سورية

هواجس تركمانية: «الآمنة» قد تكون مقدمة لـ«حكم ذاتي» يديره (بيدا)!! … أسوأ مخاوف أنقرة «تتحقق».. إدارة ترامب تسلم «الديمقراطية» مدرعات أميركية.. والمرحلة المقبلة من «غضب الفرات» تشمل عزل الرقة عن دير الزور

| الوطن- وكالات

تجسدت المخاوف التي أعرب عنها المسؤولون الأتراك حيال الإدارة الأميركية الجديدة، عندما أعلنت «قوات سورية الديمقراطية» أمس عن حصولها على دعم إضافي، من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم داعش، بعد تسلم دونالد ترامب مهامه رئيساً للولايات المتحدة. تزامن الإعلان مع هواجس عبر عنها المجلس التركماني السوري، أقرب حلفاء أنقرة على الساحة السورية، من أن يكون مشروع ترامب لإقامة «مناطق آمنة» في سورية، مقدمة لتقسيم سورية وإنشاء حكم ذاتي تحت إدارة «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (بيدا).
وتعتبر أنقرة الحزب وذراعه العسكرية «وحدات حماية الشعب»، امتدادين سوريين لـ«حزب العمال الكردستاني» (بي. كا. كا) المحظور في تركيا. وبدا أن واشنطن لم تكتف بالزيادة النوعية في الدعم المقدم لـ«الديمقراطية»، التي تشكل «حماية الشعب» عمودها الفقري، بل تسربت أنباء عن ضغوط أميركية تمارس على «المجلس الوطني الكردي» من أجل حمله على التوحد مع (بيدا)، الأمر الذي نفاه مسؤولون في المجلس.
وفي التفاصيل، كشف المتحدث باسم «الديمقراطية» طلال سلو، أن التحالف بقيادة الولايات المتحدة زود عناصر «الديمقراطية»، لأول مرة بمركبات مدرعة وناقلات جند. ونقلت وكالة «ا ف ب» للأنباء، قوله: «وصلت الدفعة الأولى من مدرعات أميركية لقوات سورية الديمقراطية خلال الأسبوع الأول من استلام الإدارة الأميركية الجديدة الحكم»، مؤكداً أن المدرعات أرسلت «من إدارة ترامب». واستلم ترامب الحكم في 20 من الشهر الماضي، ووقع بعد نحو تسعة أيام على أمر تنفيذي يمنح الجيش الأميركي 30 يوماً لوضع إستراتيجية جديدة لـ«هزيمة» تنظيم داعش.
وأشار سلو إلى أنه «جرت اتصالات بين قوات سورية الديمقراطية وإدارة ترامب، تم التأكيد خلالها على تقديم المزيد من الدعم لقواتنا وخاصة في حملة تحرير الرقة» ضد مسلحي داعش.
وأقر سلو، حسب ما نقلت عنه وكالة «رويترز» للأنباء، بأن عدد المركبات والناقلات «قليل»، لكنه اعتبر تزويد عناصر «الديمقراطية» بها «دليلاً بأن هناك بوادر دعم»، واستطرد موضحاً «سابقا لم يكن يأتينا بهذا الشكل. كان يأتينا… أسلحة خفيفة وذخائر وهذه هي المرة الأولى التي يأتينا فيها هذا الدعم العسكري بهذا الشكل».
وفيما يتعلق بحملة «غضب الفرات» التي أطلقتها «الديمقراطية»، مدعومة بالتحالف الدولي، لطرد داعش من محافظة الرقة، كشف المتحدث باسم «الديمقراطية» أن القوات تحضر لعمل جديد ضد داعش «خلال أيام معدودة»، من دون أن يقدم تفاصيل أخرى.
إلا أن مصدراً عسكرياً كردياً، أوضح أن المرحلة المقبلة من «غضب الفرات» تهدف إلى عزل مدينة الرقة نهائياً عن محيطها الجغرافي. وأضاف في تصريح لـ«رويترز»، طالباً عدم ذكر اسمه، «من أجل تنفيذ ذلك يستوجب الوصول إلى طريق الرقة دير الزور. لكن هذه المهمة ستكون قاسية».
وعلى الأرجح أن تثير كل هذه التصريحات قلق المسؤولين الأتراك وخيبة أملهم من قاطن البيت الأبيض الجديد، الذي سبق أن عولوا على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية من أجل تحسين العلاقات بين واشنطن وأنقرة، التي تضررت بسبب الدعم الأميركي للوحدات الكردية، وموقف إدارة أوباما المتفرج أثناء المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا الصيف الماضي.
في غضون ذلك، تداولت وسائل إعلام كردية تسريبات حول حملة ضغوط تمارسها واشنطن على «المجلس الوطني الكردي» من أجل إقناعه بالعودة إلى الاتفاقات السابقة الموقعة مع (بيدا) وتفعيلها بضمانات دولية، في إشارة إلى «اتفاقات هولير» (أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق)، والتي توسط لإتمامها رئيس الإقليم مسعود برزاني قبل 3 سنوات.
ومنذ معركة عين العرب، والولايات المتحدة تحصر دعمها العسكري بـ«الاتحاد الديمقراطي» و«حماية الشعب»، من دون أن توفر أي دعم مماثل للمجلس الوطني الكردي المقرب من برزاني وأنقرة. ويتهم المجلس (بيدا) بعدم تنفيذ بنود اتفاق «هولير»، وبشن حملة ممنهجة على الحزب وقياداته وكوادره في المناطق الواقعة تحت سيطرته (مناطق الإدارات الذاتية الثلاث: الجزيرة – القامشلي- عفرين).
ونفى رئيس المجلس عبد الحكيم بشار، في تصريحات لوكالة «سمارت» المعارضة، التسريبات المتداولة بخصوص الضغوط الأميركية، وأشار إلى أنه التقى قبل أيام المستشارة السياسية للولايات المتحدة في تركيا، كاشفاً أنها لم تطلب منه أي شيء حول موضوع «التوحد». وإذ أكد بشار أنه شخصياً لن يقبل بالتوحد مع (بيدا)، فتح الباب أمام إمكانية التنسيق بين المجلس والحزب «كحالة جغرافية».
وربما أرادت واشنطن أن تشرعن نفوذ (بيدا) في شرق سورية من خلال إعادة الحياة إلى «اتفاق هولير»، وهو ما سيوجه ضربة للسياسة التركية ضد «الاتحاد الديمقراطي» لأنه سيفقد أنقرة القدرة على اللعب بالتناقضات الكردية، ويعزلها عن حليفها «المجلس الوطني الكردي».
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أوائل مهنئي ترامب بفوزه الانتخابي. وتوسم المسؤولون الأتراك خيراً بالرئيس الآتي من خارج الساحة السياسية التقليدية في الولايات المتحدة، وخصوصاً انتقاداته لسياسات سلفه أوباما ووعده بتغيير سياساته في المنطقة. إلا أن الآمال التركية ما لبثت أن تلقت صدمة إثر تسرب أنباء عن نية إدارة ترامب إدراج جماعة «الإخوان المسلمين» على قائمة التنظيمات الإرهابية، وأيضاً عزم الإدارة على تعزيز الحملة التي تنفذها «الديمقراطية» ضد داعش في محافظة الرقة. وعقب إجراء ترامب اتصالات مع الزعماء الدوليين والإقليميين، لبحث تعزيز الحرب على داعش وإنشاء مناطق آمنة في سورية واليمن، تصاعدت حدة المخاوف التركية، خصوصاً أن الرئيس الأميركي لم يكلف نفسه عناء الاتصال بنظيره التركي.
وأبدى المسؤولون الأتراك ارتياحهم لإعلان ترامب عزمه إقامة مناطق آمنة في سورية، لأنه يوافق مطلباً تركياً مزمناً، إلا أن «المجلس التركماني السوري»، طفل أنقرة المدلل في سورية، عارض إقامة هذه المناطق في حال كان الهدف منها تقسيم سورية وإنشاء حكم ذاتي يقوده (بيدا). وأعرب رئيس المجلس أمين بوز أوغلان عن ترحيبه بمشروع ترامب «إذا كان سيوفر للشعب العيش بسلام»، لكنه مضى محذراً: «أما إذا كانت (المناطق الآمنة) ستؤدي إلى التقسيم وإنشاء حكم ذاتي لتنظيم (بيدا)، الذراع السورية لمنظمة (بي. كا. كا) فلن نقبل بها أبدًا».
ولفت أوغلان في تصريحات نقلتها وكالة «الدرر الشامية» المعارضة، إلى أن المعارضة السورية ترغب في إنشاء «منطقة آمنة»، و«منطقة حظر للطيران»، معتبراً أن تحقيق ذلك سيجلب الكثير من المنافع، منها وقف موجة الهجرة من سورية إلى تركيا وأوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن