اقتصاد

ما لم يقل في ملف القروض المتعثرة

| المحرر الاقتصادي

يبدو أن الحكومة بدأت تتحرك بشكل جدي في ملف القروض المتعثرة ومنح القروض المخالف للقوانين والأنظمة لدى المصارف العاملة في البلد، إذ إن تفاصيل التلاعب والاحتيال على أموال المودعين واضحة لدى الجهات المكلفة متابعة الملف، وهذا ما بدأ يخرج إلى الإعلام تدريجياً، مع تلميحات إلى بعض الأسماء الكبيرة في عالم الأعمال ممن مارسوا النصب على المصارف بتسهيل من بعض إداراتها.
إلا أن ما لم يقل في الملف هو أن معظم تفاصيل عمليات التحايل على المصارف ليست جديدة، بمعنى أن الحكومات السابقة كانت على اطلاع بما يجري في الأروقة الائتمانية السورية، وما تصل إليه اللجان الست المكلفة حالياً متابعة ملف القروض المتعثرة، هو معروف لدى الجهات الرقابية منذ عدة أعوام، تعود لما قبل الحرب، وبالمعنى الدقيق للعبارة، ما تقوم به الحكومة اليوم هو إعلان للجدية في فتح الملف وكشف أوراقه، التي تعتبر قديمة، من منظور رقابي.
بل والأكثر من ذلك أن بعض عمليات التلاعب والاختلاس المتداولة حالياً كانت منظورة في تقارير رقابية تعود لعام 2009، وبعضها منشور في الإعلام، إلا أن الحكومات وقتها لم تحرك ساكناً، ما يلمح بأن بعض ملفات التعثر والمنح غير القانونية كانت تطوى، بشكل أو بآخر، ما سهّل على المتورطين ممارسة أعمالهم والدخول والخروج، من البلد، بسهولة ودون مساءلة.
أما الجديد الذي قد ينتظر أن تعلنه نتائج العمل بالملف فيبدو أنه مرتبط ببعض الأمور القانونية، من جهة التلاعب ببعض القضايا المتعلقة بالملاحقة القضائية، وإجراءات منع السفر، مثلاً كوجود عمليات تعديل بسيطة في بيانات بعض المتورطين، من حيث الإقامة والمعلومات الشخصية، ما يتيح لهم التحرك بسهولة ويسر، ما يمكن أن يرد إلى الخطأ البشري في تسجيل المعلومات وتدوينها في بعض الإجراءات القضائية.. أما غير ذلك فالأمور واضحة وجلية ومعروفة منذ سنوات، حتى إن بعض الأسماء المتورطة أصبحة معروفة ومتداولة منذ سنوات، ومنهم مشاهير.
السؤال البارز اليوم: من سيحمل عبء الفساد والتلاعب في المصارف وعلاقاتها مع عالم الأعمال؟ هل مديرو المصارف، وبعضهم يبدو أصبح خارج القطر، وبعضهم تسلّم مناصب أخرى في الدولة؟ أم سيتحملها بعض الموظفين ومديري الأفرع أو رؤساء الأقسام ككبش فداء، وبعضهم منفذ لأوامر الإدارات العامة؟ وهل هناك جهات أخرى كانت تضغط على بعض المديرين العامين للموافقة على منح قروض مخالفة للتعلميات سوف تحمل عبء تدخلها في السياسة التسليفية؟
سؤال آخر: إذا نجحت الحكومة في تحصيل كامل المبالغ المتعثرة التي تقدر بأكثر من 260 مليار ليرة، من سيعوض الخسارة الناجمة جراء انخفاض قيمة العملة خلال فترة التعثر؟ إذ إن تحصيل كامل المبلغ لا يغطي 10% فقط من قيمة المبالغ لو تم تحويلها إلى دولار، فالمبلغ المعلن عنه مؤخراً (260 مليار ليرة) كان يعادل 5.2 مليارات دولار أميركي قبل الحرب (نحو 50 ليرة للدولار وهو رقم تستخدمه اللجان المعنية بالملف في حساباتها) في حين اليوم نحو 520 ليرة للدولار رسمياً، أي إن مبلغ 5.2 مليارات دولار أصبح يعادل اليوم نحو 2700 مليار ليرة، بمعنى أن المصارف خاسرة بالملف مهما حصلت من مبالغ؟

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن