ثقافة وفن

نبحث عن صيغة جديدة وشكل فني للكوميديا … علاء قاسم لـ«الوطن»: ليس بالضرورة أن يكون دور البطولة المطلقة طموحاً أو حلماً منتظراً لأي ممثل

| سارة سلامة

بحضوره قوة وفي شخصيته المفعمة بالرجولة ركيزة تكسبه مجالاً متنوعاً متجدداً من الخيارات المفتوحة على المزيد من الأدوار إن كانت بيئة شامية أو تاريخية ودرامية وليس آخرها الكوميديا، علاء قاسم نجم خط طريقه في الدراما السورية بادئاً مشواره الفني منذ عام 1995، عندما عمل مع فرقة فواز الساجر المسرحية، وبعدها التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، ليدخل عالم الدراما مقدماً أعمالاً كثيرة منها: بيت جدي، قمر شام، تعب المشوار، الشام العدية، رجال العز، الزعيم.
واليوم نراه يدخل بقوة إلى الشاشة الكبيرة في عدة أعمال أهمها «سوريون» وفيلم «الأب» مع المخرج باسل الخطيب، هدفه الأسمى من هذه التجربة توثيق المرحلة التي تعيشها سورية لتبقى تجربته خالدة في ذاكرة التاريخ والزمن القادم، أما التحدي الحقيقي الذي من المتوقع أن يحدث نقلة نوعية في خطه الفني فهو خوضه تجربة جديدة في مجال الكوميديا الصرفة وذلك بدور البطولة في مسلسل «كعب عالي»، ما اعتبره تحدياً ومغامرة مشروعة لأنه يرى من حق كل فنان أن يجرب وفي أحيانٍ كثيرة أن يجازف لكي يصل إلى مسعاه تاركاً النتائج مرهونةً بالعرض.

كيف تحضر نفسك اليوم لدور البطولة التي تخوضها في مسلسل كعب عالي، ألم تتأخر في أداء دور البطولة؟
بداية مسلسل كعب عالي هو مسلسل لايت كوميدي، نحاول أن نقدم من خلاله صيغة جديدة وشكلاً فنياً جديداً للكوميديا بعيداً عن الأشياء التي نعرفها عادةً، هذه المحاولة استطيع أن أسميها تجريباً وتبقى قابلة للنجاح أو الفشل، وهي ليست المرة الأولى التي أدخل فيها بتجربة الكوميديا إلا أن هذه التجربة تعتبر ضمن إطار الكوميديا البحتة الواضحة لي، ما يميز هذا المسلسل هو تقديم نوع جديد للكوميديا ويبقى نجاحه مرهوناً بالنتائج المرتبطة بالعرض وتقبل الجمهور، وباعتقادي أن الفن قائم على المغامرة ومن حق الفنان واعتقد أنه حق مشروع أن يجازف ويغامر ويجرب وفي النهاية تبقى النتائج مرهونة بالعرض.
أما تأخري في تأدية دور البطولة فأقول لمن يحمّلني الذنب: إن الأمر ليس مرتبطاً بي، والمسألة مرتبطة بمجموعة أمور ومع ذلك فأنا قمت بأكثر من عمل بطولة مطلقة إما في البيئة الشامية أو الموديرن ولكن في الكوميديا هذه المرة الأولى التي أقوم فيها بأداء دور البطولة، كما أقوم حالياً بتحضير نفسي لهذا الدور مثله مثل أي عمل آخر، عادةً ما أقرأ النص وبعد هذه القراءة يتكون لديّ خيال أو صورة عن الفكرة أو الشخصية وبدوري أقوم بمقاربة هذه الصورة مع الواقع من خلال الشكل العام للشخصية.
ومن وجهة نظري أن الفن هو تلك المساحة بين الخيال والواقع وهذه معادلة تحتوي على المطابقة بين الخيال والواقع ونعمل عليها جاهدين، بكل بساطة هذه هي طريقتي وبالطبع هذه الطريقة تختلف من شخص لآخر بكل تأكيد، وكل شخصية تعطيك مفاتيحها التي تقدر أن تبني عليها أو ترجع بتاريخها إلى الوراء.

كيف يمكن للفنان إن يكرس نفسه ويجتهد على موهبته ليصل إلى مرحلة نجومية الصف الأول؟
اعتبر دائماً أن الأفضل تحت قشرة رقيقة من الجهد فكلما بذلنا جهداً أكبر نحصل على الأفضل، فنحن تعلمنا من أستاذ التمثيل في العالم «ستانسلافسكي» أنه لا دور كبيراً ودور صغيراً، هناك ممثل كبير وممثل صغير، أي ممثل لديه إمكانيات كبيرة وممثل لديه إمكانيات صغيرة.
وفي النهاية الموضوع مرتبط بالاجتهاد ليس بالضرورة أن يكون دور البطولة المطلقة طموحاً أو حلماً منتظراً لأي ممثل، أحياناً نقوم بدور عادي يكون له مساحة وله خط درامي خاص فيه، ويترك أثراً أكثر من دور البطولة ربما يكون الممثلون فيه فعالين ومؤثرين أكثر من أدوار البطولة ويلقون استحسان وإعجاب الناس أكثر من الأدوار الرئيسية وهذا ما يجعلنا نؤكد أنها ليست مقياساً أو ميزاناً.
بدايتك في المسرح كانت مع فرقة فواز الساجر، ولكن ما إن وضعت قدمك بالدراما حتى تخليت عن المسرح لماذا؟
دخلت عالم الفن في عام 1995 كهاو قبل أن أدخل المعهد وأدرس التمثيل أكاديمياً، وكنت حينها مقيماً في مدينة حمص لتكون الانطلاقة مع فرقة فواز الساجر هذه التجربة كانت مع الأستاذ والمخرج والصديق زهير العمر، ثم درست في المعهد وبعد تخرجي عملت في مسرحيتين أو أكثر، في الحقيقة لم أتخل عن المسرح لكن الظروف العامة في البلد فرضت ذلك، نعلم جميعاً أن الإنتاج المسرحي مرتبط بالقطاع العام وظروف الإنتاج المسرحي في البلد لا تشجع أو تهيئ فرصة مواتية للفنان بأن يكون جزءاً من مشروع الإنتاج المسرحي.
ولكن في المستقبل أتمنى أن أعمل مجدداً في المسرح لأن هذه التجربة تعتبر من أكثر الحالات الفنية التي تحمل الصدق والحساسية والحب والحماس والتجريب والاكتشاف والانطباع الجميل وخصوصاً لحظة اللقاء مع الجمهور والمباشرة والتفاعل المباشر من دون أي تقنيات ومن دون تجميل، ومع تقصيري هذا إلا أن هناك عقبات متعلقة بالإنتاج العام للمسرح والتي نكون قادرين في بعض الأحيان على تجاوزها.

لماذا تؤطر نفسك في البيئة الشامية؟
الممثل السوري أياً يكن لديه احتمالان عندما يعرض عليه أي عمل هما إما الرفض أو القبول، أي ليس لديه فرصة للاختيار فالأعمال هي التي تعرض عليه وليس هو الذي يختارها، وعندما تقبل يكون المشروع قد حقق لك أقل ما يمكن من الظروف التي تقبل أن تعمل بها سواءً على المستوى المادي أو على المستوى الفني أو مستوى النص.
لهذا أقول إني لا أؤطر نفسي ضمن هذه البيئة فالمسألة متعلقة بوجود بعض القيمين الذين يرون نجاحك مثلاً في دور معين، ويرون دائماً أنك نجحت في أداء هذا الدور أو هذه الشخصية، لأنهم بكل بساطة غير مستعدين للمجازفة أو بذل عناء معين لأنهم كمخرجين وقائمين على الدراما وأتكلم هنا عن جزء كبير منهم ليس لديهم الرغبة في المغامرة.
ونلاحظ جميعاً أن الدراما السورية اتجهت منذ 5 أو 6 سنوات باتجاه البيئة الشامية لأنها مطلوبة بشكل عام جماهيرياً، واعتقد أنها حقبة أو موضة أو مطلب وإذا أردنا أن نعيد التاريخ قليلاً نجد أن التركيز في المرحلة السابقة كان نحو الفنتازيا التاريخية فهي مراحل تمر بها الدراما السورية عبر مرور السنوات.

هل تعتبر المراهنة على النسخة الجديدة من باب الحارة كانت ورقة خاسرة لك؟
حقيقةً الموضوع بدأ عندما ارتأت شركة إنتاج بأحقية الملكية في مشروع باب الحارة وقالت إن لديها أحكاماً قضائية تثبت ذلك، أما التفاصيل القانونية فلا أعرفها.
وإذا أتينا للواقع فإننا لا نستطيع أن نخفي أو ننكر أهمية هذا المسلسل فهو أكثر عمل مطلوب على مستوى الوطن العربي من القنوات لما يحققه من نسبة مشاهدة عالية جداً، وبطبيعة الحال قد يكون الجمهور السوري لا يفضله ولكنه شئنا أم أبينا يعتبر المسلسل الرقم واحد عربياً ومطلوب بطريقة خطرة.
وأريد أن أوضح مسألة مهمة وهي أن عملية الإنتاج التلفزيوني ليست عملية فكرية كما نعتقد بل هي عملية ربحية بالدرجة الأولى، ونحن على يقين بأن القنوات تأخذ باب الحارة لأنه يعود بمعلنين كثر ما يعود عليها بأرباح كبيرة، والنتيجة التي أحب أن أعززها بأنه لا أحد يفكر بفكر باب الحارة ولا إذا كان يقدم البيئة الشامية الصحيحة أو يمثل حقيقة دمشق أو غير حقيقة دمشق غاية ما هنالك أنه مشروع تجاري بحت.

هل تتكلم لنا عن تجربتك في الفن السابع ودورك الأخير من خلال «فيلم الأب»؟
بالنسبة للسينما فكانت أول تجربة لي في فيلم «بانتظار الخريف» مع المخرج جود سعيد، أما التجربة الثانية فكانت من خلال فيلم «سوريون» مع باسل الخطيب والتجربة الثالثة أيضاً كانت معه في فيلم «الأب»، وأذكر أن الأخير يعرض حالياً بسينما سيتي والكندي، جاءت مشاركتي من خلال دور عيسى وتجسد هذه الشخصية ضابطاً في الجيش العربي السوري يدافع عن أهل القرية التي يقوم بالخدمة فيها، وفي هذه الشخصية نشاهد التركيز على الجانب الإنساني طاغياً على الجانب العسكري القاسي في محاولة تسليط الضوء على الإنسانية والطيبة عند هؤلاء الأشخاص وكيف يقدمون أرواحهم للدفاع عن القرية وحماية أهلها.
تحمست كثيراً لأداء هذه التجربة السينمائية لأن السينما تشكل حالة خالدة في المجتمع ولوجود شيء بالفيلم تخوله ليكون وثيقة للأيام والتاريخ والزمن وللمشاهد في الخارج، ليعرف مجريات الأحداث في البلد ولماذا يحدث ذلك، فهو يعرض جانباً من الأزمة.

ما ملامح شخصية أدهم في مسلسل وردة شامية؟
هي شخصية تظهر الطيبة والمحبة في البداية لكي تصل لمصالحها ومكاسبها التي لها علاقة بالسلطة، وعندما تصل لهذه الغاية تنكشف حقيقتها ويظهر الجانب الخفي داخل هذه الشخصية وتكون نهايتها غير متوقعة.
أضيف بأن مسلسل «وردة شامية»، مقتبس عن القصة الشهيرة التي نعرفها جميعاً في مصر «ريا وسكينة».
ما الأدوار التي تطمح إلى تجسيدها بالمستقبل؟
أي دور يحتوي على بنية درامية صحيحة من تطور الأحداث وتحول في الشخصية، وهناك أدوار تكون فيها الشخصية ضمن صيرورة معينة وتتخللها أحداث مثيرة تبرز من خلالها قدرة الممثل على الإعطاء وتقديم إمكانياته ضمن توجه الأداء العام بالعمل، وأن تكون مكتوبة بشكل صحيح ومبنية درامياً بشكل متقن وذلك كله ضمن نسيج علاقاتها مع الآخرين وبعد توافر كل ما ذكرت أتمنى أنا وأي ممثل في العمل تجسيد أدوار كهذه.

ما رأيك بالمسلسلات العربية المشتركة؟

الموضوع مرتبط بالأرباح فهذه الأعمال تعود بالأرباح الكبيرة على منتجيها وفي الحقيقة ازداد منسوبها بعد الأزمة التي تمر بها بلدنا، وذلك بسبب الحرب التي تمارس علينا في مختلف المجالات فأعمالنا لا تسوق وممنوعة من التسويق في الخارج، أما رأيي بها فأقول ليس لديّ مشكلة إزاء هذه الأعمال وخصوصاً إذا كانت مبررة درامياً.
وأرى أنه لا بدّ من الأعمال المشتركة لأنها أصبحت ضرورة تسويقية أمام عدم اكتراث القنوات التلفزيونية العربية بالمشكلات اليومية للمواطن السوري، فهي تتوجه إلى جمهور عربي عريض.

كيف ترى الدراما السورية في الوقت الحالي؟

الدراما بشكل عام هي انعكاس للواقع والأزمة التي تعيشها سورية انعكست بشكل جلي على كل مناحي الحياة، وإذا أردنا أن نتعمق أكثر يمكن القول: إن التأثر يبدأ من نوعية رغيف الخبز هذا قبل أن يكون متوافراً إلى نوعية الملابس ونوعية الحياة.
وأقصد أن التغير حدث بالنوع وليس بالكم إذا كان لابد أن يترك هذا التغير أثره في الدراما التلفزيونية لأنها مرتبطة ونتاج للواقع، وأراهن على أن الأزمة الكبيرة التي ستطرأ على الدراما ستكون في الموسم القادم 2018.
ونحن اليوم أمام مشكلة تسويق كبيرة جداً أي إنه في الأعمال التي تصور داخل سورية إذا كان العمل يتكلم عن الأزمة فلا يمكن أن يسوق وحتى إن كان لا يتكلم عن الأزمة ومصوراً داخل سورية كذلك الأمر فهو لا يلقى نصيبه من التسويق ضمن المحطات، ولا يحقق إمكانية العرض والربح للمنتج، وبالتالي المنتج من الممكن أن يستمر ويقدم عملاً أو أكثر ويمكن أن يتوقف عن الأعمال، هذا ما يسمح للمنتجين أن يقللوا مصاريف رأس المال ويذهبوا إلى الاحتمالات الأقل تكلفة سواء كان من المخرج إلى الممثلين أو النص وبالتالي تقل الجودة والنوعية وهنا نصل إلى المعادلة التي ذكرتها في البداية أنه كما تقل جودة ونوعية رغيف الخبز أيضاً تقل جودة ونوعية الدراما في الأزمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن