ثقافة وفن

بعيداً عن البيئات السلبية… كيف تعزز ثقتك بنفسك؟

| هبة الله الغلاييني

ينمو الشخص كلما فكر وتأمل وحلم. إن أفكارك وتأملاتك- وحتى أفكارك العشوائية- يمكن أن تبني ثقتك في نفسك، لكن يجب أن تكون مدركاً كي تحصل على الفائدة الكاملة من ورائها.
من الممكن أن يكون صعباً على الأشخاص الذين تراودهم الشكوك حيال قدراتهم أو الذين يمرون بظروف عصيبة تصديق أن بإمكانهم الشعور بالثقة، فإذا كان يراودك هذا الشعور، أوصيك بأن تخصص بعض الوقت للتأمل ليساعدك على أن ترى أن في جزء ما بداخلك تكمن فكرة أو فكرتان تشعان بالثقة، وهذا كل ما تحتاج للارتقاء إلى المستوى التالي. وللوصول إلى هذه النقطة، من المفيد تذكر وقت كنت تنعم فيه بإحساس رائع تجاه نفسك وحياتك، فهذه ذكريات تشع بالثقة، وكلنا نعلم أننا قد قمنا بعمل ما في الماضي، فيمكننا القيام به مرة أخرى.

إن التفكير في نجاحات الماضي، والسماح لنفسك بالشعور بالمشاعر المرتبطة بها سوف يساعدك على تكوين قدرة أكبر على الاستفادة من ثقتك بنفسك، لأنك لا تتمنى أو تتأمل فحسب، بل ترى أنك كنت بالفعل شخصاً واثقاً من نفسه للغاية، ويمكن أن تكون أكثر ثقة بنفسك ثانية.
الثقة لا تعني السيطرة على العالم، ولكنها تعني الاستمتاع بالعالم قدر الإمكان إنها لا تتطلب الكثير، وأنت تملكها بالفعل داخل قلبك وروحك فامنح نفسك بعض الوقت وابحث عنها، وأنا أعتقد أن ما ستجده سيجعلك أكثر سعادة بنفسك.
وهناك بعض النقاط التي يمكن أن تساعدك لتعزيز ثقتك بنفسك:
السلبية تقتل الثقة

إن البيئات السلبية التي يتسم فيها الأشخاص بالفظاظة أو حتى الإساءة إلى بعضهم بعضاً، تعد بيئات مسممة. هذا الحديث لا ينطبق على الأيام أو اللحظات الصعبة التي تطرأ بين الحين والآخر بل على العيش أو العمل في بيئة تحط من قدرك وتنقص من شأنك فعندما يخبرك شخص باستمرار بأنك لست ماهراً بما فيه الكفاية، فسوف تبدأ في تصديقه في النهاية إذا مكثت في هذه البيئة لبعض الوقت.

اصبر على نفسك
إذا كانت لديك ثقة فسيكون لديك صبر، فالثقة هي كل شيء، وإذا لم تحقق أهدافك من المحاولة الأولى فلا تعتبر هذا فشلاً، بل تذكر أنك تعلمت شيئاً وأنك ستقوم بالأمر على نحو أفضل في المرة القادمة. فالثقة بالنفس لا تأتي من الجلوس في تراخ وانتظار حدوث أمر ما. إنها أشبه بالرماية، فكل ما عليك هو أن ترمي بكل ما لديك من قوة وتنتظر في صبر أن تصيب إحدى رمياتك. وبعد ذلك عليك أن تأخذ وقتك في تحسين مشروعاتك، ويعد هذا الجزء الأصعب في هذه العملية بالنسبة لكثيرين. فالمخترعون العظماء يمكن أن يصبحوا غير صبورين تماماً عندما يتعلق الأمر بتطبيق أفكارهم على أرض الواقع.

كن مستعداً
لا يمكن أن تشعر بالثقة إلا إذا عرفت ما تحتاج إلى معرفته، عليك بالتعلم من الآخرين، أو تعليم نفسك، وابحث ولا تتوقف عن القراءة. إن الاستعداد سواء لعرض تقديمي أو لموعد سوف يساعدك على الشعور بالأمان، ويسمح لك بأن تظهر أفضل ما عندك كما أن الاستعداد العاطفي مهم بالضبط مثل الاستعداد الذهني والبدني وقد وجدت أن أفضل طريقة هي (التصوّر)، أي أن تتخيل (وترى بعيون ذهنك) ما أنت بصدد القيام به، فإذا كنت بصدد اجتياز اختبار، فتخيل نفسك وقد اجتزته، وإذا كنت بصدد إلقاء كلمة، فتخيل الجمهور يهزون رؤوسهم ويصفقون، إن الاستعداد المعقول مثل إعداد قائمة ذهنية أو مكتوبة قبل البدء في مشروع قديم أو جديد، سوف يجعلك تشعر بمزيد من الثقة تجاه ما أنت بصدد القيام به، بالإضافة إلى ذلك سوف يساعدك على التفكير في الأمور التي ربما سهوت عنها.

تقبل مخاوفك
يخبرنا المنطق أن التغلب على أمر يخيفك يجعلك أقوى وأكثر اعتماداً على نفسك. ومن خلال تقبّل مخاوفك، فإنك تصنع أسلوباً أكثر فعالية وعملية في التعامل معها. ليس عليك تسلق قمة أفرست أو أن تقفز من طائرة في حالة مثالية للتحرر من مخاوفك، ففي بعض الأحيان يمكن للتعامل الجيد مع توتر وقلق الحياة اليومية أن يزيد من ثقتك بنفسك.
بالنسبة لمعظمنا، هناك فوائد ملموسة لمخاوفنا. حقاً، إن مخاوفنا تحافظ على سلامتنا الجسدية بحيث تجعلنا لا ننزلق على منحدر خطير أو نحاول استئناس نمر، بيد أن مخاوفنا تفعل أموراً أكثر من مجرد حمايتنا، إن المخاوف يمكن أن تجعلنا نغوص في أعماق أنفسنا وتساعدنا على أن نرى بالضبط المواضيع التي تحتاج إلى تعديلات كي نحصل على القوة التي تمكننا من إنجاز المهمة المطلوبة.
إنني لا أعرف أحداً تغلب على مخاوفه أو تقبلها ولم يصبح أكثر سعادة ونجاحاً وثقة بسبب ذلك، مهما كان ما يخيفك، يجب أن تتعامل معه، مقتنعاً بأن التعامل المباشر والحازم مع المشكلة سوف يجتث الأفكار السلبية الراسخة من ذهنك.

حافظ على صحتك
إن الحفاظ على صحتك من خلال ممارسة التمارين الرياضية، والحصول على قدر كاف من الراحة، والاعتدال في نظامك الغذائي، يجعل مستوى طاقتك مرتفعاً، فمن الصعب أن تشعر بشعور رائع تجاه نفسك وأنت في حالة من الإعياء.
يمكنك زيادة طاقتك من خلال الاعتناء بنفسك جيداً، وإذا لم تكن تعرف ما الذي ينبغي عليك فعله، فيمكنك البدء بالأساسيات. على سبيل المثال، عليك بالمشي، والكف عن تناول الآيس كريم، والنوم في وقت مناسب. وهناك المزيد من المعلومات حول الاعتناء بالنفس على شبكة الإنترنت، وهناك كتب كثيرة عن هذا الموضوع، لكن التحلي بالحس السليم هو أهم ما في الأمر.

التسويف
دع كل الأعذار جانباً وتذكر أمراً واحداً. أنت قادر على تحقيق ما تريد. والتوقيت المحدد هو كل شيء. ابدأ بتحديد إطار زمني للمدة التي تستغرقها لإنجاز بعض الأمور التي تؤجل إنجازها. على سبيل المثال: أنا أكره غسيل الأطباق، وقد اعتدت تركها تتراكم في الحوض. وذات يوم كنت في عجلة من أمري، عندما نظرت إلى الساعة قبل أن أمد يدي في الماء والصابون. وبعد أن انتهيت من غسيل الأطباق، نظرت في الساعة مرة أخرى، فوجدت أن ست دقائق فقط قد مرت.. الآن أعلم أن هذه العملية تستغرق وقتاً أقل من كل الأمور التي أفعلها لتجنب القيام بها. في أغلب الأوقات لا نجد الوقت للقيام بما يلزم إنجازه لأننا متعبون. ومن أفضل الطرق للتغلب على هذا الأمر مكافأة نفسك بالحصول على غفوة أو فترة راحة بمجرد انتهائك من القيام بما يجب عليك إنجازه. إن التغلب على التسويف أمر جيد، لكن يجب ألا تلوم نفسك لذلك خذ خطوات تدريجية للتقدم بحياتك وعندما تفعل تعلم ذلك، سوف تحب إنتاجيتك وحياتك أكثر وتزداد ثقتك بنفسك.

قوة التفكير الإيجابي
يصبح الأشخاص مميزين حقاً عندما يبدؤون في اعتقاد أن بإمكانهم إنجاز الأمور، وعندما يثقون بأنفسهم، يملكون أول أسرار النجاح، من وقت لآخر نفكر ونقول أموراً سلبية عن أنفسنا: وهذا أمر طبيعي نسبياً لكن لسوء الحظ، فإن التفكير على هذا النحو يصبح عادة منتظمة يمكن أن تمنعك من الاستمتاع بالحياة، والوصول إلى أهدافك أو العثور على الحب. ومن طرق التخلص من هذه العادة أن تكون واعياً بوجود هذه الأفكار السلبية عندما تراودك. إن هذا النوع من اليقظة الذهنية يمكن أن يحول التجربة إلى تجربة إيجابية. إن إدراكك لما يدور داخل نفسك، وما يدور حولك في الحياة سوف يساعدك على تقليل التوتر. إن تقدير موقعك الحالي وما لديك من إمكانيات يساعدك في حماية نفسك. فأنت تحتاج إلى أن تؤكد لنفسك أنك لن تسمح للمشاعر أو المواقف المؤلمة بأن تسيطر على حياتك أو تخدعك، لذلك استخدم قوة التفكير الإيجابي لمنع اللحظات السيئة من أن تصبح أسلوب حياة وهناك سبب آخر يدعوك للتفكير بشكل أكثر إيجابية والتوقف عن التفكير، وهذا السبب يتمثل في أن الأفكار السلبية تسلبك الطاقة، بينما الأفكار الإيجابية تعطيك المزيد من الطاقة، قم فقط بحساب الأمر ولسوف يتضح لك أنه يستحق الجهد. إن التفكير السلبي ليس عادة سيئة فحسب، بل يمكن أن يضرك أنت وأحباءك، ولاسيما إذا بدأتم في تصديقه، لذلك، دعك من هذا التفكير السلبي وتحول إلى التفكير في الأمور الجيدة التي تفعلها والتي تملكها، وهكذا سيصبح العالم أفضل بالنسبة لك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن