ثقافة وفن

أرملة في ثياب الحداد.. والخريف الباكي يكسو القلوب … اجلب لي قنديلاً.. وشبّاكاً.. أنظر منه إلى زحمة الزقاق السعيد

| سارة سلامة

صدر عن وزارة الثقافة والهيئة السورية للكتاب مجموعة شعرية تضم مختارات من الشعر النسوي بعنوان «ستأخذنا الريح»، وهي مئة قصيدة وقصيدة من الشعر النسوي العالمي، ترجمة وتقديم ماجد الحيدر، وهو كتاب يضم نماذج مختلفة من الأساليب الفنية والتوجهات النفسية أو المواقف الفكرية بدءاً من الصوفية وانتهاء بالثائرة المتمردة يجمعها كلها انشغال إنساني عميق وإحساس مرهف بالحياة بأحزانها وأفراحها، بآمالها، وقسوتها، بجمالها ومظالمها، كل ذلك بعين المرأة الذكية المرهفة التي لا تخطئ التفاصيل، نقل الحيدر القصائد من الإنكليزية عدا قصائد الشاعرة فروغ فرغزاد التي نقلها عن الفارسية.

مايا أنجلو
1928-2014، شاعرة وكاتبة وممثلة وراقصة ومخرجة ومغنية وناشطة سياسية أميركية، وهي شاعرة غزيرة الإنتاج، فقد رشحت مجموعتها الشعرية الأولى أعطني كأس ماءٍ باردٍ.. فأنا أموت، والتي ظهرت عام 1971 لنيل جائزة البولتزر، ثم تلاها العديد من المجموعات منها: أرجوك، جناحاي سيلائمانني 1975، والكثير غيرهما كما اختارها بيل كلينتون لإلقاء قصيدتها الشهيرة على نبض الصباح في حفل تنصيبه عام 1993، وكتبت الموسيقا التصويرية للعديد من الأفلام والمئات من القصائد والمقالات والقصص القصيرة والأغاني وسيناريوهات الأفلام والمقطوعات الموسيقية، وعملت أيضاً مخرجة ومنتجة وكاتبة، وهذه مقتطفات من شعرها..
وحيداً… ليلة البارحة
رقدت وفكرت
كيف أعثر لروحي
على بيت
لا يعطش الماء فيه
ولا يستحيل الرغيف إلى حجارة
وقرّ ذهني.. على رأيٍ وحيدٍ
ولا أظن أنني مخطئة
أن لا أحد… نعم لا أحد
يمكنه أن يدبر أمره وحيداً
وحيداً.. وحيداً تماماً
لا أحد.. نعم لا أحد
يمكنه أن يدبر أمره وحيداً
ثمة بعض أصحاب ملايين
لا يستطيعون إنفاقها
نساؤهم يطفن هنا وهناك
كأشباح تنذر بالموت
وأطفالهم يغنون
ألحاناً تطفح حزناً
يمكنهم أن يجلبوا
أغلى الأطباء أجراً
ليداووا قلوبهم الحجرية

إميلي ديكنسون
1830-1886، هذه المرأة واحدة من أشهر الشاعرات الأميركيات، إضافة إلى كونها واحدة من أهم الكتّاب في تاريخ الأدب الأميركي برمته. إن قصائدها البسيطة في بنائها، الحادة الذكاء في أفكارها، الشديدة العمق في أحاسيسها، تستمد مادتها وصورها من قضايا الإنسان الأساسية: من آلام الحب، وأفراحه، ومن طبيعة الموت التي لا يسبر غورها، وويلات الحرب.. وهذا بعض من أشعارها:
لم أملك الوقت لأكره
لم أملك الوقت لأكره
فالقبر قد يعيقني
والحياة ليست فسيحة
حتى أنهي عداوتي
ولم أملك الوقت للحبّ، لكن
لأنني ملزمة ببذل جهد ما
كان تعب الحب الضئيل
كبيراً بما يكفيني
أنا نكرة.. من أنت؟
أنا نكرةٌ.. من أنت؟
أأنت أيضاً نكرة؟
ها نحن إثنان
فلا تخبر أحداً،
سوف ينبذوننا.. كما تعلم
كم بليدٌ ومملٌ
أن تكون معرفةً
كم عموميٌّ كضفدعةٍ
تصيح باسمها
أمام مستنقع معجب
في يومٍ بطول العمر

آنا أخماتوفا
1889-1966، شاعرة روسية سوفييتية ولدت في أوديسا- أوكرانيا، وتركت أثراً عميقاً في الشعر الروسي الحديث، تناولت في أعمالها مواضيع مثل الزمن، الذكريات، الحب، الخيانة، مصير المرأة المبدعة، وصعوبات الكتابة والعيش في ظل الستالينية، ترجمت أعمالها إلى العشرات من اللغات وعدّت واحدة من أشهر الشعراء الروس في القرن العشرين، وهذه مقتطفات من أشعارها.
أرملة في ثياب الحداد
أرملة في ثياب الحداد
والخريف الباكي يكسو القلوب
بغمامٍ كئيب
لا لن تكفّ عن ندبها العالي
وكلمات زوجها… ترنّ في بالها
هكذا ستظل حتى
تمنح أنفاس الثلج
هذه المتعبة الهزلية
بعضاً من الرحمة
وما الذي نرجوه
غير نسيان الحبّ والعذاب
رغم أننا ندفع الثمن
من سنين العمر؟

فروغ فرغزاد
1935-1967، شاعرة ومخرجة سينمائية إيرانية ولدت في طهران تعدّ في نظر الكثير من النقاد أهم شاعرة إيرانية في القرن العشرين وواحدة من أهم المبدعين والمجددين في فضاء الشعر الإيراني، وهذا بعض من أشعارها:

هدية
أتحدث من تخوم الليل
أتحدث من نهايات الظلمة
ومن آخر الليل.. أتحدث
إن جئت لبيتي
فاجلب لي أيها الحبيب
قنديلاً
وشبّاكاً أنظر منه
إلى زحمة الزقاق السعيد.

الدمية الميكانيكية
يمكنك أن تظلي صامتةً
أكثر مما تفعلين الآن
يمكنك أن تظلي لساعات طويلة
تحدقين بأعين ساكنة كأعين الميتين
في دخان سيجارة
أو شكل فنجان
أو زهرة شاحبة فوق سجّادةٍ
أو خطوط وهمية فوق جدار
يمكنك، بأصابع يابسةٍ
أن تفرجي الستارة
وتراقبي الزقاق الذي يهمي عليه المطر،
والطفل الممسك بطائرته الورقية الملونة
واقفاً تحت الطاق،
والعربة المضعضعة
إذ تغادر الساحة الخاوية
في عجالة وضجيج
يمكنك أن تظلي من دون حراكٍ في زاوية الستارة
خرساء.. عمياء
يمكنك أن تصرخي
بصوتٍ جدّ مزيّف.. جدّ غريب
أنا أحبُّ

غابرييلاّ مسترال
1889-1957، ولدت غابرييلا في قرية صغيرة بجبال الأنديز وتلقت تعليمها الأولي في مدارسها الإبتدائية وعلى يد شقيقتها معلمة المدرسة القروية، بدأت أولى الخطوات في مسيرتها الشعرية عندما تعرضت عام 1909م، إلى صدمة نفسية عظيمة حين أقدم حبيبها على الانتحار ما أثر عميقاً في شعرها، ذلك التأثير الذي ظهر جلياً منذ مجموعتها البكر «قصائد حب إلى الموتى» 1914، وهذه بعض المقتطفات من أشعارها
الأقدام الصغيرة
أقدام الطفل الصغيرة
الزرقاء، الزرقاء من البرد،
كيف يرونك ولا ينجدون؟
كيف.. كيف يا إلهي
أيتها الأقدام الجريحة الصغيرة
التي رضّها الحصى
وآذاها الثلج والتراب
لأنّ الناس عمي لا يحفلون
بأنك أينما خطوت
تركت زهرة.. من ضياءٍ بهيج

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن