ثقافة وفن

كيف تسيطرين على غضب طفلك؟

| هبة الله الغلاييني

الطفل الغاضب أو العدواني ربما يتحول في المستقبل إلى شخص مدمر وتخريبي وربما إرهابي، لذلك على الأم أن تلاحظ سلوك طفلها منذ الصغر، وتهتم بأدق تفاصيل التغيرات التي تطرأ على حركاته وأفعاله.
فكلما كان طفلك صغيراً وحديث العهد بالموجودات اشتدت لديه رغبة العبث فيها وفكها، فترينه يتفحص كل ما تقع عليه يداه يمسك بها ويتأملها ويرميها أرضاً ليكتشف تأثير ذلك فيها، فإذا انكسرت وتحطمت ترينه بادي السرور لأنه اكتشف حالة جديدة، في نوبات الغضب الشديدة التي يتعرض لها طفلك قد يقذف الكرة لتصطدم بالنافذة، قد يرمي بلعبته على الأرض بقوة فيكسرها، قد يصفع الباب بقوة، هناك مرحلة من مراحل الطفولة يميل فيها طفلك إلى عظيم الأشياء والممتلكات، ويحدث هذا من دون قصد منه كذلك التخريب كالرسم والخربشة على الجدران أو فك لعبة أو آلة لتنعدم فائدتها بعد ذلك.
فإذا لجأ طفلك إلى التشويه أو الكسر أو التمزيق أو القطع، فهذا السلوك يفسره علماء النفس على أنه يعكس رغبته في التعرف على الأشياء والموجودات حوله، فيعبث بها، وحينما لا يحسن طفلك تناول الأشياء وجذبها وفحصها فمن المتوقع إلحاق إتلاف بها، وحين يتلف الأشياء فإنه يفعل ذلك عن جهل بقيمة هذه الأشياء أو آثار تخريبه عليها، وحتى إن تعمد طفلك مثلاً سكب بعض السوائل على الأرض فليس ذلك دليلاً على حبه للأذى، كما تظن بعض الأمهات، بل إن افتقاد طفلك معرفة شكل السائل حينما يسكب وحينما ينتشر على الأرض وحينما يسيل، هو الذي يدفعه إلى ذلك السلوك، وإن امتدت يده إلى دولاب الملابس أو أدراج المكاتب للعبث بمحتواها وربما إخراج ما فيها، فغالباً لا يكون ذلك بهدف البعثرة بقدر ما هو محاولة للكشف عن الشيء المختفي خلف محتويات هذا الدولاب أو درج المكتب.
من أهم الأمور التي تدفع طفلك إلى العبث والتخريب، حب الاستطلاع والرغبة في التعرف إلى ما حوله من أشياء وتحليلها إلى أجزاء، ثم محاولة العمل على إعادة تركيبها.
إن هذه السلوكيات تفرضها طبيعة النمو، فطفلك كلما كان صغيراً حديث العهد بالموجودات اشتدت لديه رغبة تحليلها وفكها، فترينه يتفحص كل ما تقع عليه يداه، يمسك بها، يتأملها ويرميها أرضاً ليكتشف تأثير ذلك فيها، فإذا انكسرت وتحطمت تجدين السرور بادياً على وجهه لأنه اكتشف حالة جديدة لم يعرفها من قبل، وكلما تقدم طفلك في العمر ستلاحظين تطور أساليب عبثه، فيفرغ الدواليب والأدراج والصناديق من محتوياتها ويبعثرها، ويلعب في أدوات المطبخ ويضرب بعضها ببعض ليستمع لأصواتها لأول مرة.

أسباب الإقبال على السلوك التخريبي
1- النشاط والطاقة الزائدة والأجسام التي تتميز بنشاط حركي زائد مع عدم تواتر الطرق المنتظمة لتصريف تلك الطاقة في الأمكنة المناسبة.
2- اضطرابات الغدة الدرقية.
3- ظهور مشاعر الغيرة لدى بعض الأطفال نتيجة ظهور مولود جديد أو تفرقة الوالدين في المعاملة بين الإخوة.
4- عدم تقبله الناس أو فئة معينة من الناس.
5- حب الاستطلاع والميل إلى التعرف إلى طبيعة الأشياء، ومحاولة إثبات الوجود والسيطرة على الأشياء من حوله.
6- النمو الجسمي الزائد لطفلك مع انخفاض مستوى الذكاء لديه.
7- شعوره بالنقص أو الظلم، فيدفعه ذلك نحو الانتقام من أجل إثبات الذات.
8- ضيق المكان الذي يلعب فيه طفلك يشعره بالضجر والملل ما يدفعه إلى العبث والتخريب.

أشكال التخريب عند طفلك في سن الروضة
1- التخريب البريء: وهو السلوك الشائع بين الأطفال وينقسم بدوره إلى أربعة أنواع من السلوك التخريبي.
– التخريب المتطور والمندفع: يظهر هذا النوع من التخريب لدى الأطفال الذين يتميزون بالنشاط الحركي الزائد، الذين لا يملون ولا يتعبون، لكنهم يلحقون الأذى بكثير من الأشياء والممتلكات من وجهة نظر الآباء، فيندفعون إلى مثل هذا السلوك من دون علم لهم بقيمة الأشياء التي يدمرونها، وربما يكون تخريبهم نتيجة للتغيرات النفسية والجسمية التي يمر بها طفلك أثناء مراحل النمو المختلفة، والتي يعيشها من هم في مثل سنه، فما إن تقع أعينهم على لعبة أو دمية جديدة، فهم يتركون لعبتهم الأولى ويتجهون نحو اللعبة أو الدمية الثانية ثم الثالثة وهكذا.
– التخريب الفضولي المنظم: هذا النوع من التخريب يظهر لدى الأطفال ويغلب على سلوكياتهم التخريبية، محاولة إرجاع ما خربوه إلى حالته كما كانت من قبل، وهم بذلك يفكون الأدوات والأشياء ثم يحاولون إعادة تركيبها مرة أخرى وهكذا.
– التخريب اللاواعي: يقوم طفلك بتخريب الأشياء أو المواد من دون معرفة أو وعي منه، وغالباً ما يجد نفسه أمام وضع تخريبي نتيجة لمسه مواد وأشياء قد تنفرط بين يديه مثل عقد من الخرز، من دون انتباه أو ظهور قلق أو خوف يدل على أنه أحس بما صنعت يداه من خسائر.
– التخريب كانعكاس للطاقة العضلية: قد يشعر طفلك بالقدرة الجسدية بين أقرابه فيعرض نفسه عليهم، فيقوم ببعض الأعمال التخريبية، كالدوس بقدميه على المفارش وتمزيق المقاعد، وٍإسقاط الستائر والتسلق عليها وتكسير بعض الأشياء داخل غرفة الطعام، أو غير ذلك من الأفعال التخريبية التي يقوم بها.
2- التخريب المتعمد: وينقسم إلى قسمين:
– تخريب الشلة: قد يظهر سلوك تخريب الشلة كسلوك جماعي يصدر من مجموعة من الأطفال، بهدف تفريغ الطاقة الزائدة عندهم، وهم يشكلون فيما بينهم شلة أو فريقاً أو عصابة لإشباع رغبة التقليد والمحاكاة ومسايرة الجماعة.
– التخريب المرضي: يحدث التخريب المرضي عند الأطفال الصغار، فنجدهم يشعلون النار في الحديقة والاستمتاع بها، أو يقومون بتخريب الأشياء عند الجيران من أجل المتعة، وقد يسعى الأطفال في هذا النوع من التخريب إلى سلب ممتلكات الأطفال الآخرين، أو دفعهم على الأرض ثم الفرار ضاحكين لسلوكهم التخريبي هذا، وبعض الأطفال يؤذون الآخرين ويرمون الأشياء عليهم، كما قد يقومون بإتلاف أعمال الآخرين ويكسرون الألعاب ويمزقون الكتب.

أساليب التغلب على المشكلة
1- يجب دراسة الحالة بعناية ودقة لتحديد مدى ونوعية التخريب، ومعرفة الدافع وراء ذلك.
2- توافر لعب بسيطة لطفلك تكون متقنة الصنع، ويمكن تفكيكها وتركيبها من دون إلحاق تلف.
3- توفير مكان فسيح مناسب يستطيع فيه طفلك أن يلعب بحرية.
4- التوقف عن تنبيه صغيرك، وتوجيهه باستمرار، لأن ذلك يفقد قوة تأثير التوجيه عليه ويفقد طفلك الثقة بإمكاناته.
5- عرض طفلك على الطبيب للتأكد من طبيعة الغدة الدرقية، كذلك معرفة مستوى ذكاء طفلك في العيادات النفسية المتخصصة.
6- إشباع حاجة طفلك إلى الاستطلاع والاكتشاف ليس فقط بتوفير اللعب، بل مراعاة ما يناسب سنه وتنوعه. بحيث تشمل أيضا ألعاباً رياضية تفرغ الطاقة الجسدية ويجب أن تسألي نفسك ماذا قدمت له من فرص لتفريغ طاقته؟ وذلك قبل اللوم والعقاب.
7- العطف والحنان والمحبة وإشباع الحاجات النفسية الضرورية للطفل.
8- إفساح دور للأطفال ليعبروا عن ثورتهم بطريقة تسمح بإظهار غضبهم.
9- تقليل القيود التي تفرض على الأطفال في البيت أو المدرسة بقدر المستطاع.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن