ثقافة وفن

التكريم المادي للفنان رفع مستوى المنتج الفني لهذا العام…حفل توزيع جوائز معرض الربيع السنوي لأعمال جاءت بين الواقعيّة والحداثة

عامر فؤاد عامر – تصوير: طارق السعدوني :

يُصاغ الإبداع من عدّة عوامل أهمها أن يكون لدى صاحبه المادّة الخام لتحقيق الهدف الإبداعي المنشود، وإن توافرت الماديات اللازمة فسيشكّل ذلك حافزاً أكبر لدى الساعي لهدفه، وهذا ما توافر في حفل تكريم الفنانين التشكيليين في معرض الربيع السنوي المُقام في مكتبة الأسد الوطنية، وذلك بحضور حشد من المهتمين بالحركة التشكيليّة في سورية، وجمع من الإعلاميين.

ابتدأت الفعالية في الوقوف دقيقة صمت، تكريماً لأرواح شهدائنا الأبرار، تلاها النشيد العربي السوري، ثم كلمة لمدير مديريّة الفنون الجميلة «عماد كسحوت»، والتي رحب فيها بالحضور، وأشاد بالحركة الفنيّة التشكيليّة، ولاسيما الشباب الرافد لها، وفي رغبتهم بإحيائها، ودلالتها في استمرار نبض الحياة في سورية، والمقاومة فيها، بعدها وُزِّعت الشهادات، والجوائز على الفنانين، وفي تصريحٍ خاصّ لـ«الوطن» يجيب كسحوت عن سؤالنا حول آليّة انتقاء الأعمال الفنيّة، وطريقة التقييم التي اعتادوها ولجنة التحكيم في تكريم 19 من الفنانين الشباب: «معرض الربيع السنوي هو للفنانين الشباب دون الأربعين عاماً، ووزارة الثقافة تدعم هذا المعرض سنويّاً، ولكن في هذا العام جاءت الفكرة بدعم مادي لما سيقدّمه الشباب المشاركون لرفع مستوى المنتج، لأن فكرة الجوائز ستصنع حافزاً للتنافس بين الشباب، كي يتميز أحدهم عن الآخر، وبالتالي هناك خلق لروح المنافسة من خلال التكريم المادي، أمّا سابقاً فكانت وزارة الثقافة تقتني الأعمال لدعم الفنان فقط، ويمكن القول بأن مستواها كان بسيطاً لا يرقى لدعم الفنّ التشكيلي في سورية، أمّا في هذا العام فتمّ منح الجوائز ولمسنا تطوراً واضحاً في مستوى الأعمال بالمقارنة مع السنوات السابقة، وهذا الفعل تأسيس للسنوات القادمة بهدف الارتقاء في مستوى العمل الفني، حتى يصبح لدينا منتج مهمّ وأسماء تشكيليّة مهمّة، وقد تشكّلت لجنة من وزارة الثقافة من عدّة اختصاصات قيّمت الأعمال المشاركة، وقد أيّدت المديريّة رأيها أيضاً ليكون هذا اليوم احتفالاً بهم جميعاً».
بهذه المشاركة يؤكد الفنانون التشكيليّون استمرار بناء الصرح الثقافي البصري، والارتقاء به بما يتلاءم مع التطوّر الفني، من خلال الأعمال والإبداعات التي تدلّ على ولادة حياة جديدة في وطننا، فنحن نعيش الفنّ، وننتجه رغم كلّ الظروف، رفداً للحياة الفنيّة في سورية، وقد كانت جوائز قسم التصوير الزيّتي: الأولى للفنان «شادي العيسمي»، والثانية مناصفةً بين الفنان «محمد الناصر» والفنانة «خولة العبد الله». أمّا جوائز قسم الغرافيك: فالأولى مناصفة بين الفنانة «مروى المقبل» والفنان «شادي أبو حلا»، والثانية مناصفة أيضاً بين الفنانة «ميريان الشمّاس» والفنان «علي العلاف»، والثالثة مناصفة بين الفنانة «ريم الحايك» والفنان «محمد الحموي». وجوائز قسم النحت فجاءت الأولى للفنان «قصي النقري»، والثانية مناصفة بين الفنان «مصطفى أنطاكي» والفنانة «ريم يونس»، وكذلك الثالثة مناصفة بين الفنان «ربيع قرعوني» والفنان «حسام نصرة». أمّا جائزة لجنة التحكيم فقُدّمت للفنانة «أسمى الحناوي». وجائزة اتحاد الفنانين التشكيليين فكانت مناصفةً بين الفنان «عامر علي»، والفنانة «بيلسان دياب». في حين كانت الجائزة الأولى لمعرض الربيع السنوي لهذا العام من نصيب الفنان «إياد نصيرات» وهو خريج كليّة الفنون الجميلة في دمشق والذي صرّح لنا عن مشاركته في هذا الحفل وفي المسابقة قائلاً: «قدّمت عملاً في مجال الطباعة الحجريّة، اشتغلته في صياغة تعبيريّة، ويتحدّث عن مجموعة الحالات التي يتأثر فيها الفنان بهذا الواقع الذي نعيشه، فهو عبارة عن صرخة لتفريغ الطاقة بسبب المهاترات التي ارتبطت بهذا الوقت الدقيق الذي نمرّ به». ولدى سؤالنا عن التكريم وماذا يعني له يقول «نصيرات»: «لا شكّ في أنّه يشكّل مسؤوليّة لي، وهو سيدفعني للبحث عن طرق لتبقيني في المستوى نفسه، وتقديم الأفضل، ودون التراجع في المستقبل، ولدي اليوم مجموعة من اللوحات سأقدّمها في معرض ربما يكون في بيروت لكن لم يتمّ تحديد الوقت والزمن بعد».
التقينا الفنان «شادي العيسمي» أحد المكرمين في الحفل، الذي أنهى دراسته في قسم الدراسات العليا للفنون الجميلة، والذي أخبرنا عن المشاركة واللوحة والتكريم: «استلمت جائزتي اليوم عن عملٍ قدّمته في القسم الفنّي الخاصّ بالتصوير، وهو عمل حمل اسم «حوار»، وعموماً ما اشتغل وأتميّز به ينضوي تحت أسلوب تعبيري يرقى للتجريد، والعمل الفني لا يُحكى عنه لأنه يفقد قيمته بذلك، فالعمل هنا له علاقة بالصورة والبصر وكلّ شخص سيراه بناءً على قراءته الخاصّة، والتكريم مهمّ لي، فالشعور جميل ومختلف بأن هناك من يلقي الضوء على عمل يحمل رسالةً ثقافيّةً مختلفةً عن النمط التجاري الرخيص السائد، وأنا حالياً أرسم وأنتج مجموعة من اللوحات سأقدّمها في معرضٍ قادم».
الفنانة «خولة العبد الله» إحدى المكرّمات والتي قدّمت أهم الأعمال في هذه الفعاليّة بشهادة من فنانين كبار، تقول عن سؤالنا لها هل ظُلمت في منحها الجائزة الثانية في التصوير فتجيب: «قد أشعر بيني وبين نفسي بأنّني ظُلمت، ولكن للجنة التحكيم أساسياتها في وضع العلامات والتقييمات أيضاً، وأيضاً لا يمكن أن تأتي التقييمات نفسها لكلّ لوحة!». ولدى سؤالنا لها حول تكريمها في هذا اليوم وهل ستكون لك مشاركة مختلفة في العام القادم قالت: «هذا أسلوبي الذي أتميّز به ولربّما شكّك البعض فيه، ولكن أنا سأبقى على نفس المستوى المتميّز الذي لفت انتباه الكثيرين من لجنة التحكيم، وأيضاً سأسعى لنيل الجائزة الأولى». وعن رأيها في الاتجاه الواقعي لمعرض الربيع السنوي وهل سينحسر أم سيأخذ اتساعه في المستقبل أضافت: «أعتقد أنّه سيكون في السنوات القادمة تطوّراً أكبر بسبب دخول مدارس جديدة، أمّا عن عملي والاتجاهات الجديدة فسأبقى على العمل الواقعي والأفكار السرياليّة، لكن لدي رغبة في إدخال الجديد، ومواكبة الحداثة على الموضوع وعلى الفكرة معاً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن