الإرهاب أياً كان مصدره أو دوافعه فالجاهل بيننا هو الوحيد اليوم الذي يتشبث بقراءة المشهد الذي يحرقنا جميعاً قراءة استنسابية واستمزاجية تبرر الإرهاب وتضفي عليه سمات عقائدية تسيء لدورنا وتاريخنا الإنساني والحضاري». وقال الجعفري في ختام بيانه: «لنكن جميعاً على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا في حقن الدماء السورية وتحقيق تطلعات الشعب السوري الذي له الحق الوحيد والحصري في تقرير مستقبله بنفسه وتحديد شكل نظامه السياسي».

المضيف
وتلا وزير خارجية كازاخستان خيرات عبد الرحمانوف رسالة من الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف إلى المشاركين في الاجتماع، قال فيها: إن «كازاخستان كدولة محبة للسلام وبصفتها عضواً غير دائم في مجلس الأمن في منظمة الأمم المتحدة تولي اهتماماً من أجل إقرار الأمن والاستقرار وتعزيزهما في منطقة الشرق الأوسط ولقاء اليوم يعكس بوضوح ما يبذله المجتمع الدولي من جهود جبارة لتسوية الوضع في سورية بالطرق السلمية».
ورأى نزار باييف أن «السبيل السليم والوحيد لتسوية الوضع في سورية هو المفاوضات وليس مصادفة أن تختار بلدنا كمنصة أساسية لهذا الحوار وهذا اللقاء فكما تعلمون فقد عقدت في أستنة في عام 2015 دورتان للمشاورات بين عدد من المجموعات السورية المعارضة». وأوضح أنه «بهدف تخفيف المعاناة التي يعيشها الشعب السوري فقد قمنا بتخصيص مبلغ 700 ألف دولار للاجئين السوريين كما أرسلنا مؤخراً 500 طن مساعدات إنسانية بشكل مواد غذائية». وأشار إلى أن «الوضع في سورية حوّل أنظار العالم إليها وعلينا أن نعترف بأن الصراع الدموي الدائر منذ نحو ست سنوات في سورية لم يجلب لهذا البلد سوى المعاناة والآلام.. هذا البلد الذي تلتقي فيه الحضارات والثقافات المختلفة».
وأعرب عن ثقته بأن اجتماع أستنة «سيهيئ الظروف اللازمة لجميع الأطراف المعنية لإيجاد حل مناسب للأزمة وفق عملية جنيف وفي إطار منظمة الأمم المتحدة لكي نسهم بشكل لائق في إحلال السلام والاستقرار في سورية» متمنياً لكل المشاركين في هذا الاجتماع نتائج مثمرة وناجحة».
من جهته وكوزير لخارجية كازاخستان أكد عبد الرحمانوف، أن كازاخستان تعتبر من الأولويات لها في هذا الإطار العمل كوسيط موضوعي ومحايد في مختلف اللقاءات ونأمل أن نساهم من خلال هذه المفاوضات في إلقاء الضوء على الأزمة في سورية.
وأضاف: «نحن نعتبر ضامنين وراعين لهذا اللقاء الذي يشهد لقاء ممثلي الحكومة السورية والمعارضة لبذل كل الجهود لإيجاد تسوية سلمية لهذه الأزمة ونوجه لهم الشكر على كل الجهود التي بذلوها للوصول إلى هذه المنصة».
وتابع: «من خلال هذه المحادثات نود أن تجدوا في أستنة وكازاخستان بلد السهل العظيم كل الهدوء والراحة وأرجو منكم العمل ونحن نقدم لكم المنصة المناسبة للحوار وللمفاوضات ونحن في خدمتكم وعندما تحتاجون إلى أي شيء أرجو الاتصال بي مباشرة ونحن مستعدون لتقديم كل العون لهذا اللقاء وتقديم كل أنواع المساعدة وعلينا أن نستغل هذه الفرصة لكي نحقق خرقا في الأزمة في سورية ونحن متمسكون بهذا الهدف النبيل».
وأشار إلى أن بلاده تجري مشاورات ناجحة عديدة للفت الانتباه لقضايا عالمية عديدة وليس فقط الأزمة في سورية».

الوفد الروسي
بدوره أكد رئيس الوفد الروسي في كلمة له أن بلاده «تولي اهتماماً كبيراً لاجتماع اليوم وتعتقد بأنه فرصة حقيقية لإعطاء دفعة لتحريك العملية السياسية في سورية».
وقال لافرينتيف: إن هذا اللقاء «يشكل فرصة مهمة لمناقشة وضع حد للأزمة في سورية التي باتت تمثل تهديداً للأمن والسلام في كل الشرق الأوسط وأيضاً لمواجهة التحديات الماثلة أمامنا وخصوصاً مسألتي الإرهاب والتطرف» مشدداً على أنه «يجب أن تكون حماية وحدة الأراضي السورية وعدم التحول إلى دولة عقائدية من أولى الأولويات أمام الجميع».
وأضاف: إن «هناك أملاً ظهر من خلال هذا الاجتماع وعلينا أن نفعل كل ما يمكن لتعزيزه لإحلال السلام في سورية»، معرباً عن أمله في التوصل لأجواء مناسبة تمهد لاستئناف محادثات جنيف. وأشار إلى الدور الذي تلعبه روسيا في محاربة الإرهاب وما حققته في هذا السياق، لافتا إلى أن مساندتها للجيش السوري أدت إلى هزيمة تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين في الكثير من المناطق، إضافة إلى دورها في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية.

الوفد الإيراني
من جهته أكد رئيس الوفد الإيراني ضرورة الحفاظ على وحدة سورية واستقلالها وحق الشعب السوري أن يقرر مستقبله بنفسه.
وقال جابري أنصاري في كلمته: «نحن اجتمعنا من أجل التوصل إلى السلام في سورية وإتاحة الفرصة للحوار بين الحكومة السورية والفصائل المسلحة» مضيفاً.. «يجب وضع خريطة طريق وعلى كل المجموعات التي لم تنضم إلى هذا الاجتماع أن تنضم إليه» مشدداً على أنه يجب على المجتمع الدولي أن يضمن وقف تدفق السلاح إلى سورية.
وأضاف: «يجب تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار ومن دون ذلك لن يكون هناك أمل ويجب علينا أيضاً أن نرفع الحصار عن الكثير من المدن في سورية ونقدم المساعدات وإعادة إعمار المدن من أجل عودة الناس إلى بيوتهم».

السفير الأميركي
من جانبه قال السفير الأميركي في كازاخستان في كلمته: الولايات المتحدة «متمسكة بالتوصل إلى حل سياسي للأزمة في سورية يجمع أكبر قدر من السوريين». وأعرب كرول عن ترحيب بلاده بوقف إطلاق النار وبأي جهود تمكن من التوصل إلى حل للأزمة في سورية وفق قرارات مجلس الأمن الدولي بما يسمح أيضاً لوكالات الإغاثة بالوصول إلى المزيد من المناطق في مختلف الأراضي السورية.
وأشار كرول إلى أنه سيكون هناك اجتماع جديد في جنيف الشهر القادم حول الأزمة في سورية.

دى ميستورا
ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية الذي يقوم بدور وسيط بين الطرفين في أستنة، إلى إنشاء آلية مراقبة وتطبيق لوقف إطلاق النار على الأرض.
وقال: «لم يكن لدينا مثل هذه الآلية في السابق ولهذا السبب فشلنا» في تسوية النزاع، مشيداً بكل مبادرة تهدف إلى «تعزيز الثقة» بين الطرفين.
وأوضح أن «الأمم المتحدة ترى أن مثل هذه الاجتماعات تهيئ الفرصة لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية» مشيراً إلى أن «هناك أملاً في التخفيف من معاناة السوريين عبر العمل على تثبيت وقف إطلاق النار الذي يعتبر مهماً حتى لو كان هناك بعض الخروقات».
وأضاف: إننا «ندعو الصامتين والرعاة إلى إيجاد آلية واضحة للمساهمة في مكافحة الإرهاب» مشدداً على أنه يجب على «كل الأطراف أن تساهم في الحفاظ على البنى التحتية وتأمين وحماية عمال الإغاثة للوصول إلى المحتاجين للمساعدات».

وفد الإرهابيين
رئيس وفد المجموعات الإرهابية المسلحة محمد علوش القيادي في «جيش الإسلام»، قال في كلمة له: «أتينا إلى هنا لتثبيت وقف إطلاق النار كمرحلة أولى لهذه العملية. ولن نذهب إلى الخطوات التالية إذا لم يتحقق هذا واقعاً على الأرض».
وأضاف علوش: «نريد تثبيت وقف إطلاق النار وتجميد العمليات العسكرية في كل أنحاء سورية وتطبيق الإجراءات الإنسانية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2254 ليشكل ذلك ورقة قوية للدفع باتجاه الانتقال السياسي المنشود في سورية بحسب بيان جنيف 2012».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن