قضايا وآراء

كيف العبور إلى جنيف عبر بوابة أستانة..!؟

| عبد السلام حجاب 

هل يمكن اعتماد المؤشرات التي تحمل إجابات عن السؤال بصورة مسبقة، أم إن البناء بالتحليل السياسي على تلك المؤشرات يمثل خطوة باتجاه المجهول، ما يعني هل باستطاعة الرئيس الأميركي ترامب مغادرة منطقة الاستثمار بالارهاب وتظهير وجه سياسي آخر لأميركا يختلف أداؤه الواقعي عن ازدواجية المعايير والعار السياسي والأخلاقي الذي خلفه تصنيع الإرهاب حسب اعترافات المرشحة كلينتون التي فشلت في الانتخابات الرئاسية لحساب فوز الرئيس ترامب؟
لقد اعتبر الرئيس الروسي بوتين أن اجتماعات أستانة الأولى والثانية وضعت أساساً للحوار السوري السوري في جنيف 4 وأعلن المبعوث الدولي إلى سورية دي ميستورا أن جولة جديدة لمحادثات جنيف بين السوريين ستنطلق يوم 23 آذار الجاري.
وأعربت مندوبة أميركا في مجلس الأمن نيكي هايلي عن تأييد المبعوث الأممي دي ميستورا والعمل الذي يقوم به، وقالت إننا نساند المحادثات التي تجري في جنيف ونريد لها أن تتواصل فهل زالت الجراح التي كانت مزقتها إدارة أوباما بذريعة خلافات بين الخارجية والبنتاغون أم إن وجهة نظر الرئيس ترامب في محاربة الإرهاب سيتم اعتمادها سياسياً من جانب إدارته بعد الاجتماع الذي جمع الوزير الروسي لافروف مع وزير خارجية أميركا ريكس تيلرسون المنشغل حالياً وفق مصدر أميركي في بحث كيفية التفاهم مع روسيا حول سبل الحل في سورية مؤكداً مشاركة أميركا في اجتماعات أستانة يومي 14 و15 آذار الجاري؟ وقالت الخارجية الكازاخية التي وجهت الدعوة لحضور الاجتماعات إن الوفد المشارك سيتم تحديده من الخارجية الأميركية.
والسؤال حول معنى مشاركة أميركا للمرة الثانية في اجتماع أستانة وما إذا كانت انعكاسات هذه المشاركة ستصب في إطار تنسيق الجهود الدولية في محاربة الإرهاب، حيث أكد لافروف أنه يجب تنشيط عمليات مكافحة الإرهاب وعلى الجميع المساهمة في محاربة تنظيمي داعش والنصرة الإرهابيين في سورية!؟
وإذا كان ليس مفيداً البناء على الاستنتاج المسبق حول ما يمكن أن تكون لتصريحات المندوبة الأميركية هايلي من أثر إيجابي على جولة محادثات جنيف القادم أو أنها ستترك أثراً سلبياً تعكسه مسألتان:
1- ما إذا كانت أميركا لا تملك فعلاً إرادة محاربة الإرهاب بلا مواصفة العمل على الاستثمار بالإرهاب.
2- وهل يمكن لهذه المشاركة إذا لم يتم توضيحها بمواقف مساندة في مواجهة الإرهاب والأطراف الداعمة والمؤيدة أن تبعث برسائل خاطئة إلى التنظيمات الإرهابية كداعش والنصرة والأطراف الراعية لها، تضيف تعقيدات جديدة على منهج دي ميستورا تعزز لديه مبررات الانحياز الواهية والمفتعلة التي تضعه بعيداً عن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254 الخاص بحق السوريين بتقرير المستقبل الذي يريدونه من دون تدخل خارجي أو شروط مسبقة أم إن المبعوث الأممي سيلتقط الفرصة السانحة حالياً ولا سيما أنها تستند إلى عدة عوامل بينها:
1- إضافة بند محاربة الإرهاب ليبحث بالتوازي بعد نجاح الجهود السورية في جنيف 4 إلى جانب البنود الأخرى في جدول اجتماع الجولة القادمة من اجتماع جنيف.
2- إقرار أستانة الماضي آلية وقف الأعمال القتالية في سورية، ما يمهد الطريق للمبعوث الدولي لإلزام الأطراف الراعية للإرهاب والمشاركة في جنيف القادم بتنفيذ مندرجات القرار الدولي 2253 الخاص بمحاربة الإرهاب وتجريم التعامل معه.
3- توافق روسي- أميركي يطبخ على نار هادئة ويلقى ترحيباً من الجانبين ما يوفر فرصة إيجابية بشأن مخرجات الاجتماعين في أستانة وفي جنيف على صعيد محاربة الإرهاب باعتباره العقبة الرئيسية أمام الحل السياسي للأزمة في سورية وخاصة أن مغازلة الإرهابيين ومحاولات استغلالهم لتحقيق أهداف معينة لم يؤد أبداً إلى شيء إيجابي.
ولعله من دون مبالغة بالسلب أو بالإيجاب فإن الأطراف الراعية للإرهاب أو تلك التي تقدم نفسها في اجتماع أستانة على أنها ضامنة للتنظيمات الإرهابية كتركيا ولكن سرعان ما تبحث بالسر عن سبل أخرى عسكرية وغير ذلك قد تدفع بالمنطقة إلى عدم الاستقرار متذرعة أحياناً بالغموض الأميركي وهو لم يعد غموضاً ولا بناء بأي حال، فنظراً للمخاطر التي يحملها والمصالح التي يحققها لحساب الإرهابيين، وقد أكد الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع قناة فينيكس الصينية أن أي قوات أجنبية تدخل سورية من دون دعوتنا أو إذننا أو التشاور معنا تعتبر قوات غازية سواء كانت أميركية أم تركية أو أي قوات أخرى.
وقال الرئيس الأسد: إنه «لم ير شيئاً ملموساً» بعد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب فيما يتعلق بتعهده بدحر تنظيم داعش الإرهابي، وأنه نظرياً لا يزال يرى مجالاً للتعاون مع ترامب لكن عملياً لم يحدث شيء بهذا الصدد. معتبراً أن الطرف الجدي الوحيد في محاربة الإرهاب هو روسيا التي تقوم فعلياً بمهاجمة داعش بالتعاون معنا.
وعلى الرغم من ذلك يمكن القول إن حل الأزمة في سورية ينبغي أن يكون عبر مسارين متوازيين يتمثل الأول في محاربة الإرهابيين وهو واجب تقوم به الدولة السورية بحكم دستور البلاد مستخدمة كل وسيلة ممكنة لدحر الإرهابيين الذين يقتلون في سورية ويدمرون، والثاني يتمثل في الحوار الذي له أوجه عديدة بينها ما يجري بين السوريين أنفسهم داخل المناطق والمدن والبلدات السورية، ما يعني المصالحات بين الحكومة ومختلف المسلحين في سورية الذين انضم العديد منهم إلى الحكومة ويقاتلون الإرهابيين.
لا جدال فإن من يرد محاربة الإرهاب بصورة جدية فعليه التنسيق مع الحكومة السورية وجيشها الباسل وليس المناورة بالأسلحة والإرهابيين والذرائع السياسية لتمييع ارتباكه ثم إن الرئيس الأميركي ترامب لا يحتاج إلى ذرائع ليترجم تصريحاته في محاربة الإرهاب وداعش إلى فعل بعيد عن الرغبات والأماني، ولعل الحضور الأميركي لاجتماع أستانة ثم جنيف يشكل فرصة أكثر من مناسبة للتعبير عن الإرادة الأميركية الحقيقية التي يسعى اجتماع أستانة إلى أن يكون بالجهد الروسي والبلد المضيف سياسيا ودبلوماسياً نافذة عبور إلى جنيف يمكن لدي ميستورا تلقف نتائجه وإضافتها إلى ما تكون لديه سابقاً وصولاً إلى الحل السياسي للأزمة في سورية وفقاً للقرار الدولي 2254 وتأمين تنفيذ القرار الأممي 2253 على أن تتمكن جهوده من تشكيل أرضية مناسبة إلى جانب الجهد الروسي الداعي إلى جبهة جماعية لمحاربة الإرهاب بغية القضاء عليه وتخليص العالم من شروره وأخطاره وهو ما تعمل سورية جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس الأسد على تحقيقه منذ نحو ست سنوات عجاف وأصبح يعي جانب مهم من العالم كم كانت تلك السنوات ظالمة بأكاذيبها الشريرة وباطلة بفبركاتها وأنها وصلت إلى طريق غير نافذ وتدفع ثمنها بشكل أو بآخر.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن