سورية

أحرار الشام في أسوأ وضع منذ تشكيلها

| عبد الله علي

بعد سلسلة من الهزّات العميقة التي تعرضت لها، دخلت «حركة أحرار الشام الإسلامية» على ما يبدو في غياهب نفق مظلم من غير المؤكد إن كان بمقدورها الخروج منه.
وجاء تشكيل «هيئة تحرير الشام» في مطلع شباط، باندماج عدد من الفصائل على رأسها «جبهة النصرة» و«حركة الزنكي» ليزيد من حالة التدهور في «أحرار الشام» بسبب الاستقطاب الحادّ الذي نتج عنه، وأدّى إلى نزيف مستمر لكوادر الحركة لمصلحة «الهيئة».
خسارة عشرات الكتائب والألوية، وآلاف المقاتلين، وكبار القادة العسكريين والأمراء الشرعيين، إضافة إلى أهم كوادر التصنيع الحربي وخبراء المتفجرات، وضع الحركة أمام أخطر تحدّ تمر به منذ تشكيلها، وقد لا تخرج منه إلا بعد أن تكون تغيرت بالكامل شكلاً ومضموناً.
وما زاد من خطورة الوضع بالنسبة للحركة أن «الهيئة» بدأت مؤخراً اتباع سياسة الاستفزاز حيالها حيث وجدت نفسها مضطرة للدخول في مواجهات عسكرية مع حليف الأمس، رغم إدراكها أن هذه المواجهات قد لا تكون سوى فخ منصوب لها تمهيداً للإجهاز عليها أو إخضاعها بعد أن فقدت الجزء الأكبر من فاعليتها العسكرية. وقد علمت «الوطن» من مصادر خاصة أن استفزازات «الهيئة» مؤخراً حيال «أحرار الشام» وأهمها ما جرى في معمل العلبي ومحطة الكهرباء المجاورة له بريف حلب الغربي، ومعمل الغزل في سراقب بريف إدلب، ما هي إلا من قبيل الضغوط على الحركة كي تحسم قراراها بخصوص العرض المقدم من «الهيئة».
وحسب المصادر فإن «الهيئة» التي تهيمن عليها «جبهة النصرة» عرضت منذ أيام على أبي عمار العمر قائد «أحرار الشام» عرضاً أخيراً يقضي بقبول الاندماج في «الهيئة» على أن يستلم أبو عمار العمر قيادتها العامة وذلك كمحاولة أخيرة لإنهاء حالة الاستقطاب في الساحة وتشكيل «كيان» يمثل الجميع سياسياً وعسكرياً. وفي حال الرفض فإن استفزازات «الهيئة» تشير بوضوح إلى طبيعة المصير الذي ينتظر «أحرار الشام».
وفي إشارة عميقة إلى مدى التدهور الحاصل داخل بنية «الحركة» وأطرها القيادية، علمت «الوطن» أن خلافاً كبيراً اندلع بين أعضاء «مجلس الشورى» حول عرض «الهيئة» فقسم يؤيده ويشجع عليه وقسم آخر يرفضه رفضاً مطلقاً. لكن اللافت هو أن قائد الحركة أبو عمار العمر يميل إلى قبول العرض لكنه يدرك صعوبة تمريره في مجلس الشورى زخصوصاً بعد دخول أعضاء جدد إلى المجلس أبرزهم اثنان من أشد المناهضين للاندماج مع «الهيئة» وهما أبو عيسى الشيخ قائد «صقور الشام» وأبو أنس الكناكري الشرعي السابق في «جيش الإسلام».
وبدأ مجلس الشورى لأحرار الشام، منذ أمس عقد سلسلة من الاجتماعات بهدف دراسة مجمل هذه الأوضاع وكيفية الخروج منها. وقد وصف أحد النشطاء القرارات التي ستصدر عن هذه الاجتماعات بأنها «مصيرية» وسيكون لها تأثير في مستقبل الحركة برمته إما سلباً وإما إيجاباً.
ومن المتوقع أن يؤدي الانقسام الحاصل في مجلس الشورى إلى تناقض المقترحات المقدمة لدراستها خلال الاجتماعات المزمعة، وهو ما سيجعل من مجرد الاتفاق على جدول أعمال هذه الاجتماعات أمراً شبه متعذر.
وفي هذا السياق، علمت «الوطن» أن ما يسمى «التيار السياسي» (المميع) بقيادة الأخوين لبيب وكنان النحاس، يحاول جاهداً منع وضع عرض «الهيئة» على جدول الأعمال بسبب خشيته من موقف قائد الحركة أبو عمار العمر الذي تسربت بعض الأنباء أنه قد يتخذ قراراً منفرداً بالانشقاق عن الحركة والانضمام إلى «الهيئة» وخصوصاً أنه سبق له التوقيع على اتفاق اندماج مع «النصرة» من دون الرجوع إلى قيادة الحركة، وهو الاتفاق الذي لعب الأخوان نحاس دوراً كبيراً في إفشاله لاحقاً.
لكن الاقتراح المقابل قد لا يكون أقل إشكالية من سابقه، إذ سيحاول «التيار السياسي» فرض اتخاذ قرار في اجتماعات مجلس الشورى يقضي بتبنّي علم الانتداب الفرنسي (علم الثورة) كعلم رسمي للحركة، وذلك وسط معارضة قوية من بعض أعضاء المجلس. ويعني تبني العلم أن «أحرار الشام» تخلت عن واحدة من أهم ثوابتها التي طالما كانت تفخر بها لأنها كانت ترفض على الدوام رفع هذا العلم لأسباب دينية مختلفة.
وهكذا يبدو أن «أحرار الشام» في حين تمر بأصعب لحظاتها وأشدها ضعفاً بسبب نزيف الكوادر الذي تعرضت له خلال الشهرين المنصرمين، تجد نفسها مضطرة لحسم موقفها في مواجهة الخيارات الصعبة التي تتعرض لها. فهل تنجح ضغوط «الهيئة» في تدجينها ووضعها تحت كنفها، أم إن «التيار السياسي» سيفرض كلمته؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن