من دفتر الوطن

الحكم وشيوخ الحكام!!

| عبد الفتاح العوض 

يطل علينا القرضاوي هذه المرة من بوابة بيان يصدره «اتحاد علماء المسلمين» يدعو فيه للتصويت لتعديلات الدستور في تركيا والتي تأتي دعماً لأردوغان.
البيان يقول: «يدعو الاتحاد العالم للوقوف مع تركيا والتضامن التام معها.. وخاصة أن النظام الذي يدعو إليه أردوغان هو النظام الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية».
دعوني أقف معكم عند نقطتين:
الأولى: ما النظام الذي يتفق مع التعاليم الإسلامية؟ وهل هناك نظام حكم في الإسلام؟! أو هل حدد الإسلام نظام حكم معيناً؟!
النقطة الثانية: ما دور «وعاظ السلاطين» في خلق نموذج سيئ لتدخل الدين بالسياسة أو لجعل الفتوى الدينية في خدمة السلطان.
وأبدأ أولاً من القضية التي شغلت الكثير من المفكرين الإسلاميين ولم يتم الاقتراب من الموضوع إلا في مراحل متأخرة إذ كان الحديث سابقاً على أن «الخلافة» هي نظام الحكم في الإسلام ثم أصبح الحديث أكثر اقتراباً مع مقارنة أنظمة الحكم السياسية ومدى توافقها مع «الشريعة».. وليس مع «التراث».
ووصل مفكرون إسلاميون إلى قناعة مع براهينها بأن الإسلام لم يحدد نظام حكم معيناً، وأنه ترك هذا الموضوع على أنه من «أمور دنياكم». على حين مازال آخرون وهم من الإسلام السياسي مصرين على أن الإسلام سياسة ودين معاً.
لكن.. الرسول محمد صلى اللـه عليه وسلم لم يضع نظام حكم معيناً، وفي ظل الخلفاء الراشدين تعددت أساليب اختيار الحاكم فلو أن هناك نصاً محدداً في الشريعة الإسلامية يحدد أسلوب ونظام الحكم لكان أوضح ما يمكن أن يقوم به هو تحديد طريقة اختيار«الخليفة»!!
حتى إن «الخلافة» المستمدة من كلمة خليفة جاءت بعد أن وجد المسلمون أنفسهم أمام اللقب الذي يمكن إطلاقه على موقع من جاء بعد رسول اللـه صلى الله عليه وسلم.. فوقع الاختيار على خليفة.. وبالغ البعض أمام سيدنا أبي بكر الصديق فقالوا له: خليفة اللـه فرد عليهم: بل أنا خليفة رسول الله.. ثم لم يجد عمر بن الخطاب رضي اللـه عنه وقد جاء خلفاً لأبي بكر الصديق مبرراً لاسم خليفة.. خليفة رسول اللـه فتم اختيار لقب «أمير المؤمنين» وهو ما جرى أن تداوله من جاؤوا بعد سيدنا عمر.
المغزى.. ليس هناك نظام حكم محدد في الإسلام. وبالتالي فإن بيان اتحاد المسلمين ليس إلا دعماً سياسياً لمرجعية الإخوان المسلمين.. ومن هنا ندخل إلى النقطة الثانية التي تتعلق بدور وعاظ السلاطين الذين أكثر ما قدموه من إساءات للإسلام هو جعلهم له «خادماً» عند السلطان وعند الحكام.
فكرة الإسلام السياسي تجعل من الدين مطية عند السياسيين وهو جريمة تقترف بحق الدين، وهي النقطة التي ينبغي التركيز عليها ونحن نتحدث عن دستور سوري لعل أول ما يجب العمل عليه أن يؤكد مدنية سورية وعلمانيتها.. أقول: علمانيتها وليس إلحادها.
جميعنا يدرك أن هذا الموضوع شائك وفيه كثير من الآراء المتباينة ولا تستطيع هذه المساحة أن تصل فيه إلا إلى طرح مجرد عناوين عامة، لكن الفكرة أن الإسلام السياسي ما زال لديه مشروعه، على حين تغيب عن المشاريع الأخرى الأفكار البديلة.

أقوال:
• من جهل أقدار الرجال، فهو بنفسه أجهل.
• من استفهم وهو يفهم فهو طرف في الرياء.
• إن أهل الجنة كل هين لين سهل طلق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن