ثقافة وفن

مهرجان الشعر العربي.. يحتفي بيوم الشعر العالمي … زين الدين: العرب لا يحتاجون إلى يوم خاص بالشعر.. لأن تاريخهم يثبت أن الشعر جزء مهم من حياتهم

| سارة سلامة

«سجل انا عربي.. أنا اسم بلا لقب.. يعيش بفورة الغضب.. جذوري قبل ميلاد الزمان رست وقبل تفتح الحقب.. سجل أنا عربي»، هذا ما قاله محمود درويش الذي سعى لدى المنظمة الدولية «اليونسكو»، لتخصص يوماً عالمياً للشعر فاختير يوم الحادي والعشرين من شهر آذار يوماً عالمياً للشعر.
وإيماناً من وزارة الثقافة بأهمية الشعر ودوره الكبير في حفظ تراث الشعوب، أقامت الهيئة العامة السورية للكتاب بالتعاون مع اللجنة الفرعية لتمكين اللغة العربية وبرعاية من وزير الثقافة الأستاذ محمد الأحمد، مهرجان الشعر العربي وذلك في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق، بحضور نخبة من الشعراء والمثقفين والإعلاميين.
وشارك في المهرجان كل من الشعراء: «إبراهيم عباس ياسين، وبسمة شيخو، وثائر زين الدين، وسمير المطرود، وصقر عليشي، وليندا إبراهيم، ونزار بريك هنيدي، ووفيق سليطين، إضافة إلى مشاركة شعرية خاصة للشاعر الكبير شوقي البغدادي الذي أغنى المهرجان بحضوره.

الشعر يبعث الحياة
ألقى مدير عام الهيئة السورية للكتاب الدكتور الشاعر ثائر زين الدين كلمة نيابة عن وزير الثقافة حيث قال: «أشكر بداية الهيئة السورية للكتاب، ولجنة تمكين اللغة العربية، وخاصة أن اللجنة هي التي شاركت في الدعوة إلى هذا المهرجان، فهي ترى أن للشعر دوراً كبيراً في التمكين للغة العربية، ، أستطيع أن أقول: إن له دوراً مهماً جداً في تحديث اللغة وتطويرها وفي بعث الحياة فيها هذا من جانب، ومن جانب آخر إذا كان هذا اليوم هو يوم عالمي للشعر، فأعتقد أن العرب لا يحتاجون إلى يوم خاص للشعر، لأن تاريخهم يثبت أن الشعر جزء مهم من حياتهم، وأن الشعر كان الناطق الرسمي والشعبي والوجداني عن كل طموحاتهم، وأحلامهم، آلامهم وعثراتهم وكبواتهم».
وهذه الأبيات بعض ما جاء من القصيدة التي ألقاها زين الدين والتي جاءت بعنوان «مشاهد سورية»: المشهد الأول:
يزنر شيخ ضرير فتىً بحزام غريب ويصرخ اللـه أكبر
يوزع قائد أغربة لعناصره كاتمات بنادق قنص ويصرخ اللـه أكبر
وتزرع أم إلى جانب البيت زيتونة وهي تهمس اللـه أكبر

الأمل ما زال باقياً
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال الشاعر إبراهيم عباس ياسين: «تأتي أهمية هذه الاحتفالية لا من حيث المناسبة على أنها اليوم العالمي للشعر فقط، وإنما من حيث الظرف الراهن لنقول إنه وبالرغم من كل هذه الظروف المحيطة بنا، فإن الحضور والبقاء للكلمة الشاعرة لأنها تمثل الحياة وهي دلالة مؤكدة أن الحياة مازالت هي الأقوى».
وأضاف ياسين: إن «الأزمة تركت ظلالها على معظم النتاج الشعري المطروح على الساحة في الوقت الحاضر، مع ملاحظة أن القصيدة لا بد لها من وقت حتى تنضج وتختمر لأنها أولاً وأخيراً عمل إبداعي، فالشاعر ليس مراسلاً حربياً، ومع ذلك استمعنا إلى بعض النماذج الشعرية التي استطاعت أن تقارب هذا الحدث وتصور ما يدور بنا من مصاعب وآلام، إنما الأمل ما زال باقياً وكما قال الراحل ونوس: «نحن محكومون بالأمل دائماً».
وهذه بعض من الأبيات التي قالها ياسين:
قتلوك كم قتلوك كم من طعنة أدمت عيونك والشفاه
قتلوك باسم اللـه باسم الحور في الجنات
باسم اللات والعزة بأقوال الرغاة ومحكم الآيات
بالوجع المتوج بالحرائق
سمموا حتى ترابك والمياه
قتلوك.. قتلوك مرئياً ومخفياً سماوياً وأرضياً
نعم لكنهم لم يقتلوا فيك الحياة.

سنكون بخير
وبدورها قالت الشاعرة بسمة شيخو إنها: «شاركت بذكرى يوم الشعر العالمي بمكتبة الأسد، من خلال 4 قصائد اثنتان منهما كانتا انعكاساً مباشراً على الأزمة التي نعيشها منذ 6 سنوات وهما «زينوا المرجة»، و«سنكون بخير»، وأنا أستخدم «سنكون بخير» كتعويذة بأننا دائماً يجب أن نكون بخير»، مضيفةً «أما القصيدتان الأخريان فهما من الأنا الشخصية وتعكسان الظروف التي نعيشها، ولكن يكون التأثير فيهما غير مباشر لأن الشاعر يعد مرآة لمجتمعه ومهما كانت الظروف السائدة في المجتمع فقصائده ستكون حاضرة».
وفي قصيدتها التي جاءت بعنوان «سنكون بخير» قالت شيخو:
سأقص شعري.. سأقص شعري وأمحي ملامح وجهي
سأبلل صوتي وأعصره أغاني وتراتيل
سأقطف الأزهار الحمقاء من على شرفتي
أحطم أصصهم الجميلة وأنعيهم بقصيدة
سأنادي القراصنة ليبحروا داخلي بسفنهم الضخمة وأطرافهم الحديدية
لينهبوا كل ما يصلح ندبهم
سأصطاد الشمس وأركنها بعيداً ليتناولها الفقراء هناك كعكة من نور
أرمي حذائي أكسر القمر أحطم أسطورته وأجعله أقماراً كثيرة
سأخون كل المدن وأسكن البحر
سأترك القطارات تنتظرني ولن آتي
سأجمع الخطوات العالقة بالأحذية القديمة أحبسها ضمن سور عالٍ
بممحاة سأمحي الطرق وأترك الأبنية وحيدة
من جماجم صدئة سأصنع سلماً ارتفع به فوق أرضٍ من موتٍ ودمار
عالياً هناك سأتكون كجنين أغمض عينيّ اهمس لنفسي
سيتغير العالم سنكون، سنكون يوماً بخير

الوجع العنوان الأساسي
من جانبه قال الشاعر والعضو في اتحاد الكتاب العرب سمير المطرود: إن «مشاركتي اليوم كانت بقصيدة «ترتيلة جبل في ليل الاهتراء» وكانت المقدمة أيضاً من «ترتيلة شلال الوجع»، مضيفاً إن «انعكاس الأزمة السورية وجدناه دائماً في كل حرف من حروف القصائد التي قالها الشعراء، وكان الوجع العنوان الأساسي في قصائدي أيضاً».
وأوضح المطرود أن: «أهمية هذا المهرجان تأتي من تكريسه لحالة جديدة وأنه يرسل برسالة كبيرة إلى العالم أجمع وخاصة في هذا الظرف الآني لنقول لهم إننا الآن في قلب العاصمة دمشق بمكتبة الأسد الوطنية، نشارك في هذا المهرجان رغم أنف من يريد سوءاً بالشام وبأهل الشام، وإن هذه البلاد متجذرة في التاريخ والخيط الحضاري فيها مازال مستمراً وسيبقى مستمراً لأننا ورثنا سورية حرة عزيزة كريمة عن أجدادنا وكذلك سنورثها إلى أحفادنا حرة عزيزة كريمة».
وهذا بعض ما جاء في أبياته:
أنا لا أبيعك صاحبي أنا أشتريك
أنا لا أخونك صاحبي أنا أفتديك
وجعي ويا صوتي الذي في الآه في صدٍ ورد
يا عشق شلال التلال الحب هنّاك دمي
من بين أشواقي يديّ يفر من وجعي إليّ
يعاتب صمتي يعاتب الصمت في صمتي كي ترتضيني وأرتضيك
أنا لا أبيعك صاحبي أنا اشتريك».

التجلي الأسمى للكلمة
أما الشاعر صقر عليشي فقال: «إن سورية أصبحت عاصمة الشهداء وهذا شيء يحز في القلب وجميل أن نحتفل بيوم الشعر العالمي كعالم وكسورية، لأن سورية كانت دائماً رافداً مهماً للشعر من زمن التاريخ، وأطلقت للعالم الكثير من الشعراء الكبار المهمين الذين كان لهم الدور المؤثر والفاعل وأصحاب الكلمة الجريئة والكلمة النظيفة مثل: «بدوي الجبل، أدونيس، نزار قباني، نديم محمد، محمد الماغوط، وغيرهم الكثير».
وأضاف عليشي إن: «الكلمة كانت دائماً المدافع الحقيقي عن الإنسانية، والشعر هو التجلي الأسمى للكلمة، ويعتبر مدافعاً شرساً عن الحقائق وعن الضوء، مدافعاً يقف خلف المتراس دائماً بوجه الظلام وبوجه الظلامية»، موضحاً أنه «وعلى الرغم من قلة عدد القراء، نقول إن الشعر لا يزال بخير ومن الممكن أن يكون القراء قلوا ولكنهم قراء من ذوي الحساسية وقراء فاعلون ومهمون فالكثرة ليست مهمة إنما النوع يبقى أهم فعندما يقرأ قصائدي مثقف أو إنسان بحساسية خاصة فهذا فخر لي».
وهذه بعض الأبيات التي ذكرها عليشي:
شكراً لامرأة رميت أشعاري من رقتها
شكراً للوردة لم تخطئ برسائلها ألوان
شكراً للسماق على خد البنت تملص منه المعنى
شكراً للشهوة لم تتأخر عن السطوع في أشعاري
شكراً للأحلام وقد قادتني للسندس
شكراً للسندس وهو يفسر لي الأحلام
شكراً للوديان التي سالت

السلام على الشعر
أما الشاعرة ليندا ابراهيم فأحبت أن تلقي التحية على طريقتها الخاصة حيث افتتحت ما ستبوح به من شعر بالأبيات التالية:
السلام على الشعر مني.. على الشعر أذكى السلام.. على قامة من ضياء المعاني.. على مفردات من النور جئنا كدفق الغمام عليه.. على فيض نعمى يديه.. على الحرف كانت له الكاف بدءاً.. ونون الختام عليه السلام
وفي أبيات خصت بها رثاء ابن خالتها الشهيد قالت في قصيدة جاءت بعنوان: «وصية شهيد»:
يا رفاقي أزف الموت فحلوا لي وثاقي
والثموا روحي وقمصان جروحي وثيابي الداميات
وخذوني بيت أمي حضن أمي وادفنوا في وجهها الطاهر روحي
ادفنوني فيء ليمونة أرض الدار عطر الياسمين
واكتبوا هذا شهيد اللـه والروح توارى
والدم المهراق ملء الأرض يبكي وينادي
تابعوا بعدي دربي يا رفاقي
تابعوا بعدي دربي يا رفاقي

الشعر يصعق قلبي
وأيضاً من المشاركين الشاعر نزار بريك هنيدي وجاء في أبياته:
هو الشعر يعبر نافذتي مشعلاً كل هذه الحرائق في غرفتي
ثم يمضي كطفل بريء هو الشعر يصعق قلبي ويتركه غابة
يتصاعد منها الدخان ويمضي كسهم مجيب
هو الشعر يدهمني مع نسيم الصباح
يراوغني في الشوارع يجلس قربي على مقعد الباص
لكنه حين أبسط كفي حتى أصافحه يختفي في الزحام كلص جريء
هو الشعر هذا الذي قد يجيء وقد لا يجيء

هنا في الحياة
كما كان من المشاركين الناقد الدكتور وفيق سليطين من جامعة المنارة وهذه بعض الأبيات من إحدى قصائده:
كان أولى به أن يكون
بعض نهر ريشة في جناح
أو مهب الرياح
كان أولى به أن يسافر
بعض حائط هذا المجان
في أساريب عطر الغزال
ربما كان ينفض من نفسهِ نفسهُ
ربما كان يجلس بين الكهول
ويسوي الأمور ويقاضي الجهات
على كل ما فات منه
هنا في الحياة.. كان أولى به أن يكون قمراً عالقاً بالمياه
وأثنى الشاعر الكبير شوقي البغدادي على الأساليب الشعرية الحديثة ضمن النسق الشعري الجميل، لينتهي الملتقى بقصيدة صغيرة كتبها مؤخراً بلغة مجازية اختزل فيها حكايته مع الزمن بعنوان «بلاغة الحطب»:
اليوم لا حصرم ولا عنب
عيد القطاف انتهى ولا عجب
ليس سوى الذكريات
وفي ختام المهرجان وتصديقاً من الهيئة العامة السورية للكتاب بما للشعر من أهمية خاصة لا تخبو جذوتها مهما تقادمت الأيام، فقد قامت بتوزيع (100) عنوان من إصداراتها احتفاء بهذا اليوم على السادة الحضور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن