ثقافة وفن

جمعة نزهان وغزوان علاف في جدل الخامس … د.بثينة شعبان: عندما نرى إنتاج الفنانين السوريين نزداد اطمئناناً على سورية ومستقبلها

| سارة سلامة

في قلب الحرب والمأساة ودفء الدموع المنسكبة من الثكالى والبيوت التي تسكننا ولا نسكنها، والغربة من فقد الأحبة وكل البؤس المحيط بنا ثمة أبواب تفتح يتخللها نور الأمل، تنقلنا إلى ضفة البهجة المرتقبة.
حيث فرح ينادينا نثبت الزمن من خلاله عبر تدفق الطاقة الإنسانية الممتلئة باللون والحركة والنور من أجل سورية الحياة.
بهذا القول قدم التشكيلي بديع جحجاح الفنانين غزوان علاف، وجمعة نزهان، وبحضور المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، ووزير الثقافة محمد الأحمد افتتحت صالة «ألف نون»، للفنون والروحانيات معرض جدل الخامس، الذي قام على تكامل اللوحة مع المنحوتة تحت عنوانين هما:كل قبلة هي وعد وموعد، وذاكرة ممتلئة ببيوت تسكننا ولا نسكنها.

سرّ عظمة سورية
وأكدت الدكتورة شعبان أنه: «عندما نرى إنتاج الفنانين السوريين نزداد اطمئناناً على سورية وعلى مستقبل سورية، لأن البلد الذي فيه مثل هؤلاء الفنانين المؤمنين بالحياة مؤمنين ببلدهم مؤمنين بالمستقبل لا خوف عليهم، وفي الحقيقة أن الفنان جمعة من دير الزور يلون سورية بألوان يفخر بها كل سوري «الكنيسة والجامع»، الأبجدية، وشعر نزار قباني، الجمال، والتفاؤل وهذا في الحقيقة يمثل فخراً لنا».
وأوضحت شعبان أن «ما يمثل عظمة سورية وسرّ عظمتها هو الإنسان السوري الذي يحمل عشرات الآلاف من السنين والحضارة في قلبه وعقله ووجدانه ويترجمها دائماً إلى جمال وخير وعمل دؤوب، وإلى إيمان بمستقبل هذا الوطن، فطالما نحن شعب يؤمن أن كلاً منّا يعمل لكي يعيش الآخر ولكي يحيا المستقبل فلا خوف علينا بإذن اللـه ولا هم يحزنون».

الرد على العنف والقتل
وأكد وزير الثقافة أن «أهمية المعرض تأتي من التزاوج بين الرسم والنحت، ما يتأتى عنه مقولة واحدة هي الإنسان والظرف الذي نمر به في مقولة مشتركة لهذين الفنانين الكبيرين، حقيقة فما رأيت بلوحات الرسم شيء يوحد بين هذه اللوحات الذي اختزل بها البيوت والتعايش بين الأديان والحي والشارع كل هذا اختزله بلوحة واحدة، تؤدي إلى هذا المفهوم حيث كان يضج بالألوان حين كانت حالة الفنان التشكيلي طيبة، وكانت أبيض وأسود كحالته عندما قدم العمل وهو قادم من دير الزور ورسموا تحت ظروف صعبة جداً».
وأضاف الأحمد: إن «هناك مجموعة من المنحوتات منها لوحة الشهيد، الذي يموت لكن تتفرع من موته شجرة الحياة هذا الموت لم يذهب سدى، كان له هدف هو أننا نعيش بعد هذا الموت أيضاً كانت هناك مسألة في غاية الأهمية مسألة الخير والشر، هذان اللذان نعيشهما في حياتنا اليومية جسدهم بمنحوتة جميلة، وفي منحوتة أيضاً قابلة للتعديل وجه لأنثى ووجه لرجل يقدر أن يحولهم حسب المادة النفسية للمرء ويقدر أن يخرج بأكثر من مضمون».
وأوضح الأحمد أن «أهمية الفن التشكيلي وأقولها دائماً إنه فن مفتوح على تصورات كثيرة مفتوح على استنتاجات ورؤى وتخيلات، لا يمكن أن نقرأ عمل كما يقرؤه فنان آخر هذه أهمية الفن»، مؤكداً أننا نرد على العنف والقتل بالجمال والموسيقا والرسم والفن التشكيلي وهذا لا ينتج إلا عن أمة عظيمة كأمتنا.
ألف نون.. علامة فارقة

وقال الفنان التشكيلي جحجاح: «إن معرض جدل الخامس هو امتداد لكل الجدليات التي قامت بها ألف نون واليوم بهذا الجدل نقدم فناناً من دير الزور، أمضى فترة من الحبس القسري ومورس عليه هذا التعسف الفكري ضد عقليته تماماً فهو الآن في دمشق وقَدم إلى ألف نون وهي بدورها احتضنته وقدمته كتجربة تشكيلية ضمن عنوان «بيوت تسكننا ولا نسكنها»، مضيفاً إن «هذا العنوان له علاقة بالهجرة وإن الإنسان يعيش بمكان تكون ذكرياته فيه وصورة أمه معلقة على الجدار، حديقته، والأشياء التي يعيشها، محاولاً أن يتكلم عبر اللوحة وهي كما نراها اختلفت بين الأبيض والأسود إلى الملون».
وأفاد جحجاح: «أن ألف نون تستمر باحتضان الجملة الفنية التي لها تجارب نوعية وإخراجها إلى لغة جديدة تطمح إلى سورية مؤنسنة وجسد تشكيلي راق جداً»، مشيراً إلى أن «ألف نون» هي علامة فارقة اليوم أمام التحول التي تشهده سورية من ناحية الجودة والامتيازات التي تمنحها للآخرين، وهي تكون جزءاً من هذا التحول وما يبدو لي أننا في جدل الخامس مستمرين ونحن من المعارض التي تستقطب كميات كبيرة من الناس لأنها تجد بوصلة مهمة لتحول له علاقة بطريق الفن».
وأكد جحجاح «أنه لا جمال من دون إنسان كامل وراء هذه المعادلة، وأن كل إنسان يكمن وراءه بيئة الجمال وبيئة المحبة وبيئة النحت وبيئة الموسيقا وبالتالي يكون الوطن أقوى وأجمل».

كل قبلة هي وعد وموعد
وفي تصرح خاص للـ«الوطن» قال الفنان غزوان علاف إن «القبلة دليل على المحبة ودليل على قوة المحبة، وهناك فرق بين القبلة التي تحوي على محبة حقيقة والقبلة التي تحوي على فن» مضيفاً إن «في أعمالي ركزت على فكرة المحبة ولكن ليس للعشيقة أو للمحبوبة أو للأنثى على الرغم من أن بعض الأعمال لا تخلو من هذا الشيء، ولكن المحبة أقصد بها هنا شكلها العام مثل محبة الأخ، محبة الجار، محبة الوطن، محبة المختلف عنا، محبة الطبيعة».
وأضح علاف أن «القبلة لا تعطي فقط دليلاً على المحبة بل إنها تعطي دليلاً على استمرارية المحبة فهذا هو الوعد، وفي هذا المعرض قدمت 30 منحوتة بقياسات وسط وكبيرة، جزء منها منفذ بالخشب وجزء منفذ بالبرونز وجزء يحتوي على مزيج بين الخشب والبرونز»،أما عن رسالته أفاد علاف أن: «أهم ما أريد أن أقدمه في المعرض هو المحبة، وفكرة الحياة والتفاؤل فالحياة أقوى من الموت، أقوى من الدمار، الحياة أقوى من الكره، أقوى من الحقد، يجب علينا جميعاً أن نفكر بالحياة لأنها هي المستقبل، ولا يمكن تجاوز المحنة التي نمر بها إلا إذا ما انتقلنا بالمحبة والسلام إلى تقبل الآخر».
وبيّن علاف أن «مشاركة اللوحات مع المنحوتات في معرض واحد يعود لفكرة تكاملية تجمعني بالفنان جمعة نزهان، فهو يعمل على الوطن، يعمل على البيوت، على الأماكن، أما أنا فأعمل على الإنسان فنحن نعمل على موضوعين تكامليين».

بيوت تسكننا ولا نسكنها
وأكد الفنان جمعة نزهان أنه «قدم 25 عملاً مشغولاً بطريقة الإكرليك على القماش وعلى الكرتون، بالإضافة إلى خامات أخرى مستعملة بأبعاد وحجوم مختلفة بالنسبة للوحات، فأنا ابن مدينة دير الزور، ابن مدينة الفرات، ألواني كما بيئتي حارة ومشرقة لكن الفكر الإرهابي والأزمة التي مررنا فيها أصابتنا بنوع من الصدمة ونوع من الذهول وعتمت ألواننا».
وأضاف نزهان: «أن إقامتي هناك بسجن كبير وإن بعض اللوحات التي أنتجتها سيطر عليها اللون الأسود، ولكن الأسود أحياناً يكون جميلاً إذا رسم بدقة ووجدت معه بعض العناصر، وعندما غادرت دير الزور وجئت إلى دمشق حملت بعض اللوحات التي رسمتها هناك». مبيناً أن «اللوحات التي رسمتها في دمشق ظهرت فيها بعض الألوان نتيجة حالة الفرح والاستقرار والجمال الذي أشعر فيه بدمشق».
وأوضح نزهان أن «اللوحات التي قدمتها جاءت تحت عنوان عام «بيوتٌ تسكننا ولا نسكنها»، هي استطالات لونية فيها تفاصيل الحارة السورية، من مئذنة، وكنيسة، وشبابيك، وأبواب تارةً مغلقة وتارةً مفتوحة مثل قلوبنا، وعواطفنا، الحارة السورية، بما تحمله من حميمية وحب وعشق بين الناس».
وأضاف نزهان أن «صالة ألف نون معتادة دائماً خلق الجدل منذ بداية مشروعها وقدمت 4 أو 5 فنانين لحد الآن وكانت جدلاً تشكل في معرضنا بين الكتلة والفراغ، وبين سطح تصوير اللوحة وهذا الجدل بين اللون وبين الكتلة يخلق عند المشاهد نوعاً من الحوار بينه وبين نفسه وبينه وبين الفنان». مبيناً أننا «نشاهد اللوحة من الأمام، أما المنحوتة فنراها من زوايا متعددة، وهنا يكمن الجدل، بالإضافة إلى أن اختلاف التجربة بين الفنانين يخلق نوعاً من الجدل ونلاحظ وجود بعض النقاد والفنانين الذين يقدمون آراء يتداولها الفنان معهم».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن