قضايا وآراء

اجتماع «أستانا».. مطبات وأفخاخ.. لكنه يبقى مهماً

| صياح عزام

من الصعب تعليق آمال كبيرة على نتائج اجتماع أستانا فهو أشبه ما يكون بمحطة تكتيكية ستستعمله بعض الأطراف لتحسين ظروف التفاوض اللاحق في جنيف، المخطط له أن يبدأ في الثامن من شهر شباط المقبل.
سورية التي عملت منذ بدء الحرب الإرهابية عليها باتجاه إيجاد حل سياسي يقوم على قاعدة الحوار السوري السوري من دون أي تدخلات خارجية، استجابت لدعوة منظمي اجتماع أستانا، وأعلنت على لسان رئيس وفدها إلى الاجتماع، بأن ثلاثة أهداف أساسية يجب التركيز عليها، وهي:
1- تثبيت وقف إطلاق النار الذي أعلن عنه مع استثناء تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين والفصائل الأخرى المتعاونة معهما.
2- فصل المجموعات الإرهابية المسلحة عن المجموعات المسلحة الملتزمة بوقف إطلاق النار والتي ذهبت إلى اجتماع أستانا.
3- إيجاد قواسم مشتركة يبنى عليها على طريق التوصل إلى حل سلمي يحفظ وحدة سورية وسيادتها واستقلال قرارها، بعيداً عن أي تدخلات خارجية.
وهنا لابد من توضيح نقطة مهمة، وهي أن تركيا (التي تزعجها علمانية سورية) لها حساباتها الخاصة، إذ إن موقفها السياسي معروف، فهي من خلال إشرافها على فصائل مشاركة في اجتماع أستانا، حاولت حصد أكبر نتائج ممكنة لمصلحتها تخدم أطماعها في الشمال السوري، بما في ذلك استبعاد الأكراد من أي عملية تفاوض جارية أو لاحقة، هذا مع العلم بأن سورية تعاملت مع الطرف التركي على أنه غير مشارك في المفاوضات، فالحوار في أستانا سوري سوري، لأن تركيا انتهكت وما تزال السيادة السورية، وحُرمة أراضي سورية عبر عملياتها العسكرية في هذه الأراضي ودعمها لمجموعات إرهابية مسلحة تعمل بإمرتها منذ بدء «الأحداث» قبل ما يقارب الست سنوات.
لاشك بأن الفصائل الإرهابية المسلحة التي ذهبت إلى أستانا تعكس في مواقفها وطروحاتها وجهات نظر الأطراف الداعمة لها والتي ترتكز على مسارات ثلاثة، يتعلق المسار الأول بتثبيت وقف إطلاق النار وضمان عدم تحرير الجيش السوري وحلفائه لأي منطقة جديدة، أو بمعنى آخر، وقف تقدم الجيش السوري على مختلف المحاور، ثم سحب ما تسميه الفصائل المسلحة القوى الأجنبية المسلحة، من الأراضي السورية، وتنفيذ بنود قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 حول إجراءات بناء الثقة، إضافة لهدنة عسكرية لا تقل عن ستة أشهر مع آليات تنفيذية لمراقبتها. بالطبع، هذا المطلب يتضمن مطبات وأفخاخاً عديدة، حيث تستغل الهدنة الطويلة لإعادة ترميم أوضاع الفصائل المسلحة، إلى جانب أن آليات المراقبة هذه تثير العديد من الشكوك والتساؤلات حول تشكيلها ومهامها. أما المسار الثاني فيتعلق باقتراح إنشاء هيئة عسكرية محترفة بهدف استيعاب كل الفصائل التي توافق على هذا الخيار كمقدمة لإطلاق الحل السياسي.. أيضاً هذا الاقتراح، الهدف منه محاولة إيجاد مكان ودور للفصائل الإرهابية المسلحة داخل الجيش السوري، وبالتالي، مكافأة من حمل السلاح ضد الجيش وضد الشعب السوري ودولته.
ويأتي الاقتراح الثالث حول إعادة بناء ما يسمى الائتلاف بطريقة أخرى مع الاحتفاظ باسمه، واستبدال مصطلح المعارضة بمصطلح آخر: «القوى السياسية الوطنية»!
والسؤال هنا، كيف يمكن لائتلاف أنشأته السعودية وقطر وطالب بالتدخل العسكري في سورية، وذهب أكثر من شخص من قياداته إلى إسرائيل أن يكون وطنياً؟!
إذاً، مثل هذه المسارات والاقتراحات لوفد الفصائل المسلحة تخدم أهداف مشغليها بالدرجة الأولى، وهذا ما لا يقبل به الشعب السوري ولا القيادة السورية.
كيف يمكن لمن يدافع عن جبهة النصرة المصنفة بقرار دولي أنها إرهابية، وعن جريمة قطع المياه عن مدينة دمشق وريفها أن يكون وطنياً؟! أمر مستغرب فعلاً!.. هذا ما قام به رئيس وفد الفصائل المسلحة إلى مؤتمر أو اجتماع أستانا.
على أي حال يبقى اجتماع أستانا حدثاً مهماً رغم ما برزت فيه من سلوكيات غير مقبولة أقدم عليها وفد المجموعات المسلحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن