سورية

ترامب وبوتين يبحثان سبل التعاون لحل المشاكل العالمية ومكافحة الإرهاب … أوروبا القلقة من رفع العقوبات الأميركية عن موسكو مستعدة لتحريك مواقفها تجاه سورية

| وكالات

كثف المسؤولون الأوروبيون اتصالاتهما وأبدوا إشارات على استعدادهم لتحريك مواقفهم حيال سورية، من أجل ضبط سياسة واشنطن حيال أوكرانيا وروسيا، وذلك عشية أول مكالمة هاتفية بين الزعيمين الروسي والأميركي منذ تسلم الأخير منصبه.
وتركزت المباحثات الهاتفية بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب على كيفية إطلاق العمل المشترك بين موسكو وواشنطن لحل المشاكل العالمية، والتغلب على الإرهاب.
وقبل ساعات على المكالمة الهاتفية، بدا الأمين العام لمجلس الأمن الروسي نيقولاي باتروشيف متفائلاً بنتائج الاتصال. ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن باتروشيف، قوله: «سننتظر النتائج، لكنني أعتقد أن كل شيء سيكون إيجابياً». واتخذ الكرملين موقفاً هادئاً حيال إعلان ترامب عزمه على إقامة مناطق آمنة في سورية لحماية الأشخاص الفارين من العنف هناك.
وطبقا لوثيقة اطلعت عليها «رويترز» الأسبوع الماضي، فمن المتوقع أن يأمر ترامب وزارتي الدفاع والخارجية في الأيام القادمة بوضع خطة لإقامة «المناطق الآمنة». وتقول المسودة «توجه وزارة الخارجية بالتعاون مع وزارة الدفاع في غضون 90 يوماً من تاريخ هذا الأمر بوضع خطة لتوفير مناطق آمنة في سورية وفي المنطقة المحيطة يمكن فيها للمواطنين السوريين الذين نزحوا من وطنهم انتظار توطين دائم مثل إعادتهم لبلادهم أو إعادة توطينهم في بلد ثالث».
ولم تقدم الوثيقة أي تفاصيل بشأن تلك المناطق الآمنة وأين ستقام على وجه التحديد ومن سيتولى حمايتها. ويستضيف بالفعل الأردن وتركيا ودول أخرى مجاورة ملايين اللاجئين السوريين. وسربت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب سيطالب وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» بإعداد خطة هجومية بقدر أكبر لمحاربة داعش في سورية، وخطة أخرى حول «مناطق آمنة»، في غضون 3 أشهر. وزار ترامب أول من أمس مبنى «البنتاغون» لأول مرة منذ تسلمه منصبه.
وتعليقاً على تصريحات ترامب، أشار المتحدث باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف، إلى أن البيت الأبيض لم ينسق مع الكرملين أي خطط لإقامة «مناطق آمنة» في سورية. وقال: «لا، لم يتشاور شركاؤنا الأميركيون معنا. إنه قرار سيادي خاص بهم». لكنه اعتبر أن «الأمر المهم هو ألا يؤدي ذلك إلى تردي وضع اللاجئين. ويبدو أنه كان من المجدي دراسة كافة العواقب المحتملة».
وخلال الأيام السابقة كثرت التكهنات، حول عزم ترامب إعلان رفع العقوبات المفروضة على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية وعودة القرم إلى روسيا، بعد الاتصال ببوتين. وتغذت هذه التكنهات من تصريح لمستشارة الرئيس الأميركي كلين كونوي اعتبرت فيه أن رفع العقوبات عن روسيا «أمر وارد». ونشر عدد من الصحفيين الأميركيين نقلاً عن مصادر، أن إدارة ترامب أعدت مشروع قانون لرفع العقوبات عن روسيا. وعلق الناطق الإعلامي باسم الرئيس الروسي، على هذه التقارير، قائلاً: «الكرملين لا يعرف إذا ما كانت هذه المعلومات صحيحة».
إلا أن ترامب حسم الجدل بشأن هذه المسألة لكنه لم يقدم تطمينات إلى المتخوفين في أميركا وأوروبا من احتمال اتخاذه قراراً في هذا الصدد. وخلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قال ترامب: «فيما يتعلق بالعقوبات من المبكر جداً أن نتحدث عنها» في حين أصر على أنه يريد الالتزام بتعهده خلال حملته الانتخابية بتحسين العلاقات مع روسيا. ورداً على سؤال حول علاقته بالرئيس الروسي، أعرب عن أمله في أن «تكون لدى الزعيمين «علاقة رائعة». وأضاف «هذا ممكن. كما يمكن ألا ينجح الأمر. سنرى ما سيجري».
وأوضحت ماي أن بريطانيا تريد استمرار العقوبات إلى حين أن ينفذ بوتين متطلبات اتفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا، الذي تم التوصل إليه في مينسك عام 2014. ويتفق على هذا الرأي الحلفاء الأوروبيون الذين يخشون من أن بوتين قد يصبح أكثر توسعا إذا شعر أن ترامب لن يتدخل.
زيارة ماي إلى واشنطن جاءت في سياق تحركات أوسع بدأها المسؤولون الأوروبيون لاحتواء تداعيات السياسات المعلنة للرئيس الأميركي الجديد، وبالأخص حيال روسيا. ودفعت مواقف ترامب لندن إلى إعادة النظر في مجمل سياستها حيال سورية، وأعلنت عدم ممانعتها ترشح الرئيس بشار الأسد إلى الانتخابات الرئاسية في سورية، ورغبتها في قتال تنظيم داعش بالتعاون مع روسيا. وزار وزير الخارجية الألماني زيغمار غابرييل أمس العاصمة الفرنسية باريس حيث أعلن اتفاق بلاده وفرنسا على أن أي خطوات لرفع العقوبات عن روسيا يجب أن ترتبط بإحراز تقدم في عملية السلام في شرق أوكرانيا. وأشار إلى أنه اتفق مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت على أهمية أن تبدي ألمانيا وفرنسا موقفاً قوياً وموحداً تجاه القضايا. وبين أن البلدين سيشكلان مجموعات عمل ثنائية للتعامل مع قضايا مثل أوكرانيا وروسيا. ولا يواجه ترامب معارضة أوروبية قوية لرفع العقوبات عن موسكو، بل وأيضاً معارضة داخلية في الولايات المتحدة وبين كبار مسؤولي حزبه (الحزب الجمهوري) والكونغرس. ورفض كل من رئيس مجلس النواب الأميركي بول ريان وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل، أي خطوة لرفع العقوبات الاقتصادية المفروضة من قبل بلادهما ضد روسيا. وأعرب السناتور الأميركي جون ماكين عن معارضته لرفع العقوبات عن روسيا، واصفاً خطوة كهذه بـ«المسار الطائش». وأضاف في بيان له، نقلته وكالة «رويترز»: «إذا لم يضع الرئيس (ترامب) حداً لهذه التكهنات التي تتحدث عن احتمالية رفع البيت الأبيض العقوبات عن روسيا، ورفض هذا المسار المتهور، فسنعمل بقوة على تحويل العقوبات إلى قانون».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن