من دفتر الوطن

نيسان شهر الأكاذيب.. والحب!

 | عصام داري 

شهر نيسان يحمل لنا بشرى الربيع، يفرش الأرض بالعشب والأزاهير، فيتمدد البنفسج في البساتين يلون بعض الزوايا، وتتمايل شقائق النعمان في الحقول لتعلن في هذه الأرض روت الدماء التربة فولدت الشقائق رسائل شغف وحب لوطن يعرف أن الدم يصبح ورداً وينتج حرية وكرامة.
في نيسان تخرج الأرض كنوزها الملونة، فتتعطر الأجواء بأريج الوردة الدمشقية ذات الرائحة الزكية، والياسمينة التي تهرهر نجيماتها البيضاء على شوارع العشاق، وربما وحدها دمشق التي تتشابك فيها حكايات العشاق فيها مع الأزاهير ونجيمات الياسمين، وأشجار الصفصاف والحور والكينا.
لنا في نيسان ذكريات وحكايات وأغاني عشق وهوى، من منا لا يعرف أغنية فيروز:
طل وسألني إذا نيسان دق الباب
خبيت وجي وطار البيت فيي وغاب
حبيت افتحلو
عالحب اشرحلو
طليت مالقيت
غير الورد عند الباب
الورد قرب باب الحبيبة، هي تحية بلغة الشذا والعطر، تحية عمرها، ربما، آلاف الأعوام، والورد رسائل العشاق على مر الزمن، ونيسان أبو مواسم الورد والأزاهير التي تشكل لوحات أخاذة على الأشجار الموزعة كفرقة موسيقية في الشوارع والحارات والأزقة. في نيسان تتجدد الحياة، ويورق القلب كما الورد، ليعلن انبعاث الحب من قلب الموت والنسيان.
المطر في نيسان مختلف عنه في بقية أشهر السنة، لأنه ينقي النفوس، ويسقي القلوب العطشى، وفي مأثورنا الشعبي يقولون: «مية نيسان بتحيي الإنسان» وهي كذلك.
لكن نيسان أيضاً شهر الأكاذيب التي يقولون: إنها بيضاء، وربما هي بيضاء من وجهة نظر من يعشق الكذب لكنها أكاذيب بطبيعة الحال باعتراف من يطلقها ومن يتبارى في بهرجتها.
وعلى مر مئات السنوات عرفت البشرية الكثير من الأكاذيب الطريفة، أذكر منها واحدة أطلقتها صحيفة بريطانية عام1746، إذ أعلنت أن معرضاً للحمير سيقام في الساحة الرئيسية للمدينة في الأول من نيسان، فذهب الناس إلى الساحة في الموعد المحدد ولم يجدوا سوى أنفسهم!!.
بعيداً عن الكذب الأبيض فإن الكذب الأسود والخطر مارسته دول عظمى لضرب استقرار دول العالم الثالث والرابع، ونستطيع منح الولايات المتحدة الأميركية أوسكار الكذب بلا منازع، فالكذب كان الوسيلة لتدمير دول مسالمة منها أفغانستان والعراق وسورية وقتل مئات الآلاف من البشر في أربع جهات الأرض، ولا ضرورة لتعداد أكاذيب الإدارات الأميركية المتعاقبة، فالعالم يعرفها جيداً.
ما يهمنا نحن، أن نيسان شهر الربيع والورد والأزاهير والحب الذي يتجدد كل عام، مع أنه حب دائم الخضرة ويعشش في الصدور والقلوب النقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن