سورية

خطط أردوغان الحربية تهدف لنسف خيار حكومة تركية ائتلافية وأوزال يحذر من التدخل في سورية خوفاً من التورط بحرب شاملة

ألقت الصحافة التركية مزيداً من الضوء على الخلافات التي أشعلتها خطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتدخل العسكري في سورية بغرض إقامة «حزام أمني» داخل الأراضي السورية، مع رئاسة الأركان التركية، مبِّينةً أن الأخيرة تحاذر في الأمر خوفاً من أن تجد نفسها متورطة في «حرب شاملة» إذا ما تدخلت إيران وروسيا لدعم الجيش السوري. ولفتت الصحافة التركية إلى أن خطط الرئيس التركي للتدخل في سورية، تهدف إلى نسف خيار تشكيل حكومة ائتلافية في تركيا، للتوجه عوضاً عن ذلك إلى إجراء الانتخابات المبكرة تنقذ المستقبل السياسي لأردوغان. وذكرت صحيفة «سوزجو» التركية المعارضة أمس «أن أردوغان أمر رئيس الأركان الفريق نجدت أوزال بتدخل عسكري في سورية، قبل الانتخابات النيابية التي جرت في (السابع من) حزيران (الجاري)، إلا أن أوزال قال: إنه بحاجة لأوامر مكتوبة وليس شفهية، فأرسل أردوغان تعليماته بشكل مكتوب، إلا أن أوزال طلب توضيح أسباب ومبررات هذا التدخل لروسيا وسورية وإيران وإلا فإن الجيش سيجد نفسه في مأزق».
وأوضحت الصحيفة أن أردوغان ورئيس الحكومة أحمد داود أوغلو أبلغا الجيش خلال اجتماع عقد مساء السبت لمدة ساعتين ونصف الساعة، أن «الهدف من أي عمل عسكري هو منع تنظيم داعش من السيطرة على البوابات الحدودية غرب جرابلس، والحفاظ على القرى التركمانية بين جرابلس وعفرين».
وذكَّرت «سوزجو» بتصريحات الأمين العام لحزب الشعب الجمهوري كورسال تكين تحدث قبل الانتخابات بأسبوعين عن نوايا أردوغان شن عدوان عسكري على سورية. وفي حينه حمل تكين الحكومة مسؤولية المأزق الخطير الذي ستتعرض له تركيا من جراء مثل هذه المغامرة الخطيرة. وأول من أمس، كشفت صحيفة «حرييت» التركية أن أوزال وخلال اجتماع أمني عقد في 18 من الشهر الجاري، رفض خطة لدخول الجيش التركي إلى منطقة جرابلس ومارع من أجل وقف «التمدد الكردي» و«طلب من الحكومة تعليمات خطية واضحة في هذا الشأن، وحذر من أن هذا التدخل قد يؤدي إلى حرب شاملة في حال تدخل إيران وروسيا لدعم الجيش السوري».
وأشارت الصحيفة إلى أن حكومة داوود أوغلو «طلبت من الجيش اتخاذ التدابير الأمنية على معبري أونجو بينار وجيلفاكوزو الحدوديين مع سورية والمنطقة الممتدة بينهما، والتي يبلغ طولها 90 كيلومتراً وذلك على خلفية تقدم تنظيم داعش في ريف حلب الشمالي»، لافتةً إلى أن الأوساط العسكرية «استبعدت التدابير الأمنية التي تتضمن عملية عسكرية بسبب المخاطر التي تحملها».
ونقلت الصحيفة عن أوساط تركية، قولها: إن «اتخاذ خطوة نحو التدخل العسكري في سورية من دون إقناع اللاعبين الرئيسيين، ولاسيما الولايات المتحدة وروسيا وإيران، من شأنه أن يخلق مواجهة بين تركيا وتلك الدول، كما أنه ينبغي الاتصال بالحكومة السورية من أجل تهيئة أرضية تتناسب مع القانون الدولي قبل الدخول إلى أراضي دولة أخرى، وإلا فستقع تركيا في موقف الدولة المعتدية على أراضي دولة أخرى».
إلا أن التسريبات التي نشرتها صحف موالية لأردوغان، نفت وجود خلاف مع رئاسة الأركان. وذكرت صحيفة «يني شفق»، أن الجيش التركي يعد مخططاته المتعلقة بإقامة منطقة حدودية آمنة شمالي سورية بعمق 35 كم وطول 110كم. وأوضحت الصحيفة أن رئاسة أركان الجيش وجهاز الاستخبارات التركي سيتعاونان في وضع اللمسات الأخيرة على المخطط، الذي يتضمن دخول 18 ألف جندي من بوابتي مرشدبنار وقرقامش إلى عمق ثلاثة وثلاثين كيلومتر حتى يوم الجمعة المقبل. وأوضحت أن وزارة الخارجية التركية بدأت بـ«إرسال رسائل إلى النظام السوري عبر إيران وروسيا، تخبره فيها أن تشكيل المنطقة الآمنة يمنع تقسيم سورية».
وخصص معظم الصحفيين والكتاب زواياهم حول هذا الموضوع، وقالوا إن أي عمل عسكري في سورية سيخلق لتركيا مشاكل خطيرة جداً على الصعيد الداخلي والخارجي بما في ذلك انفجار الوضع الأمني جنوب شرق تركيا. واتهمت صحف المعارضة أردوغان باستغلال الوضع في سورية حتى ينفذ برامجه الخاصة بمنع تشكيل الحكومة الائتلافية، والإعلان لاحقاً عن انتخابات مبكرة بعد تحقيق أهدافه في سورية.
وتوقع العديد من الصحفيين الفشل الذريع لمشاريع أردوغان على صعيد السياستين الداخلية والخارجية بغياب الضوء الأخضر الأميركي وإصرار أحزاب المعارضة على إنهاء دوره في الحياة السياسية في حال المشاركة في أي حكومة ائتلافية مع حزب العدالة والتنمية، الذي يشهد صراعات جدية بسبب أنانية أردوغان وعقده النفسية بعد أن بات واضحاً أنه على وشك أن يستبعد من اللعبة السياسية داخلياً وخارجياً.
وقال رئيس تحرير صحيفة «يورت» مردان يانارداغ: إن «ما يهم أردوغان ليس التركمان أو أمن الحدود مع سورية، بل ضمان مستقبله السياسي عبر المزيد من السياسات الخطيرة التي يطبقها أساساً في سورية منذ بداية الأزمة، لناحية التدخل بشكل سافر في الشأن السوري من خلال دعم كل الجماعات الإرهابية بالتعاون مع قطر والسعودية».
ونبهت صحيفة «خبر تورك» من الأضرار المحتملة لأي عدوان عسكري ضد سورية على الصعيد الاقتصادي. وقالت: إن «أي حرب على الحدود مع سورية ستقضي على الحركة السياحية التي تواجه أساساً مشكلة جدية. كما أنها ستلحق أضراراً بالغة في حركة التجارة مع الدول العربية التي تعاني بالأصل من مشاكل جدية بعد إغلاق الحدود مع سورية والعراق وقرار مصر إلغاء اتفاقية النقل البحري مع تركيا».
من جهته كشف الحساب التركي الأكثر شعبية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» والمعروف باسم «فؤاد عوني» أن أردوغان «أعطى التعليمات بشن حملات مداهمة ضد عناصر من تنظيم القاعدة بهدف تمهيد الطريق أمام حرب في سورية تعطل تشكيل الائتلاف الحكومي، الذي من شأنه أن يجلب نهايته».
وذكر عوني أن «نائبي رئيس الوزراء بولنت أرينتش وبشير أطالاي يسيطران على داوود أوغلو وقد شكلا تكتلا ضد أردوغان، الذي لم يعد يثق بدوره برئيس وزرائه حيث وضعه مع مستشاريه والنواب المقربين منه تحت الرقابة»، كاشفاً في هذا الصدد عن أن مجموعة تابعة لداوود أوغلو عقدت اجتماعاً سرياً مع حزب الشعب الجمهوري لبحث موضوع الائتلاف الحكومي، الأمر الذي أثار جنون أردوغان وأعوانه ودفعه إلى وصف من يخالف تعليماته بالعدو. وأوضح عوني أن خطة شن حرب ضد سورية والتي تعتبر المخرج الوحيد بالنسبة لأردوغان لا يؤيدها الجيش التركي.
(سانا – ترك برس)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن