من دفتر الوطن

التائبون وطنياً!!

| عبد الفتاح العوض 

ثمة مقولة معروفة جداً.. الأذكياء فقط هم من يغيرون آراءهم. أقول ليس فقط الأذكياء.. بل المترددون.. الانتهازيون.. المنقادون!!
لكن رغم ذلك فإن تغيير «الرأي» يعبر عن صفات إيجابية، فالذي يغير رأيه هو شخص قادر على الرجوع عن الخطأ، والعودة إلى جادة الصواب، وإصلاح ما أفسده.
الذي يغير رأيه هو شخص غير متعنت ولا يتشبث برأيه مهما كانت عواقبه أو مهما تبين له خطؤه.
الذي يغير رأيه مرن ومستعد للتغير ولديه قدرة على التأقلم مع الأشياء الجديدة.
كل هذا مقدمة للحديث عن التائبين «سياسياً» من وجوه الـمعارضة التي ذهبت بعيداً وبعيداً جداً ثم تراءى لهم أن هذا الطريق كان خطأ وآن لهم العودة إلى «جادة الصواب».
الملاحظة التي تجمع هؤلاء أن اللغة التي يتم استخدامها للتعبير عن «نية» التوبة هو البدء بالهجوم على رفاقهم في المعارضة!! وهم بذلك يكررون أنفسهم عندما بدؤوا بتغيير اتجاههم.. الأساسي. فأخذوا بالهجوم على رفاقهم في «السلطة»!!
هنا لا أعبر عن موقف ولا أحكم على أحد بل أقدم توصيفاً للحالة.
التائبون أو أولئك الذين يرسمون خطتهم لإعلان التوبة لا يقولون «أخطأنا».. بل يقولون حتى الآن إنهم «اكتشفوا» أنه «غرر بهم» وذهبوا إلى المعارضة ظناً منهم أنهم «ملائكة» فوجدوهم شياطين..
لا يقولون: حسبناها خطأ… أو لم نكن نتوقع الأمر سيصل لهذا الحد… أو كنا رومانسيين.. كنا مراهقين سياسيين.
لا يقولون طمعنا وغرتنا الخطابات والدولارات… وأباليس السياسة.
لا يقولون حتى الآن إلا إنهم وجدوا المعارضين سيئين.. فقط لا غير.
في التوبة الدينية يُستلزم الندم وإعلان العزم على عدم تكرار الخطأ وإعادة الحق إلى صاحبه…
في التوبة الوطنية لا يستلزم الأمر إلا «الرجوع عن الخطأ»… فقط لاغير وهو أمر مشروع وطنياً.. وستجد من يعارض ذلك لكن في أخلاقيات الوطن الأكثر أهمية أن تتوقف عن المساهمة في هدمه… وأن تعود إليه وتلقائياً ستعوض عن أخطائك.
التوبة الوطنية مفتوحة… فقط الأغبياء لا يتقنون فن الاعتذار للوطن.

أقوال:
يلخصون الوطن في شعار.. يضعون الشعار في علبة.. يضعون العلبة في جيوبهم.
ومن لم تكن أوطانه مفخراً له
فليس له في موطن المجد مفخر
من ندم تاب.. ومن تاب أناب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن