من دفتر الوطن

«آنتي» اكتئاب

| عبد الفتاح العوض 

على ذمة منظمة الصحة العالمية فإن 300 مليون شخص يعيشون الآن في حالة اكتئاب! لا أدري كم عدد السوريين منهم؟ لكن بالتأكيد لدينا حصة مهمة من «الاكتئاب» والأمراض النفسية.
فكل منا حاز لقب «خبير» في الاكتئاب، وقد منحتنا الأزمة فرصة لتجربة هذا المرض، وهي الآن تمنحنا الفرصة للتكيف معه.
من الأشياء التي نقولها: إن الغرب مملوء بالأمراض النفسية، وبينما نحن في الشرق أصحاء نفسياً، وطبعاً لدينا تفسيراتنا أو تسويغاتنا لذلك.
ونقول أيضاً: إن الأغنياء يصابون بالأمراض النفسية أكثر من الفقراء، فقد تجد غنياً مكتئباً لأنه ليس «أغنى»، وتجد فقيراً سعيداً لأنه ليس «أفقر»!
أرقام الصحة العالمية لا تقول ذلك، ففي كل عام هناك 800 ألف منتحر، 78 بالمئة منهم في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل.
حتى التمايز بأسباب الموت له علاقة بالمال، فالأغنياء يموتون «بالقلب والسرطان»، على حين الفقراء يموتون بالإيدز والسل والتسمم، والنقص الغذائي!
السؤال هنا: كيف تعامل السوريون مع أمراضهم النفسية؟!
أسوأ ما في الأمر أن لدينا «بلداً» يحاول الانتحار لمدة سبع سنوات متتالية! وليس لدينا حتى الآن خطة وطنية لمنع «الانتحار»! ومعظم الشعب السوري لديه أعراض الاكتئاب ربما بنسب متفاوتة ومختلفة إلا أننا في وقت من الأوقات أصبنا بهذه الحالات وهذه الأعراض، لكن ميزة السوريين أن لديهم لقاحاً ضد الاكتئاب.
لا أدري إن كان دواءً روحياً أم وصفة شعبية، أو سحراً خاصاً، لكن الشيء المؤكد أن ما مرّ على السوريين لا شك أنه يؤدي إلى كل الأمراض النفسية، لكنهم بكثير من الثقة أستطيع أن أقول: إنهم يتغلبون على كثير من هذه الأمراض بطرقهم الخاصة.
ليس لدي تفسير علمي، ولم أستطع العثور على ما يؤيد ما أقوله نظرياً، لكن من الناحية العلمية من الواضح تماماً أن السوري لم يغرق في وحل الأمراض النفسية، على الأقل لم تصبح هذه الأمراض «مزمنة» وعصية على العلاج.
لو قلت لبرنامج «كمبيوتر»: لديك إنسان، في بلده حرب وفقد محبين وأقارب وأصدقاء، وتقطع الكهرباء معظم يومه، وانخفض دخله إلى أقل من العشر، وزادت أعباء حياته أكثر من النصف، فالشيء المؤكد أنه سيعطيك توصيفاً متشائماً لحاله وحالته.
لكن انظروا في وجوهكم ومن حولكم، فستجدون أن ثمة شيئاً من الآمال، ومن القدرات على تجاوز الأحزان.
لسنا في أحسن أحوالنا، وأعتقد أن ثمة أحزاناً مغطاة بقشور من الصبر والتصبر، وقلوبنا موجوعة، لكن لدينا ما يؤهلنا للتغلب على كل ذلك.
باختصار، نحن شعب ضد الاكتئاب!

أقوال:
• من خرج يبحث عن الحقيقة، حكم على نفسه بأن يبقى دائماً في الطريق. رسول حمزاتوف
• الاكتئاب ليس علامة ضعف، بل هو إشارة إلى محاولتك أن تكون قوياً لفترة طويلة جداً. سيغموند فرويد
• الاكتئاب غضب لم يتم التعبير عنه. جورج سانتايانا

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن