سورية

موسكو ترفض وصف إيران بـ«الدولة الإرهابية الأولى في العالم» … إستراتيجية ترامب ضد داعش تنتظر توضيح موقفه النهائي من طهران.. والعراق ساحة المبارزة

| أنس وهيب الكردي

بينما يستعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوضع إستراتيجيته الخاصة للقضاء على تنظيم داعش في كل من سورية والعراق، سجل الكرملين اعتراضه على مواقف الإدارة الجمهورية المتشددة للغاية حيال إيران، رافضاً وصف هذه الدولة بـ«الإرهابية».
والإستراتيجية الأميركية الجديدة ضد داعش تتأثر بشكل كبير بالموقف النهائي لإدارة ترامب من إيران. فللأخيرة قوات في كل من سورية والعراق تقاتل «التنظيمات التكفيرية» كما تقول إيران، وهي على علاقة تحالف ميداني مع روسيا في سورية، حيث تدعم القوات الروسية الجيش العربي السوري وحلفائه في القتال ضد تنظيمي داعش وجبهة النصرة. وسبق للإدارة الأميركية السابقة أن عقدت أواصر تحالف تكتيكي مع إيران، في العراق لمواجهة خطر تنظيم داعش، حاصرةً أولويتها الإستراتيجية في المنطقة بالقضاء عليه. وإذا ما قرر ترامب مواجهة إيران وداعش في الوقت نفسه، فإن من شأن ذلك أن يعقد الجهود الدولية القائمة لهزيمة التنظيم المتطرف، وسيبدو كما لو أنه يساوي بين الجانبين.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن ترامب يعتزم زيارة المقر العام للقيادة المركزية في تامبا ليلتقي ضباطاً سيشكلون رأس الحربة في تطبيق إستراتيجيته الجديدة لإلحاق الهزيمة بتنظيم داعش.
وتؤدي القيادة المركزية للقوات الأميركية، المسؤولة عن منطقة تشمل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، دوراً أساسياً في عملية «العزم الصلب» التي تقودها الولايات المتحدة بهدف «إضعاف وتدمير» داعش.
وسبق لترامب أن أمهل أواخر الشهر الماضي، الجنرالات ثلاثين يوماً لمراجعة الإستراتيجية الأميركية الرامية إلى هزم تنظيم داعش.
ولم تتبلور بعد معالم سياسة ترامب لمكافحة تنظيم داعش في الخارج، لكنه دعا إلى تشكيل «تحالف شركاء جديد»، في إشارة على الأرجح في اتجاه روسيا.
ورفض الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما التحالف مع الروس لقتال داعش. وشكل تحالفاً دولياً من 62 دولة، شن حملة قصف جوي، بالتعاون مع الجيش العراقي وقوات البيشمركة لدحر التنظيم في العراق، وبالتعاون مع «قوات سورية الديمقراطية» التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها، لمحاصرة الدواعش في سورية. كما أطلق أوباما تنسيقاً تكتيكياً مع إيران وقوات الحشد الشعبي ضد داعش في العراق.
ويبدو أن ترامب بصدد قلب سياسة سلفه، إذ يريد إعادة إيران إلى حدودها وفرض عقوبات عليها، بعد أن كان أوباما قد وقع معها الاتفاق النووي وتعاون معها عسكرياً على الأرض في العراق. كما يريد ترامب رفع العقوبات التي فرضها أوباما، على روسيا، والتعاون معها في سورية وجميع أنحاء العالم للتخلص من «التنظيمات الإسلامية المتطرفة». وساحة الصراع الأكبر بين ترامب وإيران ستكون العراق.
وقبل عامين، اعتبر مستشار الأمن القومي الأميركي مايكل فلين، إيران «الخطر الأكبر في مجموع المخاطر» التي تواجه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنها «تشكل تهديداً عالمياً، كذلك بسبب قدراتها في تطوير الصواريخ الباليستية».
وشدد فلين على ضرورة أن تغادر القوات الإيرانية العراق. ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران ستشكل مشكلة أكبر من تنظيم داعش إذا ما تحكمت بالعراق بشكل كامل، أجاب: «أعتقد ذلك.. أقولها بشكل مطلق».
ولم يعد الحرس الثوري الإيراني يتكتم على نشر أسماء قتلاه في العراق، في رسالة تؤكد الدور الإيراني في قتال داعش. وأفاد بيان نقله موقع قوات التعبئة بالحرس، عن مقتل خير اللـه أحمدي فر مستشار قوات الباسيج الإيرانية في العراق، بتفجير عبوة ناسفة تم زرعها على الطريق في منطقة تلعفر، القريبة من مدينة الموصل. وبدت إيران واثقة من إخفاق ترامب في حشد تحالف دولي ضدها لإعادة فرض عقوبات عليها في مجلس الأمن الدولي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إن «الظروف الدولية لا تسمح بإقامة أي تحالف ضد إيران»، مشيراً إلى أن إيران «تريد منطقة الخليج آمنة وبعيدة عن التدخلات الأجنبية».
في الغضون، وصف ترامب الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى ومن ضمنها بلاده مع إيران بأنه «أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه»، معيداً التأكيد على أن هذا الاتفاق ما كان يجب أن يتم.
واعتبر في لقاء مع قناة «فوكس نيوز» الأميركية للأخبار، أن إيران أصبحت «جريئة وتتصرف بعدائية» بعد الاتفاق، و«لم تعد تحترم الولايات المتحدة لأنها لم تعتقد بوجود أي طرف غبي إلى هذه الدرجة كان من الممكن أن يوقع اتفاقاً كهذا».
ورداً على سؤال بشأن احتمالية الرد العسكري على تجارب إيران الصاروخية، أجاب ترامب قائلاً: إن «كل الإمكانات متاحة». لكنه أراد إسدال شيء من الغموض على تصرفاته المقبلة، وقال: «أنا لا أتحدث عن الخطوات العسكرية أبداً». وذكر أن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بلاده على إيران مؤخراً «مجرد بداية».
ودخل نائب ترامب على خط التصعيد ضد إيران، إذ حذرها من «اختبار حزم» الإدارة الجديدة. وقال مايك بنس في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، «سيكون من الأفضل لإيران أن تدرك أن هناك رئيساً جديداً في المكتب البيضاوي. ومن الأفضل لإيران ألا تختبر حزم هذا الرئيس الجديد». واعتبر أن الإيرانيين «حصلوا على اتفاق مع المجتمع الدولي يعتقد الرئيس وأنا وإدارتنا أنه اتفاق سيئ للغاية».
ورغم أن وزيري الدفاع جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون قالا: إن الولايات المتحدة ستلتزم بالاتفاق، إلا أن بنس أبدى شكوكاً حيال ذلك، مشيراً إلى أن الإدارة تجري حالياً «تقييماً لذلك»، كاشفاً أن ترامب سيتخذ قراره خلال الأيام المقبلة بعد أن يستمع إلى آراء جميع مستشاريه. وكرر التحذير بالقول: «لكن يجب أن تعلموا بشكل مؤكد أن هذا الرئيس حازم جداً لدرجة ترتب على إيران التفكير مرتين بشأن مواصلة أعمالها العدائية». وسبق لكبار المسؤولين في إدارة ترامب بمن فيهم الرئيس نفسه، أن وصفوا إيران بـ«الدولة الإرهابية رقم واحد». لكن روسيا المتفائلة بترامب أعربت عن رفضها تصعيده الأخير ضد إيران. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إن الكرملين لا يتفق مع تصريحات ترامب التي قال فيها إن إيران «الدولة الإرهابية الأولى في العالم».
وأكد بيسكوف أن بلاده تتمتع بـ«علاقات شراكة طيبة» مع إيران، وأضاف «نحن نتعاون (مع طهران) حيال عدد من القضايا.. ونثمن علاقاتنا في المجال الاقتصادي والتجاري، ونتطلع إلى مزيد من تطويرها».
وبدا أن المتحدث الروسي لا يربط تطور المشاورات الأميركية الروسية بتعديل مواقف ترامب من إيران. وقال للصحفيين: «ليس سراً أنه حول عدد من القضايا، السياسية الدولية والإقليمية، مواقف موسكو وواشنطن متباعدة، رغم ذلك هذا لا يمكن ولا يجب أن يكون عقبة أمام بناء اتصالات عادية وعلاقات واقعية وذات منفعة متبادلة بين روسيا والولايات المتحدة».
وبدوره، رد رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف على تصريح ترامب بشكل مبطن، مبيناً أن إيران لم يسبق أن قدمت دعماً لتنظيم داعش أو جبهة النصرة المصنفين على لوائح الأمم المتحدة للتنظيمات الإرهابية، وأكد في المقابل أن هذه الدولة قد تكون جزءاً من جبهة دولية لمكافحة الإرهاب في إشارة إلى إمكانية حجز مقعد لطهران على طاولة أي تعاون روسي أميركي ضد التنظيمات المتطرفة في المنطقة.
وأعادت روسيا الإعلان عن عزم الرئيس الإيراني حسن روحاني، زيارة موسكو أواخر الشهر المقبل، من أجل بحث تسوية الأزمة السورية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن