قضايا وآراء

أردوغان بين بوتين وترامب… إلى أين؟

| نجود حسن يوسف

لا يتوقف السلطان رجب طيب أردوغان عن سياسة الرهانات الخاطئة ومحاولة إقامة التحالفات لتحقيق أجندته الخاصة في المنطقة، فعندما وصلت سياسته تجاه الأزمة السورية إلى طريق مسدود، وأحس بالخيبة من سياسة الإدارة الأميركية السابقة، اتجه سريعاً نحو موسكو، مقدماً الاعتذار لها، على أمل أن يعطي هذا التقارب دفعة للدبلوماسية التركية، ويخفف عن حكومته الارتدادات الداخلية في مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري الفاشل. أدرك الرئيس بوتين لهفة أردوغان وما يفكر به، ولعله تطلع إلى تحقيق جملة من الأهداف، من أهمها محاولة خلق مسافة إن لم نقل تفكيك تركيا عن المنظومة الغربية بشقيها الأوروبي والأميركي، إذ إن مثل هذا الأمر يحتل مكانة إستراتيجية مهمة في سياسة بوتين وتطلعه إلى دور أقوى لبلاده على الساحة الدولية، كما أن بوتين أراد من وراء ذلك وضع حد لتورط تركيا المسلح في الأزمة السورية وخاصة أنه جعل من الأراضي التركية مقراً ومأوى للجماعات الإرهابية المسلحة.
ومن هنا جاء الحديث عن انعطافة في سياسة أردوغان تجاه الأزمة السورية، ولاسيما أن خسارته معركة حلب، كانت منطلقاً للتوجه نحو هدنة وقف إطلاق النار وصولاً إلى اجتماعات أستانا.
في الواقع، القراءة الدقيقة لما جرى للسياسة التركية خلال الفترة الماضية تضعنا أمام حقيقة، وهي أن إستراتيجية أردوغان لم تتغير إزاء الأزمة السورية، وإنما كان يمارس تكتيكاً أقرب إلى المناورة السياسية بحكم الظروف والمتغيرات، ولعل ما يكشف عن هذه المناورة جملة التصريحات والممارسات التركية منذ قدوم دونالد ترامب إلى سدة البيت الأبيض وتحديداً عقب حديثه عن إقامة مناطق آمنة في سورية والجوار، إذ لا بد للمراقب أن يلاحظ لهجة التصعيد الأردوغانية من جديد، وإصراره اليومي على القول إن القوات التركية ستتجه بعد الباب إلى منبج وصولاً إلى الرقة وكأنه يقدم أوراق اعتماده للإدارة الأميركية الجديدة، والتصريحات التي عادت تصب في نار التصعيد، إضافة إلى محاولة أردوغان إقامة تحالف وظيفي مع الدول العربية الخليجية وتحديداً السعودية وقطر على أمل مشاركة هذه الدول في إقامة مناطق آمنة وتمويلها.
وهو عندما يفعل كل ما سبق يحاول أن يقدم أوراقه للإدارة الأميركية الجديدة على أمل أن تحدث هذه الإدارة قطيعة مع سياسة باراك أوباما سواء تجاه الأزمة السورية كلها أم بخصوص قضية الدعم الأميركي لأكراد سورية.
وهذا ما يفسر الإصرار التركي على إطلاق تصريحات يومية على شكل رسائل للإدارة الأميركية، مفادها أن تركيا جاهزة للعودة إلى الدور الوظيفي في الإستراتيجية الأميركية والتحالف مع واشنطن من جديد حتى لو اقتضى ذلك انقلاباً على التقارب الذي جرى مع روسيا، وهو ما لا ينبغي أن يفاجأ به أحد ما دام أردوغان امتهن سياسة الرهانات الفاشلة والانقلاب على التحالفات، حتى على أقرب المقربين إليه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن