قضايا وآراء

زلزال ترامب.. والهزات الارتدادية

| د. قحطان السيوفي 

كان انتخاب الرئيس الأميركي ترامب أشبه بزلزال على الصعيد الداخلي والعالمي؛ وبدأ يصدر أوامره التنفيذية لتحدث زلازل أو هزات ارتدادية متفاوتة القوة… وعلى الرغم من الكشف عن سلسلة من السياسات في الأسابيع الأولى من ولايته، إلا أن معظم الاهتمام يتركز على سلوك ترامب نفسه، ما أثار انتقادات بأن الرئيس الجديد يحط من مكانة منصبه ويضر بمصداقية الولايات المتحدة في كتاب( فن الصفقة). وصف ترامب المغالاة بأنها «شكل بريء من المبالغة» و( شكل فعال للغاية من أجل التروي) ليثبت أن الهواجس حول حجم عدد الناس الذين حضروا حفل تنصيبه وحصته من أصوات الناخبين كانت عقيمة.
ويمكن القول إنه إذا كانت تصريحات ترامب صادقة فيما يخص التعاون مع روسيا لمكافحة الإرهاب، فإن ذلك سيكون له نتائج ايجابية.
بالمقابل( ديفيد جيرجن) المستشار السياسي للرؤساء السابقين نيكسون وفورد وريجان وكلينتون. قال: (الأميركيون مصابون بالدهشة من الأيام الأولى من رئاسة ترامب كحال بقية العالم).
بات واضحاً أن ترامب ليست لديه نية لتغيير سلوكه أو جدول الأعمال الشعبوي الذي وضعه خلال حملته الانتخابية.
في أول يوم له في منصبه، استخدم ترامب خطابا ألقاه في مقر وكالة المخابرات المركزية لتوجيه اللوم للصحفيين لأنهم قالوا إن عدد الحضور يوم تنصيب باراك أوباما عام 2009، كان أكبر بكثير من الذين جاؤوا لحضور تنصيب ترامب في كانون الثاني (يناير) الماضي. وأمر المتحدث باسمه (شون سبايسر) بتوبيخهم. وكرر سبايسر مزاعم ترامب غير الصحيحة حول حجم الحشد. ترامب مشغول بإحراز «انتصارات استعراضية». باستخدام سلطاته التنفيذية، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية تجارة الشراكة عبر المحيط الهادئ، وبدأت إجراءات لإلغاء نظام أوباما للرعاية الصحية، ووجه ببناء الجدار مع المكسيك.
استدعى الرؤساء التنفيذيين الأميركيين لشركات أميركية كبيرة إلى البيت الأبيض لعقد اجتماعات أكد فيها أن إدارته ستعاقب الشركات التي تنقل الإنتاج إلى الخارج وتعيد استيراد بضائعها إلى الولايات المتحدة.
لاشك أن هناك آثاراً جيوسياسية كبيرة جداً بسبب تراجع ترامب عن المشاركة الدولية واحتضان الحمائية. قال( تشاد باون) من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إن ترامب يرسل إشارة واضحة بخصوص تجاهُله لكثير من الأعراف الدولية التي تحكم أميركا، باعتبارها (ركيزة الركائز في النظام الاقتصادي الليبرالي).
بالمقابل لا تزال وجهات نظر ترامب حول مواضيع من قبيل إصلاح الضريبة على الشركات غير واضحة. المتحدث باسم ترامب قال نؤيد خطط الجمهوريين في الكونغرس لإصلاح جذري لضريبة الشركات التي من شأنها فرْض عقوبات على الواردات وإعفاء الصادرات. والواضح أن لقرارات ترامب السياسية ذات الخلفية الاقتصادية في العلاقات الدولية هزات ارتدادية تحدث، ويرى بعض النقاد أن الكونغرس سيتصرف بمنزلة كابح لقرارات ترامب، ويشعر البعض الآخر بالقلق من أن معظم الحزب الجمهوري أصبح في (حالة سكر من السلطة) بحيث إن السياسيين المؤيدين للتجارة مثل( بول ريان) رئيس مجلس النواب، هم على استعداد لتجاهل حقيقة أن ترامب يمزق عقودا من العقيدة التي يسير عليها الحزب.
من ناحية أخرى ترامب صدم حلفاء الولايات المتحدة عن طريق الإيحاء بأنه سيسمح بالتعذيب، بما في ذلك الإيهام بالغرق.
والإشارة لمذكرة مُسَربة تحدثت عن استخدام «المواقع السوداء» – وهي سجون سرية تديرها المخابرات المركزية استخدمت خلال إدارة بوش الابن. ( تيموثي نفتالي) وهو مؤرخ للرئاسة في جامعة نيويورك: قال: «الرئيس الحالي يبدو غير راغب وغير مهتم باحترام الأعراف لذا فإن( الكرة الأرضية بأكملها ستصاب بحالة من اضطراب) بالنسبة لقرارت ترامب الخاصة بمنع الهجرة لم ينجح في المواجهة الأولى مع القضاء بشأن االموضوع واضطر للقول كفعل ارتدادي إن معظم هذه التدابير مؤقتة، وهو يصف خطوته المثيرة للجدل، التي تواجه بهزات ارتدادية… وهذا يدل على استعداد لانتهاك المعايير الدولي.
وذلك في وقت تفاقمت المشكلات القانونية لإدارته حول حظر الهجرة من سبع دول، مع تقديم 97 شركة أميركية شكاوى قضائية… وسط توقعات بنقل الصراع إلى المحكمة العليا.
ومن المواضيع التي ستثير هزات ارتدادية قوية وعاتية تصريحات ترامب العنصرية المؤيدة للكيان الصهيوني وخاصة المتعلقة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس.
وأمام استطلاعات الرأي التي تشير إلى تهاوي شعبية ترامب أكثر منها لأي رئيس في بداية عهده، ومع الهزات الارتدادية، نتساءل هل يمكن أن تعيد المحكمة الاتحادية هيبة ترامب؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن