ثقافة وفن

بين الحرب والسلم واقع المسرح السوري .. عرض «زيتون» يرصد الأزمة السورية وواقع الهجرة

| سارة سلامة

يعتبر المسرح الواجهة الحضارية لكل أمة فهو مقياس التطور الفكري والثقافي فيها، وفي ظل الظروف التي تعانيها سورية تبقى إرادة السوريين على الحياة والإبقاء على النبض ودحر الظلامية العنوان الذي يميز سورية وشبابها المفعم بالإرادة، كما يعد منبراً للحرية ومن الواجب علينا أن نعمل بكل طاقاتنا للنهوض به لأنه يشكل هوية الأمة وذاكرتها، ومن أجل أن نصنع ونبني مستقبلنا، ولا ننسى دوره في عكس صورة الواقع والإشارة إلى ما يعترض الأمة من أزمات، وفي ظل تشجيعها للحركة الفنية اختتمت وزارة الثقافة بحضور الوزير محمد الأحمد العرض المسرحي لمسرحية «زيتون»، وذلك في مسرح الحمراء بدمشق.
المسرحية من تمثيل «رنا جمول، غسان الدبس، مازن عباس، وئام الخوص، إبراهيم عيسى، وميريانا معلولي»، تأليف طارق مصطفى عدوان، وإخراج مأمون الخطيب.

علامة فارقة
أكد وزير الثقافة محمد الأحمد في تصريح للصحفيين أن «الأمم العريقة تقاس بتقدم المسرح فيها، ويندر أن نرى أمة عريقة لا تحتوي على مسرح، وسورية تمتلك هذا المسرح الذي نتحدث عنه ربما مرّ بفترات معينة نتيجة ظروف انخفض فيها الأداء أحياناً وارتقى أحياناً أخرى، لكن ما نستطيع الإقرار به أن المسرح السوري كان دائماً علامة فارقة في الثقافة السورية بشكل خاص والعربية بشكل عام».
وأوضح الأحمد أن «المسرح السوري يشهد نهضة تمثلت في التنسيق مع مدير المسارح والموسيقا واتفقنا على عودة المخرجين الكبار إلى خشبة المسرح، اليوم بدأ مأمون الخطيب وغداً لدينا أيمن زيدان في مسرحية «اختطاف»، ومن ثم غسان مسعود»، مضيفاً: إن هناك رغبة في تطوير هذا الفن العريق، كما اتفقنا على مسألة وهي «تفعيل مشروع مسرح الشباب لأنه المشروع الذي يمكنا في الأيام المقبلة من اكتشاف مواهب جديدة، وهذا ما اتبعناه في المؤسسة العامة للسينما وتأتت عنه نتائج غاية في الإيجابية وأتمنى أن ننقل هذه التجربة إلى المسرح».
وبيّن الأحمد أنه «سعيد جداً بمسرحية مأمون الخطيب الذي شاهدنا له على مسرح الحمراء قبل سنوات عرضاً جميلاً كان مقتبساً عن آرثر ميلر «كلهم أولادي»، وهذا الإقبال الجماهيري تحدث عنه السادة أعضاء مجلس الشعب يوم اجتمعت معهم لمناقشة أمور الوزارة فكانوا يقولون إن المسرح يعج بالناس، يعج بالمتعطشين لمشاهدة فن حقيقي وهذا بحد ذاته يعطينا الأمل بأن نؤسس نقلة نوعية في المسرح السوري، نحن نمتلك التاريخ نمتلك العراقة نمتلك الحضارة فلا بد أن يكون المسرح ترجمة لكل ما ذكرت».

المسرح وسيلة تنويرية
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد مخرج المسرحية مأمون الخطيب أن: «من الواجب علينا الاهتمام بالمسرح بشكل دائم ليس فقط في وقت السلم بل يجب أن نوليه أهمية أكبر في وقت الحرب، لأن المسرح وسيلة تنويرية للبشر، والمسرح يطرح رسائل يعيشها المجتمع ويطرح مشكلات ويشير إلى أزمات، فهو لا يقوم بحل هذه الأزمات بل يعكس الواقع، مفيداً أن: «أهمية المسرح تكمن في أن الناس تستطيع أن تنسى في لحظة واقعها كله وتأتي لترى أرواحها منعكسة على خشبة المسرح».
وأوضح الخطيب أن: «من الواجب أن نتحدث عن الألم الذي نعيشه يومياً بغض النظر عن الحرب، فأنا من محبي الرأي القائل بضرورة التحدث عن الآلام والأزمات خلال الأزمة، ولا أفضل الابتعاد عنها لنتحدث عنها بطريقة قد تكون بعيدة تماماً عن صميم الألم»، مضيفاً: إن «العرض كان جيداً بجمهور كامل وكان إيقاع الفرقة مشدوداً وإيقاع العرض بالأساس مدروساً ولكن اليوم الروح كانت واضحة باعتباره العرض الأخير أي كان بمنزلة العرض الوداعي وكان في إيقاع وحرارة جيدين».

استمرار الحياة
وأوضحت الممثلة رنا جمول أن «المسرحية تتكلم عن واقع نعيشه في ظل الأزمة السورية وخصوصاً موضوع الهجرة ووجود ناس ضاق بهم البلد ولم يقدروا على التحمل أكثر فما كان عليهم إلا حزم حقائبهم والرحيل، ولكن هذا لا يلغي وجود فئات من الناس تحملت وتتحمل وترغب في البقاء».
وأضافت جمول: إن «الهجرة كحالة موجودة وبقوة في المجتمع السوري ولا نستطيع أن ننكر وجود ناس لها مبرراتها في اتخاذ قرار الهجرة، ولكن من المفترض ألا يتخلى الإنسان عن كل شيء ويسافر هذه الفكرة التي أردنا إيصالها»، مفيدةً أن الدور الذي جسدته يتحدث عن «الناس التي استفادت جداً من البلد ولكن عندما شعرت أن مطالبها لم تتحقق إن كان منصباً معيناً أو غير ذلك هنا قررت الهجرة وترك البلد، وباختصار شخصيتي في المسرحية أنانية جشعة تستفيد من كل شيء».
وأوضحت جمول أن: «للمسرح أهمية كبيرة رغم الظروف التي نمر بها، هناك حركة لا بأس بها وهذا الجزء الثقافي مهم جداً في قلب الظرف الصعب من أزمات في الطرقات والكهرباء وغيرها، هناك من يعمل مسرحاً أعتبر هذا إنجازاً وهذا ما يدعو للتفاؤل أن الناس مستمرة بالحياة».

كل مسرحية مهمة
وبدوره صرح الممثل غسان الدبس الذي قام بدور حسان أن: «كل مسرحية لها أهميتها والعمل المسرحي يأخذ أهميته من أهمية الفترة التي نعيشها والأزمة التي نعيش فيها، والمرحلة التي نمر بها، وجاءت مسرحية زيتون بمخاض الأزمة إذا صح التعبير ونحن مأزومون بأزمة أثرت في علاقاتنا، في أطفالنا، في كل القطاعات»، مضيفاً: إن «مسرحية زيتون تتناول حياتنا، أزمتنا، تفرعات الإنسان كإنسان بكل مقوماته الشرير الذي ذهب بالأزمة باتجاه أزمة كشخصية حسان التي أجسدها والذي يشكل أزمة بحد ذاته، فهو خرج من الأزمة وأصبح أزمة بالنسبة لغيره وهو شخصية انتهازية، وهو إنسان «سكير» يشرب بشراهة ليخرج من الأزمة ولكنه رسَّخ الشيء السلبي بعكس الآخرين».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن