قضايا وآراء

قانون إسرائيلي للمطالبة بالتعويضات المالية للإسرائيليين

| تحسين الحلبي 

كشفت نشرة (إسرائيل ماتساف) الإلكترونية باللغة العبرية (israel matzav) قبل أيام أن عدداً من الصحفيين العرب بدؤوا يتحدثون عن إسرائيل بلغة إيجابية وخصوصاً في صحيفة الشرق الأوسط (السعودية) ويعرب بعضهم عن عدم اكتراثهم بنقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس المحتلة تأكيداً للاعتراف بأنها عاصمة إسرائيل.. وينسى هؤلاء أن (الكنيست) البرلمان الإسرائيلي سن قوانين تهدد وتدين كل الدول والشعوب العربية والإسلامية في المنطقة التي دعمت وقدمت المال للفلسطينيين من أجل مقاومة الاحتلال والعنصرية الصهيونية، وينسى هؤلاء أن إسرائيل قادرة بموجب هذا القانون على فرض عقوبات بالحبس على كل عربي من المحيط إلى الخليج. ففي 15 حزيران 2016 صدَّق أعضاء الكنيست بالقراءة الثالثة على «قانون الحرب ضد الإرهاب» والمقصود ضد (مقاومة الاحتلال الإسرائيلي) وأصبح هذا القانون قابلاً للتنفيذ من كل السلطات الإسرائيلية داخل الأراضي المحتلة وخارجها وفي كل مكان في العالم.
وجاء في بنود هذا القانون: «يعاقب كل من يساعد على أعمال (المقاومة)- الإرهاب- بالعقوبة نفسها من ينفذ هذا «العمل الإرهابي» ضد إسرائيل وهي الحبس 30 عاماً ويعاقب بالحبس ثلاث سنوات كل من يعلن عن تأييده للمنظمات الفلسطينية «الإرهابية» أو عن تأييده لأي عمل «إرهابي» بشكل علني ويمنح القانون الصلاحية لوزير الدفاع بتحديد أسماء المنظمات «الإرهابية» ويعاقب بالحبس لمدة سنتين كل من يرتدي قميصاً أو قبعة تحمل شعار هذه المنظمات بدءاً من سن 12 عاماً» وإضافة إلى هذا التعريف العريض للقانون يضيف القانون الإسرائيلي «بصلاحية السلطات الإسرائيلية المعنية بملاحقة أي فرد يقدم المساعدة المالية للإرهابيين الفلسطينيين وبمصادرة أي مبلغ ويعتبر من يقدم هذا المال داعماً للإرهاب ويستحق عقوبة من ينفذ «الإرهاب» ويعاقب القانون كل من يدعو إلى مقاطعة إسرائيل» ويرى المحللون الإسرائيليون الذين تناولوا هذا القانون بالتحليل والتعقيب أنه قابل للتطبيق «بشكل رجعي» ضد كل من قدم مالاً أو أعلن عن تأييده لعمليات المقاومة الفلسطينية وغير الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف هؤلاء: إن هذا القانون يعطي الحق لكل إسرائيلي أو يهودي لحق به ضرر من عمليات مقاومة الاحتلال بالمطالبة بالتعويض المالي أيضاً وخصوصاً ضد كل من دعم المقاومة بالمال أو بالتأييد السياسي، لأن إسرائيل تعتبر التأييد السياسي للمقاومة ولحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن حقوقه «تحريضاً ومساعدة للإرهاب».. وهكذا يصبح كل الشعب الفلسطيني قابلاً للحبس من مدة سنتين إلى ثلاثين سنة؟! ما دام أنه في الداخل والخارج يصر على التمسك بحقوقه ولذلك ترى إسرائيل أن إجراءاتها المفروضة عليه في الأراضي المحتلة وقطاع غزة تشبه إجراءات السجان لأكثر من 4 ملايين من الفلسطينيين وتستطيع بموجب هذا القانون ملاحقة أكثر من سبعة ملايين فلسطيني في خارج الوطن بتهمة مساعدة وتأييد ما تسميه «الإرهاب»؟!
أما بقية الدول العربية وخصوصاً تلك التي تعمل الآن على التقارب مع إسرائيل و«يغرد» ويكتب بعض الصحفيين فيها مقالات للتقرب من إسرائيل فهذا القانون لا يستثنيهم بل هو قابل للتطبيق عليهم حسب رغبة إسرائيل والتوقيت الذي تختاره لاتهامهم ومطالبتهم بالتعويضات المالية لأنها «تدينهم بالتسبب بمقتل كل إسرائيلي» استهدفته المقاومة منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة لأنهم كانوا يقدمون المساعدات المالية وغير المالية للمنظمات الغدائية ولا مفر لهم من دفع الثمن بموجب ما تطالب به عائلات إسرائيلية قتل أبناؤها في عمليات للمقاومة.
وها هم الأميركيون يسبقون الإسرائيليين بالمطالبة بالتعويضات المالية من المملكة السعودية بعد اتهام مسؤولين فيها بالتورط في التفجيرات الإرهابية في نيويورك 11/9/2001 فبعد مرور 15 سنة صدر قانون يشبه قانون الكنيست الإسرائيلي الصادر في حزيران الماضي أقره المجلسان، النواب والكونغرس الأميركيان وسيتقدم أكثر من ثلاثة آلاف أميركي بالدعوى القضائية في المحاكم الأميركية للمطالبة بالتعويض المالي.
وكانت إسرائيل قد أعلنت لجميع الدول الأوروبية المانحة للمساعدات المالية للسلطة الفلسطينية أن أموالها يجري إنفاقها على أسرى وعائلاتهم وإسرائيل تعتبر هؤلاء الأسرى إرهابيين ويخالف قانونها كل من يرسل الدعم لهم أو لعائلاتهم.
فإذا كانت عائلات الأسرى تعتبرها إسرائيل إرهابية فما بالك بالدول العربية؟
ويذكر أن إسرائيل فرضت على ألمانيا دفع تعويضات عن ضحايا النازية وحصلت حتى عام 2012 على 89 مليار دولار إضافة لأشكال أخرى من التعويض، ولذلك يرى بعض أعضاء الكنيست أن هذا القانون يوفر لإسرائيل إعداد قائمة جميع الدول العربية والإسلامية التي قدمت المساعدات المالية وغير المالية للفلسطينيين لمطالبتها بالتعويض عما تسببته المقاومة الفلسطينية من خسارة بشرية وأضرار مادية لإسرائيل، وحينئذ ستجد بعض الدول العربية وبعض الشخصيات التي تتطلع للتقرب من إسرائيل أن هذه السياسة لن تحول من دون إدانتها بالإرهاب ومن دون فرض التعويضات المالية عليها على غرار ما فرضته إسرائيل على ألمانيا حتى الآن وبشكل مستمر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن