سورية

حذر من الممارسات الأميركية «الخطرة» على الأرض لأنها تهدف للحصول على «غوته سياسية» تفتح احتمالات التقسيم .. جاموس: إعلان البيت الأبيض «عقلانية سياسية» وموقف واشنطن لا يزال «ملتبساً»

اعتبر القيادي في «جبهة التغيير والتحرير» المعارضة، فاتح جاموس، أمس، أن إعلان البيت الأبيض رسمياً أن أولوية الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب ليست «إزاحة» الرئيس بشار الأسد، وإنما هزيمة تنظيم داعش الإرهابي يندرج في إطار «العقلانية السياسية»، لكنه حذر من أن موقف هذه الإدارة لا يزال «ملتبسا» وأن ممارساتها على الأرض «خطرة جداً» وتهدف إلى الحصول على «غوته سياسية» تفتح احتمالات تقسيم البلاد.
وبعد ما فسر البعض تصريحات لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نكي هيلي، الخميس الماضي، أكدت أن الولايات المتحدة لا تركز على «إزاحة» الرئيس الأسد، بأنه خلط للأوراق وإرباك للأطراف المعنية بالأزمة السورية، وعلى رأسها المعارضات السورية، أعلن البيت الأبيض الجمعة بشكل قاطع، أن ما عبر عنه تيلرسون وهيلي يمثل موقف الرئيس ترامب.
وفي تصريح لـ«الوطن» قال جاموس: «في كل الأحوال مهما كانت الدوافع الأميركية لاحقا، هذا استدراج يؤكد أن الأولوية لم تكن أبدا في سورية بإسقاط النظام، بل هي بالتأكيد لمواجهة الفاشية». واعتبر أن «أميركا لعبت على موضوع الفاشية ولا تزال تلعب على هذا الموضوع»، وأضاف: «حتى لو أن تركيزها الآن منحصر على هزيمة تنظيم داعش فموقفها لا يزال ملتبساً».
وأوضح جاموس، أنه «الآن وبسبب التدخل الروسي في سورية، وبسبب الدور العسكري للجيش العربي السوري وتضحياته، اتضح أن عملية الإسقاط مستحيلة، وبالتالي يجب اللعب في وقائع على الأرض وامتلاك وقائع إضافية من أجل غوته سياسية خطرة جداً ومن أجل فتح احتمالات على الأقل صيغ الأمر الواقع من أجل التقسيم».
وتصاعد الشهر الماضي التنسيق بين «قوات سورية الديمقراطية – قسد»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية مكوناً رئيسياً فيها، والتحالف الدولي بقيادة أميركا لإحكام عزل الرقة لبدء عملية تحريرها من داعش في الشهر الجاري، حيث وصلت إلى (قسد) معدات وأسلحة ثقيلة لدعم الحملة على الرقة. وأعرب جاموس عن اعتقاده، بأن «الممارسات الواقعية الأميركية على الأرض هي ذات أبعاد خطرة جداً حتى لو باعت كلاماً هو في درجة من العقلانية»، معتبرا أن «الوقائع خطرة جداً وتقرأ بأنها تسير باتجاه المزيد من التدمير على الساحة السورية».
وقرأ مراقبون الإعلان الرسمي للبيت الأبيض، بأنه «تحول مهم» في الموقف الأميركي من الأزمة السورية وأنه سينعكس إيجاباً على مباحثات تسوية هذه الأزمة.
وتعليقاً على تلك المواقف قال جاموس: إن الإعلان الأميركي «على أرض الواقع هو كلام حلو من زاوية العقلانية السياسية طبعا، واتضاح خطأ موقفهم بالأساس، ولكن على أرض الواقع أميركا الآن تحاول انتزاع وقائع خطرة جداً في شمال شرق سورية على الأقل وذلك من خلال علاقاتها مع الأطراف الإقليمية، ومنها الطرف التركي والطرف السعودي في بطن سورية وفي غوطة دمشق وفي الجنوب».
ورأى جاموس، أن «الطرف الأميركي الآن يهتم بأهداف أكثر خطورة وهي الإمساك بحصة سياسية أكثر خطورة، الإمساك بوقائع لن تدفع أبداً إلا باتجاه المزيد من التدمير»، وأضاف: «الأهداف الآن صحيح لا تتجه نحو تغيير السلطة ولكنها أكثر خطورة باتجاه ما نسميه وحدة الوطن والدولة ووحدة المجتمع والشعب».
وفي تعليقه على الرسالة التي وجهها المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا لأطراف المعارضة بعد الموقف الأميركي الجديد ودعاهم فيها بـ«لا تطلبوا البحث في مصير (الرئيس الأسد»، قال جاموس: «هي ستقرأ هذا التعليق كما طلب دي ميستورا وهي بالأساس قرأته، والأميركان طلبوا توحيد أطراف المعارضة المسلحة المعتدلة وأكيد سوف يستثمرون هذه الوحدة باتجاه أولاً هدف مواجهة داعش مع مواصلة اللعب على موضوع جبهة النصرة وعلى بقية التنظيمات من حركة الإخوان المسلمين وعلاقتهم بالطرف التركي وفرض أولويات فيما يتعلق بالأمور العسكرية».
ورأى جاموس أن أولوية الأميركان الآن هي «تثبيت الحلقة الكردية وتثبيت حلقة الحكم بين الطرف الكردي والطرف التركي والمزيد من ضم المجموعات المسلحة الفاشية من أجل اللعب عليها في المستقبل، والتغيير في المستقبل ربما صار هدفاً من الدرجة الثانية وستقرأ المعارضة هذا الأمر».
وتابع: «هذا لا يعني نهاية المعارضة إطلاقاً بالعكس تحضيرها من أجل غوته سياسية أكثر خطورة في المستقبل في سورية وأعتقد أنه يوجد شبه استحالة لها لأن التناقضات لا تزال صراعية في سورية».
وفرضت «غرفة العمليات العسكرية» التي تديرها «وكالة الاستخبارات المركزية» الأميركية (سي آي إي) والتي تسمى «موم» على جميع الميليشيات المسلحة السورية «المعتدلة» الاندماج في كيان واحد، في خطوة يُعتقد أنها ترمي إلى قتال «هيئة تحرير الشام» التي تضم تنظيمات بينها «جبهة النصرة» الإرهابية.
واعتبر جاموس، أن الوضع في سورية يسير باتجاه «الأسوأ سياسياً من زاوية السويات الحادة للحصص السياسية والعملية السياسية فما فعله الطرف الأميركي في سورية لن يتخلى عنه إلا بحصة سياسية كثيفة وهو غير مستعجل عليها».
ولم يستبعد قائد «وحدات حماية الشعب» الكردية سبان حو، في تصريحات نشرت مؤخراً توجه «قوات سورية الديمقراطية» بالتعاون مع ميليشيات في «الجيش الحر» وعشائر، وبدعم جوي روسي، إلى إدلب لقتال «النصرة» فيها بعد طرد (قسد) بالتعاون مع التحالف الدولي بقيادة أميركا داعش من مدينة الرقة خلال أسابيع من انطلاق المعركة في الشهر الجاري.
وإذا ما كان سيناريو تحالف الأكراد وروسيا يمكن أن يتم ويسير الطرفان في معركة لطرد «النصرة» من إدلب، على غرار التحالف القائم بين (قسد) وأميركا قال جاموس: «منذ وقت بعيد يرغب الروس بمثل هذه الخطوة وهم يرغبون جداً بتطوير علاقتهم مع الأكراد على الرغم من حساسية هذا الأمر ويعتقدون بأنه يمكن ضبطه كما يفعل الأميركيون حيث يقومون بعملية حكم ما بين الكردي والتركي، والروس يحاولون أن يقوموا بعملية حكم ما بين الطرف الكردي والسوري، ولكن الإشكال هو عند الطرف الكردي الذي له علاقة عميقة مع أميركا وبالتالي الحصة الروسية في هذا الأمر ستكون ضعيفة وإذا أقدم عليها الأكراد سيقدمون باعتبار أنها لوجستية لها علاقة معينة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن