سورية

اعتبر مؤتمر «فلسطينيي الشتات» في تركيا إساءة لمن يدعم القضية الفلسطينية جدياً … عبد الهادي في حوار مع «الوطن»: المفاوضات الحقيقية تجري بين سورية والدول الداعمة لـ«المعارضة» … حماس غدرت بسورية وهي ليست مشروعاً وطنياً

| سامر ضاحي – تصوير طارق السعدوني

اعتبر مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في سورية أنور عبد الهادي أن نجاح المفاوضات السورية لحل الأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو ست سنوات يتوقف على الاتفاق بين سورية والدول الداعمة لما يسمى المعارضة، لأن المفاوضات الحقيقية تجري بين سورية والدول الداعمة لهذه المعارضة، مهاجماً «غدر» حركة حماس لسورية، ومعتبراً أن التصريحات الأخيرة التي صدرت عن مسؤولين في الحركة الأخيرة لإعادة علاقتها مع دمشق تهدف إلى إعادة العلاقة مع إيران.
واعتبر أن سعي أنقرة لعقد ما يسمى «المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الشتات» في اسطنبول في 25 و26 الشهر الجاري هو محاولة تركية للإساءة لمن يقوم بشكل جاد بدعم القضية الفلسطينية، والتغطية على تنازلات أنقرة لإسرائيل.
وفي حديث لـ«الوطن» أمس، قال عبد الهادي: إن الحل في سورية يجب أن يكون سورياً سورياً بقيادة سورية وغير مسموح لأي دولة أن تتدخل في الِشأن الداخلي السوري، مؤكداً أن مستقبل سورية وقيادتها من حق الشعب السوري ولا يحق لأحد أن يتدخل فيه.
وشدد على أن «فلسطين تتعامل مع الدولة السورية ومع الرئيس بشار الأسد رئيساً شرعياً لهذا البلد ولم نحد لحظة في ظل الأزمة عن هذا الموقف»، مؤكداً دعمه «لكل الجهود الخيرة لإنهاء الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب على كافة المستويات وفي كل المحافل». وأضاف: «كما تذكرون في الأمم المتحدة عندما هدد نتنياهو قبل 3 سنوات بضرب سورية وقف الرئيس محمود عباس أبو مازن وقال نحن ضد أي تدخل عسكري في سورية، وموقفنا لم يتغير».
وحول محادثات جنيف 4، اعتبر عبد الهادي، أن المفاوضات الحقيقية تجري بين سورية والدول الإقليمية لأنهم أصحاب القرار وهم الذين يوجهون أغلب أطياف ما يسمى المعارضة. ورأى أنه إذا تم الاتفاق بين سورية وهذه الدول فهذا سينعكس إيجابياً. وأضاف «من هنا فإن الجهود الروسية الكبيرة التي ندعمها بكل قوة هي فعلاً تعمل من أجل سيادة سورية وتتعامل مع سورية باحترام وكرامة وهم لا يتدخلون في الشأن السوري وهذا نلمسه من خلال لقاءاتنا معهم، ونحن نقول إن روسيا ستمنع أي محاولات لحرف الحل السوري عن الثوابت والسيادة السورية»، داعياً الدول إلى وقف دعم كل الجماعات المسلحة، مطالبا تلك الدول بالتعاون مع الدولة السورية أن كانت جادة في مكافحة الإرهاب.
وحول ما أعلنته تركيا عن استضافة «المؤتمر الشعبي لفلسطيني الشتات» في اسطنبول في 25 و26 الشهر الجاري، قال عبد الهادي: «للأسف الشديد تركيا تمارس دوراً مشبوهاً في المنطقة منذ فترة طويلة لأنها تتحرك من خلال إيديولوجية الإخوان المسلمين ومن خلال هذه الإيديولوجية أضرت نفسها أولاً ومن ثم أضرت المنطقة وخاصة انحيازها المستمر للإخوان ولحركة حماس التي تعتبر الممثل الشرعي للإخوان المسلمين في غزة وهدفهم السيطرة على الحكم مقابل أن يضمنوا المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة».
ورأى أن التحرك الأخير لعقد هذا المؤتمر «غير شرعي ونحن نرفضه وندينه لأنهم دعوا إليه دون مشاركة منظمة التحرير الفلسطينية وأغلب الذين سيحضرون هم الإخوان المسلمين وقدموا لهم الإغراءات المادية ومثل هكذا مؤتمرات تعمل من أجل الانقسام الفلسطيني»، معربا عن اعتقاده بأن هذا المؤتمر «ضار بالقضية الفلسطينية»، ومؤكداً رفض «منظمة التحرير» الحضور في اسطنبول فيما لو دعيت «لأننا لا ندعى إلى مؤتمرات من أجل قضيتنا إنما أي مؤتمر يجب أن نكون شركاء فيه، ولا أحد حريص على القضية الفلسطينية أكثر منا ولا يستطيع التركي ولا القطري أن يكون مهتماً بفلسطين أكثر منا».
ورأى عبد الهادي أن «الأتراك يتخبطون وليس لديهم سياسة ثابتة ويتعاملون حسب المرحلة الآنية واستداروا نحو روسيا بعدما أفهمتهم درساً قاسياً بأنهم يجب أن يتوقفوا عما يقومون به في المنطقة، وبعدما شعروا أن الإدارة الأميركية الجديدة يمكن أن تعطيهم فرصة استداروا نحوها وفي ظل هذه السياسة فإن أردوغان يضر نفسه وسيأتي وقت لن يثق أحد به ولا بسياسته».
واعتبر أن مؤتمر إسطنبول هو «رد على المؤتمر الذي انطلق (أول) من أمس في طهران من أجل دعم القضية الفلسطينية وهذا يؤكد على محاولة تركيا الإساءة لمن يقوم بشكل جاد بدعم القضية الفلسطينية وأيضاً لكي تغطي تنازلاتها التي قدمتها لإسرائيل من خلال عودة العلاقات بينهما».
لكن عبد الهادي كرر «أسفه الشديد» لأنه «منذ سنوات طويلة تقام مؤتمرات لكن يصدر عنها بيانات إدانة واستنكار ودعم ولا يوجد شيء فعلي على الأرض رغم أهمية تلك المؤتمرات في لفت الرأي العام للقضية الفلسطينية»، مطالباً بـ«دعم حقيقي على تثبيت شعبنا في أرضنا. في القدس، التي تهود تحت عناوين معينة أهمها الضرائب على الشعب الفلسطيني وتهجير الناس من بيوتهم والضغط عليهم بمنع العمل من أجل إشاعة يأس الفلسطيني وترك منزله أو بيع مقرة». كما طالب بعقد «اجتماع قمة عربية إسلامية يوجه رسالة واضحة بعدم التعامل مع إسرائيل ما لم تنسحب من الأراضي العربية كاملة، معرباً عن الأسف لأننا «نرى مؤخراً أن الكثير من الدول العربية مد خطوط مع إسرائيل وأصبحوا يعتبروا القضية الفلسطينية قضية ثانوية».
ونقلت وسائل إعلام غربية تصريحات لرئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد فيها وجود تحالفات مع دول عربية ومنها السعودية ضد إيران. وقال عبد الهادي: «للأسف الشديد نسمع مثل هذا الكلام ولا نسمع من هذه الدول رداً عليه، لماذا لا ترد هذه الدول وتقول إن نتنياهو كاذب؟ فلذلك نحن في حالة انتظار والآن همنا الأساسي أن تنتهي سورية من أزمتها لأن الأزمة السورية بشكل غير مباشر همشت القضية الفلسطينية وهذا كان المطلوب وافتعال ما يسمى «الربيع العربي» الهدف منه هو إلغاء كل الدعم من الدول المحيطة بفلسطين لفلسطين لكي يقولوا لشعبنا لا يوجد أحد معك أنت لوحدك وعليك أن تقبل السلام الإسرائيلي».
وبعدما وصف ما يسمى «الربيع العربي» بـ«ربيع عبري لتصفية القضية الفلسطينية» عبر عبد الهادي عن اعتقاده «بأن صمود سورية لست سنوات في مواجهة هذا الإرهاب ونجاح الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) في القضاء على الإخوان المسلمين في مصر أفشل المخطط الأميركي الإسرائيلي في المنطقة تحت عنوان الربيع العربي، ونحن متفائلون بأن نكون في المراحل الأخيرة لإفشال هذا المشروع بعدما تحقق من إنجازات في سورية».
وأكد عبد الهادي، أنه «مهما حصل من علاقات وصداقات بين إسرائيل وأي دولة عربية لن يعود بنتيجة لأن الشعب الفلسطيني مصمم على النضال لتحصيل حقوقه بغض النظر عن الدعم أتى من هذه الدول أم لم يأت». وأضاف: «نحن نقاتل ورأسمالنا أولاً حقنا وثانياً دماؤنا».
ورأى أن الجامعة العربية «جامعة تحشيش فكري لا تقدم ولا تؤخر ومئات القمم العربية تتخذ قرارات لا تنفذ وأصبحت قمماً فقط لتبادل التحيات ولقاء الرؤساء، وكانت باستمرار مكاناً للخلافات والصراعات العربية العربية».
وحول أهمية التبدلات في قيادة حركة «حماس» في الداخل عقب الانتخابات التي أجرتها الحركة مؤخراً، رأى عبد الهادي أنه «لا يوجد أي أهمية وحماس كلهم إخوان مسلمين. أي أحد منهم يأتي سينفذ سياسة الإخوان المسلمين سواء كان خالد مشعل أو إسماعيل هنية أو موسى أبو مرزوق أو يحيى السنوار.. كلهم إخوان مسلمين ومرجعيتهم الإخوان.. ما يريده الإخوان المسلمين سينفذونه». ورأى أن «حماس للأسف مشروع أممي، ونتمنى أن تكون مشروعاً وطنياً، ونحن نعمل بكل جهدنا لإفهام حماس أن عليها أن تكون مشروعاً وطنياً فلسطينياً من أجل التحرير والوصول إلى الاستقلال».
وتابع: «حماس مصالحها مع الإخوان المسلمين أكبر بكثير من مصالحها مع الشعب الفلسطيني»، معبراً عن إدانته لتدخل حماس بالشؤون الداخلية السورية «فهي غدرت من وقفوا إلى جانبها، وهذا يؤكد أنهم ليسوا أوفياء وليسوا مشروعاً وطنياً».
وأضاف: «حماس ساعدت المسلحين وقامت بالإساءة إلى المخيمات الفلسطينية وإدخال المسلحين إليها ولذلك يطلبون المصالحة مع سورية وبذات الوقت يقومون بأفعال معاكسة. وهم يسعون من خلال هذا الكلام الداعم للعودة في العلاقة مع إيران وإعادة الحصول على الدعم المالي والعسكري».
وختم عبد الهادي حديثه بالقول: نحن على تواصل مستمر مع الحكومة السورية ونقدم لها جزيل الشكر على مساعدتها لنا على تقديم كل المساعدات الممكنة لتخفيف معاناة شعبنا بعد دخول المسلحين إلى مخيماتهم وخاصة إلى مخيم اليرموك بدمشق»، نافياً بشدة أن تكون دمشق سعت إلى زج اللاجئين الفلسطينيين في الأزمة و«إنما الذي سعى لذلك هم المسلحون لكي يستخدموا الفلسطينيين ككرت سياسي من أجل الإساءة والضغط على الدولة السورية، رغم أن حركة حماس تصدر نشرة يومية مليئة بالسموم ضد سورية من تركيا ولندن باسم مجموعة العمل الفلسطينية وللأسف الشديد الذي يرأس هذه النشرة هو زوج ابنة (صهر) خالد مشعل ولذلك علاقتنا مع دمشق جيدة جيداً ونتمنى أن تخرج سورية من أزمتها سريعاً لأنها من المشاركين الأساسيين في دعمنا لاسترجاع أرضنا ونحن نقول بالفم الملآن إن سورية تدفع ثمن مواقفها الوطنية والقومية ووقوفها إلى جانب الشعب الفلسطيني وتمسكها بحقه ورغم أزمتها لا يزال دعمها لنا متواصلاً وجوهر سياستها هو الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن