ثقافة وفن

دور التاريخ

| د. اسكندر لوقا

دور التاريخ في حياة البشرية لا يقدر بثمن. وليس شيء أسرع تصحيحاً لسلوك الناس كما يقول ويل ديورانت في كتابه «قصة الحضارة» من معرفة الماضي لأنه ينضج عقولنا ويهيئنا للنظر إلى الأشياء نظرة صحيحة مهما تكن الأزمات أو سير الحوادث.
وفي الأزمات كما نعتقد يزداد الاهتمام بدراسة دور التاريخ في سياق الأحداث الجارية تحديداً، لأن فيه ما يلبي طلب الإنسان العادي، فضلاً عن طلب المثقف أو المتعلم، سواء من حيث قدرته على الربط بين الماضي والحاضر أم من حيث قدرته على قراءة ما وراء الحدث في الزمن الراهن وتبعاته على المستقبل القريب والبعيد معاً.
التاريخ، بهذا المعنى، معلم بكل ما تعنيه هذه العبارة، ومن خلال تصفح أوراقه قد يتجنب المرء العديد من المطبات التي قد تواجهه في يومه لأنه مملوء بالأحداث وتبعاتها على الأرض. وهذا ما يجعل الإنسان ممسكاً بأداة القبول أو الرفض، بأداة تجاوز تبعات الحدث لديه أو الرضوخ له.
وفي تاريخ سورية، قديماً وحديثاً، ما يكفي لإرواء ظمأ الباحث عن سر صمودها في الوقت الحالي على سبيل المثال. فمنذ أن داست أقدام المحتلين والمستعمرين أرضها، في القرون السحيقة وصولاً إلى زمن الاستعمار العثماني والفرنسي، كان الإنسان العربي السوري مثلاً في كتابة التاريخ بدمه وبعرق جبينه لا في قراءة أوراقه فحسب. ومن هنا سر صمودها الخارق في مواجهة جحافل الغزاة الذين وفدوا إليها من أكثر من مئة دولة، حملة السيوف والبنادق وكل أنواع الأسلحة التي حرمتها القوانين الدولية والشرائع الإنسانية في آن، وكانت انتصارات جيشها عنواناً لكتاب جديد في تاريخ البشرية لا في تاريخ سورية فقط.
يقول مؤسس الأسرة الحادية والعشرين في مصر سمنديس ( – 1051 ق.م): «ألا ما أقل أيام الحياة وما أكثر ما فيها من شرور» قال ذلك وكأنه كان ينظر إلى أيامنا هذه، حيث العالم، معظم العالم في الغرب الاستعماري، مسكون بالشر. ودائماً يبقى التاريخ شاهداً على حاملي بذور الشر في نفوسهم. وقراءة التاريخ تكشف عنهم عاجلاً أم آجلاً لما له من دور في هذا السياق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن