الأخبار البارزةشؤون محلية

رئيس الاتحاد العام للفلاحين لـ«الوطن»: سنقف إلى جانب الفلاح في وجه الحكومة

| حاوره محمود الصالح

أكثر من مليون فلاح منهم 100 ألف فلاحة ينضوون تحت خيمة المنظمة الفلاحية في البلاد ويعملون على استثمار ملايين الهكتارات من الأراضي الزراعة ليقدموا الغذاء والكساء والمواد الأولية لصناعتنا. بعد مرور ست سنوات على هذه الأزمة التي تعصف في البلاد، أين هؤلاء الشريحة الكبرى التي تشكل النسبة الأكبر في المجتمع السوري، أسئلة عديدة تطرح حول الدور الذي قامت به هذه الشريحة الاجتماعية خلال الأزمة، وكذلك عن معاناتها بسبب خروج جزء كبير من الريف السوري من السيطرة الرسمية.
مجموعة من الأسئلة توجهنا بها إلى رئيس الاتحاد العام للفلاحين في البلاد أحمد صالح الإبراهيم الذي تولى لتوه هذه المهمة.

فلاحونا وطنيون
أين المنظمة الفلاحية في هذه الأزمة؟
أنت تعلم أن المحافظات الشرقية والوسطى والجنوبية وخصوصاً الريف كان تحت سيطرة العصابات الإرهابية المسلحة وأغلب كوادرنا من الريف ودورها أصبح ضعيفاً في هذه الأزمة بسبب الأحداث التي تعرضت لها البلاد. قام الإرهابيون بالضغط على الفلاحين بشكل كبير. ولم يغادر الفلاح مصدر رزقه وأرضه ولو أجرينا أي مقارنة بين الفلاحين الواقعين تحت سيطرة المجموعات المسلحة وبين الفلاحين في المناطق الآمنة لوجدنا أنه ليس هناك فارق وقد يكون الفلاحون الذين يرزحون تحت نير هذه العصابات هم أكثر وطنية من باقي الفلاحين لأنهم عانوا ما عانوه من ظلم حيث كانت هذه العصابات تأخذ إتاوات من هؤلاء الفلاحين من دون أن تقدم لهم أي شيء، أما الدولة فتوفر مياه الري للفلاح بقيمة 2500 ليرة للهكتار سنوياً. يفرضون إتاوات على المحاصيل وعلى الزيتون وعلى كل موارد الفلاحين، وكانت هذه الإتاوات ظالمة. كما أن الفلاح في هذه المناطق عاش حياة مختلفة عما كانت عليه قبل الأزمة حيث كان الفلاح يسوّق إنتاجه إلى مراكز الدولة والمصارف تقدم كل مستلزمات الإنتاج للفلاحين. الآن لا يحصلون على شيء في مناطق المجموعات الإرهابية.
نحن علينا كمنظمة فلاحية أن نبحث في إعادة تأهيل الفلاح لأن العنصر البشري هو الأهم.
بعد مرور 6 سنوات من عمر الأزمة هناك أبناء الفلاحين لم يتلقوا التعليم خلال هذه الفترة. هؤلاء الأطفال تلقوا بشكل إجباري خارج عن إرادتهم أفكاراً ليست من أفكارنا وتسممت عقولهم.
لذلك يجب علينا أن نعيد تأهيل الفلاح وأبناء الفلاحين ونقيم دورات اختصاصية ونفسية من أجل إعادة الفلاح وعائلته إلى حضن الوطن. لأنهم الشريحة الأكبر في المجتمع. ونحن لدينا مكتب اسمه مكتب التأهيل والتدريب إذا لم يقم بهذه الأعمال فماذا سيفعل إذاً؟ يجب علينا إعادة تأهيل الفلاحين وتقديم كل عون لهم بعد معاناتهم من الإرهاب.

لسنا ظلاً للحكومة
هناك فجوة بين جناحي الزراعة الوزارة والمنظمة الفلاحية ما أسباب هذه الفجوة وكيف يمكن تجاوزها؟
أنت طلبت مني أن تكون الأجوبة شفافة وواضحة، لذلك سأتحدث بمنتهى الشفافية: المنظمات في كل العالم دورها أن تكون وسائل ضاغطة على الحكومات من أجل تحقيق مصالح الأفراد المنتسبين إليها هذه هي مهمتنا لكن هذه المهمات تكون في زمن السلم وليس في الحرب.
في أيام السلم هذه المهمة وإذا لم نكن كذلك لا داعي لوجودنا تكفي وزارة الزراعة لحل مشاكل الفلاحين، لكن الآن ونحن في حالة الحرب هل من المفترض أن نبقى على النهج نفسه أو علينا أن نغير نهجنا؟ نحن مع تحقيق مصلحة الفلاح إلى أقصى درجة ونطالب بمصالح الفلاحين ولن نضيع أي وقت في سبيل الدفاع عن الفلاح لكن الآن هناك مصلحة عليا هي مصلحة الوطن، نحن وضعنا بمجرد تولينا هذه المهمة أن تكون مصلحة الوطن هي في الأولوية ثم مصلحة الفلاح ثم مصلحة المنظمة الفلاحية. لكن عندما نحقق مصلحة الفلاح ألا تتحقق مصلحة الوطن؟
نحن نرى أن مصلحة الوطن تتحقق عندما تتحقق مصالح الفلاحين نحن نترجم مقولة السيد الرئيس بشار الأسد عندما قال: عندما يكون الفلاح بخير يكون الوطن بخير.
قد يكون هناك اختلاف في وجهات النظر في سياستنا مع الحكومة. نحن اتفقنا في المكتب التنفيذي للاتحاد العام للفلاحين أن نكون نحن والحكومة من أجل مصلحة الوطن، ومصلحة الفلاح ليس من الضرورة أن أجابه الشخص حتى آخذ حقي يمكن أن أتفاهم معه على حل. لذلك سياستنا مع الحكومة هي سياسة التكامل بيننا وبين الحكومة، ولكن عندما تتعارض سياسة الحكومة مع مصلحة الفلاح سنقف إلى جانب الفلاح في وجه الحكومة ولن نكون ظلاً للحكومة، نقف بوجهها لكن ليس بأسلوب صدامي.

عدنا إلى نقطة الصفر
ما الدور المنتظر للمنظمة في مرحلة إعادة الإعمار؟
نحن بلد زراعي ولن نكون بلداً صناعياً، على الرغم من وجود صناعة وتجارة ولكن الأساس هو الزراعة لأنها توفر المواد اللازمة للصناعة، والحقيقة أن سورية تمتلك مناخاً تتوافر فيه كل الشروط ابتداء من المناخ الساحلي والجبلي والمعتدل والصحراوي. ولدينا كل أنواع الزراعة، لذلك سورية غنية بكل أنواع الزراعة ونحن حققنا الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة قبل هذه الأزمة. لدينا العقول البشرية ولدينا زند الفلاح الذي سيتكامل في الزراعة.
نحن لدينا خطط طموحة في المرحلة القادمة ولدينا رؤى للتعامل مع هيئات المجتمع المدني وكذلك التعاون مع القطاع العام لأنه ضمانة أساسية للبلاد. وسنعمل على برنامج التشاركية بما يحقق مصلحة الفلاح والبلاد. وهناك إمكانية للعمل على تسويق المنتجات الزراعية. وستكون هناك مشاريع على الواقع قريباً جداً، وسنعمل على إعادة الحياة إلى شركة فيحاء الشام التي توقفت منذ فترة وهذه الشركة التي كانت تعمل في توضيب الخضر والفواكه والآن سنعمل على إعادة العمل فيها وفق صيغة جديدة يمكن أن نتشارك مع التجارة الداخلية في هذا الجانب. الحقيقة أن هناك فرقاً كبيراً بين أسعار المنتجات الزراعية في مرحلة الإنتاج والاستهلاك. والخاسر دائماً هما الفلاح والمستهلك والرابح الأساسي من يعمل في الحلقة الوسيطة بينهما. هناك للأسف تراجع كبير في الإنتاج الزراعي خلال الأزمة فقد كان إنتاجنا من القمح 3858 ألف طن والآن أصبح 1726 ألف طن ومن القطن 672 ألف طن واليوم 66 ألف طن وتراجع إنتاج الشوندر السكري من 1805 آلاف طن إلى 22 ألف طن والخضار من 9888 ألف طن إلى 7798 ألف طن.

عودة القروض
ما رؤية المنظمة لعودة الإنتاج في المناطق الآمنة؟
لن أغير طريقتي في الصراحة والشفافية، إذا أردنا أن نعود بالإنتاج يجب أن نوفر للفلاح مستلزمات الإنتاج حتى نطالبه بدوره الأساسي. اليوم الأسمدة غير متوافرة والمحروقات قليلة وكذلك البذار لذلك يجب أن نوفر كل هذه المستلزمات.
أعتقد أن الأسمدة ستتوافر بعد فترة من خلال الاستيراد وكذلك سيتم تأمين الأعلاف، وهناك قروض متعثرة وأنا مع تحصيل هذه الديون عندما يكون الفلاح قادراً على السداد. اليوم نحن ننسق لتحصيل الديون وإعادة الإقراض كل ذلك من خلال خطة مع المصرف الزراعي الذي وجد من أجل الفلاحين، سنعتمد على القروض القصيرة التي يمكن للفلاح أن يسددها ولا ترهق المصرف الزراعي.

دور جديد للمنظمة
ماذا تريد المنظمة الفلاحية من الحكومة؟
نريد من الحكومة أن يكون دورها أساسياً في دعم الزراعة وأن تعلم أن بلدنا بلد زراعي ويجب أن يلقى هذا القطاع كل الدعم. نحن مع دعم كل القطاعات. لكن لا يجوز أن يأخذ شخص مئات الملايين لإقامة معمل ولا يقوم به. هذا الإجراء غير صحيح لأن هذه الأموال لو قدمت للفلاحين لاستطعنا أن نوفر إنتاجاً زراعياً كبيراً.
لماذا حتى الآن نصدر إنتاجنا الزراعي من دون تصنيع أو توضيب. نحن سنقوم بالعمل على توضيب الإنتاج الزراعي وتسويقه داخلياً وخارجياً، حيث سنقوم بالشراء المباشر من الفلاح وبيعه للمستهلك لردم الهوة بين المنتج والمستهلك. نحن لدينا جمعيات تسويقية على مستوى القطر يجب أن يتم تفعيلها.

مليون فلاح
كم عدد أعضاء المنظمة في سورية؟
عدد الفلاحين (1041397) منهم (100129) فلاحة وعدد الجمعيات (5685) جمعية فلاحية متعددة الأغراض ومتخصصة. وعن أعداد الفلاحين الذين تم فصلهم من المنظمة خلال الأزمة هناك 23075 فلاحاً منهم 3185 فلاحة.

خافوا من المساءلة
ما أبرز ملاحظاتك على المرحلة السابقة؟
المنظمة لا تعمل بالعقل الفردي وإذا لم يكن العمل مؤسساتيا لن تنجح. نحن الآن انتهجنا كي يكون عملنا مؤسساتيا، اليوم كل عضو مكتب تنفيذي هو رئيس اتحاد في مجال مكتبه ووضعنا خطة لتحقيق هذا التوجه.
يجب أن نكون أهلاً لهذه المهمة، ولكل إنسان رؤية معينة وقد أكون على صواب أو على خطأ ولكن المهم أن نعمل بضمير ولمصلحة الوطن والفلاح، الزملاء في السابق كانت لهم رؤيتهم ولنا رؤيتنا صحيح نختلف في هذه الرؤية. هم آثروا ألا يدخلوا في أي مشروع خوفاً من المساءلة. نحن سنعمل وليسألنا من يشاء، هم ابتعدوا عن إقامة مشاريع وكان يجب أن يقوموا بها وابتعدوا عن ذلك خوفاً من الجهات المعنية.

قاوموا الإرهاب
لماذا عجزت القواعد الأساسية (الجمعيات والروابط الفلاحية) عن حماية مكتسباتها؟
الحقيقة أصبحت معروفة للقاصي والداني أن الإرهابيين جاؤوا لتدمير البنى التحتية في البلاد وأول ما فعلوه نهبوا ودمروا المكاتب الفلاحية، أخذوا المستودعات ومحطات الضخ.
هناك رئيس جمعية فلاحية في ريف حلب عمره 62 سنة وقف في وجههم ومنعهم من أخذ مستودع الجمعية، فقاموا بوضع المتفجرات تحت المستودع وخيروه بين تركه أو تفجيره.
كثير من الفلاحين استشهدوا من أجل حماية هذه الممتلكات وهناك فلاحون سجنوا لأشهر فقط لأنهم دافعوا عن الممتلكات العامة.

دور في عودة الاستقرار
كيف يمكن أن نعيد تأهيل هذه القواعد التنظيمية للمنظمة للفلاحين ونقضي على الفساد فيها؟
نحن الآن نعمل على إعادة السكان إلى قراهم ورئيس الجمعية هو عضو في اللجان التي تعمل على إعادة الأهالي، ونعمل على إعادة العمل في الجمعيات من خلال تشكيل مجالس إدارة وتفعيل العمل التعاوني في المناطق المحررة لتعود المنظمة الفلاحية إلى ممارسة دورها بشكل كامل، أنا لا أدعي عدم وجود فساد في المنظمة الفلاحية لكنه ليس كما يقال. نحن قمنا بإعفاء كل من قام بأفعال تنافي أهداف المنظمة الفلاحية وتم طرد العضو في حال الخروج عن الأهداف الوطنية.

إعادة المرأة لدورها
• ما إستراتيجية المنظمة الفلاحية في جميع المجالات؟
نحن نستعد للعمل في المرحلة القادمة بالاعتماد على أمور كثيرة وبشكل خاص في تفعيل دور المرأة الريفية التي سنعطيها ما تستحق من دور تنموي كبير ونحن نعلم أن المرأة تعمل أكثر من الرجل في ريفنا، نريد أن نوفر للمرأة مشاريع تنموية صغيرة ونشجع دور المرأة الريفية بالتعاون مع جميع الجهات المعنية ونحن بحاجة إلى توسيع علاقتنا مع الجميع لنستفيد من هذه العلاقات لتطوير الواقع الفلاحي، عندما نبني أسرة جيدة سيبنى الوطن، سيكون رئيس الجمعية الفلاحية ممثلاً لدى الجهات المعنية في الريف لتطوير هذا الريف وتوفير مستلزماته، وسنعمل على تحقيق علاقات أوسع خارج البلاد وخاصة مع الدول الصديقة وبدأنا بشكل فعلي في ذلك وهناك خطوات قادمة في هذا الجانب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن