سورية

سجال بين طهران ووفد الإرهابيين.. وأنقرة دعمت الاجتماع من أجل تسريع حملتها على الباب ومنبج … الكرملين يأمل بأن تحرك «نتائج أستانا» «عملية جنيف»

| الوطن – وكالات

خرج رعاة اجتماع أستانا ليعبروا عن رضاهم عن مستوى النجاح الذي تكللت به المحادثات، باستثناء السجال الذي اضطرت إيران إلى خوضه مع وفد الإرهابيين بشأن وجود قواتها في سورية.
وعبر الكرملين عن رضاه عن نتائج المحادثات التي اختتمت أعمالها أول من أمس، معرباً عن أمله في أن تساهم في تحريك عملية جنيف «المتعثرة»، وفتح الباب أمام إمكانية إجراء مزيد من اللقاءات تحت مظلة أستانا.
وأكدت الدبلوماسية الروسية وجود رؤية لديها لتطوير العملية التي انطلقت في العاصمة الكازاخية، كاشفةً عن وجود استعداد مبدئي لدى كل من القوات الروسية والحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة، لتوجيه ضربات إلى مواقع تنظيم داعش في المناطق السورية.
وإذ أوضحت أن مشروع الدستور السوري الذي تم توزيعه على وفد المجموعات المسلحة، يأخذ بعين الاعتبار آراء الحكومة والمعارضة ودول المنطقة، أكدت مصادر المسلحين أن وفد المجموعات المسلحة رفض استلام المشروع.
ووصفت الدبلوماسية الإيرانية مطالبة وفد الإرهابيين إلى أستانا بسحب وحدات القوات الإيرانية من سورية، بـ«الخسيسة»، وكشفت أن اللقاء الثاني لإنشاء آلية للرقابة على وقف إطلاق النار في سورية سيعقد بعد أسبوع أو أسبوعين.
أما أنقرة، فقد أعلنت أنها دعمت أستانا من أجل تسريع حملتها على مدينتي الباب ومنبج بريف حلب الشمالي، زاعمةً أن من أهم أهدافها إحلال السلام في سورية ودول الجوار، وإتاحة الفرصة لعودة ملايين السوريين إلى بلادهم.
ووصف الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف نتائج اجتماع أستانا بأنها «نجاح، بلا ريب». وكشف أن القيادة الروسية تنظر نظرة إيجابية إلى «لقاء الأطراف المعنية».
وشدد بيسكوف على أن اجتماع أستانا «سيدعم عملية جنيف بشكل كبير»، مطمئناً في هذا الصدد إلى أن المجرى الرئيسي للبحث عن حلول للأزمة السورية يتمثل في عملية جنيف، وأضاف قائلاً: «نعلم أن العملية (في المدينة السويسرية) تعثرت لفترة طويلة، ونأمل في أن تساعد نتائج أستانا على استئناف الاتصالات في إطار عملية جنيف».
واعتبر أن قدرة «إطار أستانا» على الاستمرار تتعلق بملاءمة هذا الإطار للوضع والحاجة إليه، وإن ذلك سيتضح مع مرور الوقت.
في غضون ذلك كان رئيس الدبلوماسية الروسية يخاطب البرلمان الروسي (الدوما) مؤكداً أن مشروع الدستور السوري، الذي وزعته موسكو أثناء اجتماع أستانا يعتمد على اقتراحات طرحتها الحكومة السورية والمعارضة ودول المنطقة.
ونفى عضو وفد المجموعات الإرهابية سعيد نقرش في تصريح لموقع معارض، «استلام المعارضة نسخة عن دستور لسورية أعدته موسكو». وأكد نقرش، وهو قائد ميليشيا «لواء شهداء الإسلام»، أن اجتماع أستانا كان مخصصاً لبحث القضايا العسكرية فقط، مشيراً إلى أن الوفد أبلغ الجانب الروسي أن بحث أي قضية سياسية ومستقبل سورية ستتم عبر مظلة تمثل «الثورة السورية» وهي «الهيئة العليا للمفاوضات».
من جانبه، أكد مندوب ميليشيا «جيش العزة» إلى أستانا أسامة معراتي أن وفد الإرهابيين رفض استلام نسخة الدستور. وأضاف: إن «الروس وضعوا المسودة على الطاولة، لكننا لم نأخذها حتى. قلنا لهم إننا نرفض مناقشة هذا».
من جهة أخرى، شرح لافروف أنه سيعقد يوم غد الجمعة لقاء مع ممثلي المعارضة السورية السياسية، بهدف إزالة الشبهات بأن تكون روسيا وتركيا وإيران تحاول تبديل كل ما تم تحقيقه في مسار التسوية السورية حتى الآن بـ«عملية أستانا». وأوضح أنه، خلال هذا اللقاء، سيبلغ المعارضين السوريين بكل ما جرى في أستانا وبالرؤية الروسية لتطوير هذه العملية بشكل إيجابي.
وأشاد بنتائج اجتماع أستانا. وأوضح أن «هذه المحادثات شهدت اجتماع وفد الحكومة السورية بممثلين عن الفصائل المسلحة وراء طاولة واحدة»، وأضاف: «لم يحصل شيء من هذا القبيل سابقاً. بل كانت المعارضة السياسية، التي معظم أفرادها من المغتربين، تشارك في مختلف الفعاليات الرامية إلى تنظيم الحوار السوري».
وأضاف لافروف: إنه إضافة إلى هذا الاجتماع بين وفدي الحكومة والمعارضة، عقد الوفد الروسي إلى أستانا الذي كان يضم ممثلين عن وزارتي الخارجية والدفاع، لقاءات عدة مع المعارضين المسلحين، وبحث مع هؤلاء آفاق الشروع في محاربة الإرهاب، وبالدرجة الأولى «داعش» في سورية، معاً. وقال: «يعني ذلك أن الحكومة السورية والقوات الجوية الفضائية الروسية التي تدعم الجيش السوري، وفصائل المعارضة المسلحة، مستعدة من حيث المبدأ لتضافر الجهود وتوجيه ضربات إلى مواقع الدواعش في المناطق السورية التي ما زالت تحت سيطرة التنظيم».
وأوضح أن الدول الضامنة اتفقت في أستانا على «مشاركة المعارضة المسلحة في المفاوضات حول التسوية بسورية إلى جانب المعارضة السياسية، وفق قرارات مجلس الأمن الدولي». وتابع أن نتائج هذه المفاوضات يجب أن تساهم في دفع التسوية السياسية قدماً إلى الأمام وفق القرارات الصادرة بهذا الشأن عن مجلس الأمن الدولي. واستطرد قائلاً: «انتهى اللقاء بتبني وثيقة، أما نتائج المفاوضات فتعد مهمة جداً، فهي ترفع جهودنا إلى مستوى جديد نوعياً».
ولفت إلى أن نتائج اللقاء في أستانا سجلت أيضاً عدم وجود حل عسكري للنزاع في سورية.
وأضاف: إنه من المستحيل محاربة الإرهاب بصورة فعالة، من دون استعادة الاستقرار في الشرق الأوسط، ومن دون جهود فعالة وسلمية لتسوية النزاعات في سورية والعراق وليبيا واليمن.
إيرانياً، أعلن مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية حسين جابري أنصاري أن بلاده لن ترد أو تنظر في مطالبة وفد الإرهابيين بسحب وحدات القوات الإيرانية من سورية. ووصف تلك التصريحات بـ«الضعيفة والخسيسة» تطلقها «أطراف ورطت نفسها والشعب السوري ومنطقة الشرق الأوسط بأكملها في المحنة»، مشيراً إلى أن هذه القوى منحازة وتفسر حلول الأزمة بشكل غير واقعي.
واتهم هؤلاء بالوقوف وراء الأزمة التي تعيشها سورية، مشيراً إلى سعيها لتحقيق نتائج سريعة منذ بداية الأزمة عبر إسقاط النظام الحاكم، وأضاف: إلا «أنها وضعت نفسها في حالة حرجة»، واستطرد موضحاً أن إيران في المقابل وبالتعاون مع شركائها من روسيا وتركيا سعت إلى وضع حد لهذه المأساة وإطلاق مرحلة جديدة في حياة سورية، التي يحق لشعبها أن يقرر مصيره ومصير بلاده بشكل مباشر».
وأكد أنصاري أن أهم نتائج أستانا يتمثل في توصل الدول الضامنة الثلاث إلى اتفاق على إنشاء لجنة تضم ممثلين عن الدول الثلاث لمراقبة تنفيذ الهدنة ووقف القتال في سورية. وكشف أن أول لقاء روسي إيراني تركي على مستوى الخبراء حول إنشاء آلية للرقابة على الهدنة في سورية قد جرى في العاصمة الكازاخية، مؤكداً أن اللقاء الثاني سيعقد بعد أسبوع أو أسبوعين وسيتعين عليه إكمال الإجراءات الخاصة بإطلاق عمل الآلية.
ومن مدغشقر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: إن اجتماع أستانا حول التسوية السورية ستساهم في تسريع تحقيق نتائج على الأرض في معركة الباب ومنبج للقضاء على كافة التنظيمات الإرهابية. ولفت إلى أن تركيا «حرصت على إنجاح محادثات أستانا».
واتهم أردوغان الحكومة السورية باستخدام «الأكراد في سورية»، وتعهد بمواجهة «كافة المنظمات الإرهابية التي تشكل خطراً على حدودنا»، مشدداً على ضرورة «التمييز بشكل واضح بين المعارضة السورية المسلحة وبين تنظيم داعش في سورية».
وبدوره، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن من أهم أهداف بلاده على الصعيد الخارجي، هو إحلال السلام في سورية ودول الجوار، وإتاحة الفرصة لعودة ملايين السوريين إلى بلادهم. وأوضح أن تركيا تسعى لتطهير المنطقة من المنظمات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة الشرق الأوسط، وتعمل على توفير الأمن والاستقرار للشعب السوري.
وعن صحة السياسة التي تتبعها تركيا تجاه الأزمة السورية، قال يلدريم: «إنّ الذين لم يدرجوا تركيا في حساباتهم قبل عام بخصوص الأزمة السورية، نراهم اليوم يعملون وفق ما تقوله أنقرة وهذا دليل قوتنا وقوة شعبنا والإدراك العميق الذي يتحلّى به رئيس بلادنا رجب طيب أردوغان».
وبدوره، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن الأطراف المجتمعة في أستانا شاركت آراءها حول كيفية تعزيز وقف إطلاق النار، وآلية تطبيق الاتفاقية في عموم سورية، لافتاً إلى أن الأطراف المجتمعة شاركت آراءها بشكل غير مباشر حول حل سياسي محتمل بشأن سورية.
واعتبر أن وفد الإرهابيين أبدى موقفاً ناضجاً خلال الاجتماع، لافتاً إلى أن المعارضة شاركت الرؤى الخاصة بها حول مستقبل سورية. وأوضح أن اجتماعات آستانة كانت خطوة مهمة من أجل تعزيز الثقة، مؤكداً أنها تعد نقطة تحوّل لمرحلة جنيف، معربا عن أمله في أن تضفي الاجتماعات التي عُقدت مساهمة كبيرة في اجتماعات جنيف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن