رياضة

الجيل الذهبي للكرة السورية

| محمود قرقورا

لطالما شغل بال جمهورنا الكروي التساؤل: أي الأجيال هو الجيل الذهبي للكرة السورية؟
وجهة نظري حيال هذا التساؤل ذكرتها في الصفحة الثمانين من كتابي (الموسوعة الكاملة، كرة القدم السورية في 65 عاماً) فقلت:
الكثيرون يرون ذلك في جيل الثمانينيات فهل لأن الإعلام وقتها نضجت صورته؟ أم لأن فارس الكلمة عدنان بوظو حينها أطلق صيحته؟ أم لأن بعض الأقلام الرائجة هكذا رأته؟
إذا كان جيل الثمانينيات هو الذهبي فهل ذلك بسبب وصوله للمحطة الأخيرة من تصفيات مونديال 1986 أو بوصوله لنهائي كأس العرب 1988 أو بتتويجه بذهبية المتوسط 1987 عندما غلب جامعات فرنسا وأولمبي اليونان، أم لأنه تأهل لنهائيات أمم آسيا فوق إيران بعد التعادل معها؟
إذا كان التعادل مع مصر والعراق بكأس العرب هو المعيار فمن حق جوزيف شهرستان ورفاقه 1973 اعتبار أنفسهم الجيل الذهبي لأنهم فازوا على مصر بهدفين، وخلال تلك الفترة البسيطة استطاع ذاك الجيل الفوز على مصر والجزائر وتونس وليبيا والسودان وركلات الحظ وحدها اختارت المغرب في كأس القنيطرة 1974.
إذا كانت وصافة كأس العرب هي المعيار فمن حق موسى شماس وحنين بتراكي وثرى أفاديس الطاهر الادعاء بأنهم الجيل الذهبي الأوحد للكرة السورية لأنهم حتى الساعة السوريون الوحيدون الذين توّجوا بذهبية الدورة العربية بعد تخطي المغرب وتونس عام 1957، ولا ننسى أن ذاك الجيل أذل العراق بعقر دارها بستة أهداف لاثنين ضمن تصفيات بطولة العالم العسكرية 1962.
إذا كان التعادل مع إيران هو الميزان فمن حق طاطيش المطالبة بنصب تذكاري لأنه صاحب هدف الفوز الوحيد بتاريخ سورية على إيران وأين؟ على الأراضي الإيرانية يوم كانوا الأبطال المطلقين للقارة الصفراء من أقصاها إلى أقصاها.
ومن حق لاعبي الجيش اليافعين 1980 الادعاء بأنهم الاستثناء يوم أجبروا إيران على التكلم بلغة غير الفوز في النهائيات القارية للمرة الأولى، ولا نتجاهل أن اليافعين وقتها حققوا فوزين وتعادلاً في نهائيات أمم آسيا، كما أنهم حلّوا ثالث العالم عسكرياً بعد عام!
إذا كانت وصافة كأس العرب 1988 هي الفيصل في حكمنا فسبق لآغوب وأفاديس وموسى أن انتزعوا إعجاب كل من شاهدهم يفوزون بالوصافة مرتين خلال ثلاث سنوات 1963 في لبنان و1966 ببغداد والثانية بعد محاباة تحكيمية للمضيفين، وبالتالي فإن جيل منتصف الستينيات هو الأحق بالسيادة والريادة.
إذا كان الوصول إلى أبعد نقطة في التصفيات المونديالية هو المعيار رغم الخسارة بهدف لثلاثة مع الرأفة أمام العراق، فمن حق لاعبينا خلال تصفيات مونديال 1993 التباكي لأنهم الوحيدون الذين خاضوا دور المجموعات من دون خسارة في التصفيات المونديالية بين كل أجيالنا!
إذا كانت ذهبية المتوسط جواز سفر للنعت بالذهبيين بمشاركة منتخب فرنسي مجهول وأولمبي يوناني مغمور، فماذا نقول عن أحمد الدوني ورفاقه المتوجين ببطولة غرب آسيا 2012؟
باختصار لا يوجد جيل ذهبي حقيقي للكرة السورية لكن الهالة الإعلامية التي أحيطت بجيل الثمانينيات مبالغ فيها مع احترامي لنجومية عديد ذاك الجيل، بدليل أنه ما من لاعب تخطّى حاجز السبعين مباراة دولية وتسجيل اثني عشر هدفاً دولياً!
هذا ما قلته قبل ثلاث سنوات ونيف وأضيف وفق المعطيات التي بين أيدينا على هامش مشاركة منتخبنا برحلة التصفيات المونديالية التي نحن بصددها بأن نوعية اللاعبين الحاليين في المنتخب هي الأفضل بتاريخ منتخبنا، وبإمكانهم تسطير السطر الأهم بتاريخهم، وما أجملها من لوحة لو اكتملت بالتأهل إلى نهائيات كأس العالم، فتبادل الفوز بهدف مع منتخب أوزبكستان والخسارة بهدف خلال 180 دقيقة مجموع المباراتين أمام المنتخب المونديالي الدائم كوريا الجنوبية، والفوز على التنين الصيني بعقر داره 1/صفر، والتعادل مع إيران سلباً كلها نتائج لم نحلم بها يوماً ما، فضلاً عن قوة الشخصية والحضور الذهني والبدني وكثرة الخيارات التي صنعها المدرب أيمن حكيم، وإذا كنا في السابق نحقق نتائج عابرة لافتة بمسابقة ما كان يعترضها خسارات مذلة تضيع معها بهجة تلك النتائج الإيجابية.
فعلى سبيل المثال قبل وبعد الفوز على مصر بثنائية جوزيف شهرستان ضمن كأس فلسطين بليبيا 1973 خسرنا أمام تونس في الدور الأول 1/4 وفي المباراة النهائية برباعية ساحقة.
وقبل وبعد الفوز على كوريا الجنوبية في نهائيات أمم آسيا بسنغافورة 1984 بقذيفة رضوان الشيخ حسن خسرنا أمام السعودية بهدف وأمام الكويت بهدف لثلاثة.
الآن نلاحظ الذهنية العالية والتركيز خلال دقائق المباريات كلها، فتلقينا هدفاً مبكراً في المباراة الأخيرة أمام كوريا الجنوبية لم ينل من شخصية اللاعبين، بل حاولوا التعديل بهجمات مرتدة من دون نسيان الواجبات الدفاعية فبقيت المباراة معلقة حتى صافرة النهاية.
أياً كان ترتيبنا مع نهاية التصفيات المونديالية، فواجبنا استقبال بعثة المنتخب استقبال الفاتحين، فهم بحق بسمة ومنتخب استثنائي يمكننا من خلاله رفع سقف طموحاتنا في نهائيات أمم آسيا المقبلة 2019 في الإمارات العربية المتحدة من خلال توفير ولو هامشاً بسيطاً من الإمكانات المطلوبة وهذا ما شاطرني به الرأي عميد كرتنا فاروق بوظو.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن