ثقافة وفن

دنيا 2015.. تغتال دنيا أسعد سعيد..حوارات قائمة على النبرة العالية و«الردح النسائي»

وسام حمود : 

لم تكن يوماً مهنتنا، أو كما يقول البعض باب رزقنا التقليل من قيمة أي مادة فنية، أو لبخس قدر أي فنان من فنانينا، بل نحن غيارى على قيمة ونوعية ما يقدم وما يعرض علينا وعلى المتلقي الذي تطور مع تطور الدراما فبات قادرا على تمييز المادة الجيدة من السيئة، وناقدا لها، وقادرا على تقييمها وكأنه صحفي أو ناقد بارع.
كلنا يعلم موهبة الفنانة أمل عرفة وقدرتها التمثيلية المخيفة، وأنها قادرة على تشخيص أي حالة وفي أي عمل مهما كان نوعه، أو حجمه، أو صعوبته، إضافة لمقدرتها لتقديم صبغتها الخاصة على أدوارها كافة وهو ما ميزها وجعلها من النجمات في الدراما.

دنيا.. عمل ترك أثرا كبيراً لدى المشاهد العربي، ولم يمحَ من الذاكرة رغم مرور سنوات على عرضه، حتى اللهجة التي اعتُمدت في العمل كانت لهجة منطوقة ولو من باب الكوميديا بين الناس، إضافة إلى أنه قدم عدداً من النجوم الذين أثبتوا أنهم محترفون لمهنتهم، عمل كوميدي له خصوصيته لكون فكرته لم تكن مستهلكة أو مطروقة من قبل، أما اليوم فتعود دنيا 2015، لتجني على دنيا 2000 إن لم تخني الذاكرة في التاريخ الحقيقي للعرض، ولتحرق جهد كادر بأكمله، ولتمحو بصمة وانطباعا مهما على مدار سنوات، ولتحول دنيا إلى مجرد دمية مهمتها الصراخ ليس أكثر.
ربما يقول البعض: إنه من المبكر الحكم على أي عمل لكون حلقاته لم تتجاوز ما يؤهلنا للحكم عليه، ولكن هناك أعمالاً تنطق بمضمونها منذ الحلقة الأولى، دنيا في أولى حلقاته يجعلك كما العجوز الذي يضع القطن في أذنيه كي لا يحرق أعصابه من الضجيج غير المنطقي وغير الطبيعي من حوله، دنيا حوارات قائمة على النبرة العالية، وإن لم نبالغ في بعض المشاهد بين قوسين (الردح النسائي)، ومعظم إن لم يكن كل مشاهد العمل مبنية على صراخ يوصلك إلى مرحلة كبيرة من الاستفزاز والتوتر، ما يدفعك لإطفاء شاشة التلفاز..
دنيا 2015 حاول كغيره من الأعمال التطرق إلى الأزمة السورية، والواقع السوري، ولكنه في حقيقة الأمر سخف الأزمة بكل تجلياتها، وأشكالها، ووضعك أمام مهزلة كوميدية لدرجة لم تتعاطف مع هذا أو ذاك المواطن رغم المرار الذي يعيشه، وعلى سبيل المثال والأمثلة لا تعد ولا تحصى، مشهد الممثل أيمن رضا وتولين البكري والذي يتعلق بالخصوصية بينهما، قدمت بشكل غير لائق وكان من الأفضل ألا يكون هذا المشهد من ضمن العمل، إلا إذا افترضنا أن هذه العلاقات باتت أزمة أساسية في حياة المواطن السوري، وحتى إنه لم يكن هناك مبرر لوجود هذا المشهد بتلك الطريقة الهزلية.
أما بالنسبة لنجوم العمل فلم يكونوا بالمستوى المطلوب، ما يجعلك على قناعة أن العمل أنجز بأسرع وقت ممكن ليلحق بركب الأعمال التي ستقدم في رمضان، بما بمعناه (تصوير صفق لفق) كما يقال بالعامية، ولا يهم النتيجة النهائية باعتبار أن العمل قائم على نجوم قادرين على حمل العمل حتى لو أخفق أي إن نجومه سيجعلونه ناجحاً برأيهم، ولكن هذه النظرية خاطئة لأن المشاهد لم يعد يعنيه النجم فقط، بل يريد الاقتناع بما يجسده هذا النجم.
دنيا 2015، كان بإمكانه أن يبقى ضمن لباسه القديم، وأن يقدم كوميديا حقيقية اشتاق إليها المشاهد، بحكم أن الأعمال الكوميدية السورية باتت مجرد أسماء تعرض على الشاشة، فارغة من معناها، عبارة عن ممثلين (كراكوز) ليس أكثر، باستثناء عمل بات كوجبة إفطار رمضاني عدة مواسم ولا ننكر أنه ترك نكهة خاصة به، وفيه أكثر من روح تضخ عبر حلقاته ألا وهو (بقعة ضوء)، طبعا بغض النظر عن بعض الملاحظات التي أحاطت به هذا العام.
أعود وأذكر مرة أخرى: لسنا بنقاد، نحن عين المشاهد الذي لم تتح له الفرصة ليعبر عن مشاهداته، ولكن دائماً نقول: حتى لو كان نجومنا لهم تاريخ في عالم الدراما الواسع، فعليهم الاستمرار بتقديم ما يقنعون به المتابع ويحترمونه كما يحترمهم حين يخصص لهم من وقته لرؤية ما يقدمون له، وأن يخرجوه من نطاق التجارة، والربح، فالمتلقي اليوم كاتب، ومخرج، وقادر على تعرية أي عمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن