قضايا وآراء

المشاريع القديمة لمناطق «آمنة» مجرد كلام

| تحسين الحلبي

يبدو أن أعداء سورية لن يتوقفوا عن ابتكار أي شكل من أشكال الحرب والإرهاب ضد سورية واستخدامه خصوصاً في هذه المرحلة التي يشهد فيها الشعب السوري انتصارات الجيش وتحرير مناطق واسعة في أرجاء سورية من المجموعات المسلحة الإرهابية.
فما يسمى بفرض مناطق آمنة قرب المناطق الحدودية لسورية في الشمال والجنوب يعد شكلاً من أشكال هذه الحرب الإرهابية لفرض سيطرة المسلحين على هذه المناطق، ففي شمال سورية يكرر المسؤولون الأتراك القول: إن المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي لا يمكن تسليمها للجيش أو الحكومة السورية بل للمجموعات المسلحة التي يدعمونها وتخضع لأوامرهم، وفي الجنوب عند حدود المملكة الأردنية والجولان المحتل كان الإسرائيليون قد طالبوا منذ أكثر من ثلاث سنوات بفرض (منطقة آمنة) بعد أن أعلنوا عن تقديم الدعم العسكري والمساعدة لأي مجموعات مسلحة من داعش والنصرة وغيرهما ضد الجيش السوري ومواقعه قرب حدود القرى المتاخمة لمنطقة فصل القوات.
ففي 20 آذار العام الماضي ذكرت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية أن (موتي كهانا) مؤسس إحدى المنظمات الإسرائيلية المختصة بمتابعة الوضع عند حدود الجولان المحتل في شباط من العام نفسه، وكمال اللبواني الذي يطلق على نفسه زعيماً للمعارضة اجتمعا في تل أبيب واتفقا على قيام إسرائيل بتحديد منطقة آمنة تمتد على طول 10 كم إلى الشرق من الحدود الإسرائيلية و20 كم إلى الجنوب من مدينة القنيطرة وتكون مفتوحة أمام الحركة الإسرائيلية باسم تقديم المساعدات والغذاء لكل من تحضره المجموعات الإرهابية إليها، وقال (لبواني) في مقابلة لصحيفة (هآرتس) إن هذه المنطقة سوف تستوعب 200 ألف من السكان من أجل تحويلها إلى منطقة تجذب لاجئين من الأردن أو من داخل سورية برعاية وحماية إسرائيلية.
وفي صحيفة هآرتس نفسها 20/3/2016 يقول العميد يوسي كوبرفاسير المسؤول عن قسم الأبحاث في المخابرات العسكرية الإسرائيلية سابقاً إن إسرائيل لن تسمح بالوجود داخل مثل هذه المنطقة إلا للمجموعات المسلحة التي ترغب فيها والتي يمكن أن تعتمد عليها في المستقبل لكنه رغم ذلك أشار في ذلك العام إلى الصعوبة التي ستواجهها إسرائيل من الموقف السوري والروسي الرافض لوجود منطقة كهذه داخل الأراضي السورية، وكان (معهد واشنطن للسياسة في الشرق الأدنى) قد تطرق في آذار 2016 إلى الرغبة الإسرائيلية بإيجاد منطقة كهذه من أجل مصلحة إسرائيل الأمنية والسياسية واستشهد (المعهد الأميركي) بخطة اقترحها مستشار الأمن القومي السابق يعقوب عميدرور لنقل عدد من اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم المملكة الأردنية إلى هذه المنطقة عند حدود الجولان بحجة تخفيف أعباء المملكة وتخفيض عددهم فيها ورغم كل هذه النيات والخطط العدوانية التي تستهدف جنوب سورية يعترف (معهد واشنطن) بأن الجميع من الإدارة الأميركية إلى إسرائيل والمعارضة السورية يصطدم مشروعهم هذا بعدم القدرة على تأمين موافقة الأمم المتحدة بسبب رفض سورية ووجود الفيتو الروسي والصيني ضد هذا المشروع.
وبالمقابل أشار مركز الأبحاث الأميركي (ذي أميركا انترست) «المصلحة الأميركية» إلى فشل مثل هذا المشروع الذي كانت (هيلاري كلينتون) تطالب بفرضه هي والحزب الديمقراطي ثم وجدت وزارة الدفاع الأميركية أنه غير قابل للتنفيذ لأنه سيتطلب من إدارة أوباما في ذلك الوقت مشاركة 30 ألفاً من الجنود الأميركيين لحماية هذه المنطقة في شمال سورية، فما بالك في جنوبها حيث لا توجد سوى إسرائيل؟
ومع ذلك يرى أنصار الرئيس ترامب أن تصريحاته حول منطقة آمنة لاستيعاب اللاجئين داخل الأراضي السورية تختلف في مضمونها عن مشروع أوباما وكلينتون لأن (ترامب) لا يقصد أن تشكل قواعد للمجموعات المسلحة بل يريد من خلال دعوته تخفيض عدد اللاجئين السوريين من مخيمات تركيا والأردن واستيعابهم فيها، ومهما كانت الذرائع التي يتحدث عنها ترامب فإن القرار السوري بحماية سيادة الدولة ومنع وجود أي منطقة خارج سلطتها الشرعية هو الذي يشكل القول الفصل والموقف الحاسم في إحباط أي مشروع كهذا في الشمال أو الجنوب السوري، وهذا ما تدركه الأمم المتحدة والدول المجاورة لسوري.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن